الروائية عبلة قدوار… حين تنطق المرأة بصوت المجتمع كله
من عمق مدينة بوسعادة التي عُرفت بسحرها وهدوئها، خرج صوتٌ أنثويّ يكتب لا ليصرخ، بل ليُفكّر… هي الروائية عبلة قدوار، من مواليد 20 جوان 1986، متحصلة على ماستر في الأدب الجزائري من جامعة المسيلة، وتشغل حاليًا منصب مستشار للنشاطات الثقافية والرياضية بالإدارة المحلية.
كاتبةٌ استطاعت أن تفرض حضورها الأدبي بثبات، بخمس روايات اجتماعية تمسّ جوهر الإنسان وتغوص في عمق المجتمع الجزائري دون أن تنفصل عن الواقع أو الأنثى التي تسكنها.
أعمالها الروائية:
1. قصة حياة في طي النسيان
2. اعتراف موجة
3. لحن الموت
4. بفارق يوم
5. السيلونة
كل رواية من هذه الأعمال تحمل همًّا إنسانيًا واجتماعيًا، وتعبّر عن رؤية الكاتبة التي ترى في الأدب النسوي صوتًا للتكامل لا للصراع، إذ تبتعد في كتاباتها عن الخطاب النسوي الصدامي الذي يحمّل الرجل مسؤولية ضعف المرأة، لتقدّم نموذجًا مختلفًا: امرأة قوية، واعية، فاعلة، تؤمن أن إصلاح المرأة هو طريق إصلاح المجتمع بأسره.
كتبت عبلة قدوار عن المرأة المجاهدة والصابرة في روايتها قصة حياة في طي النسيان، وعن كبرياء المرأة وتمردها على الألم في لحن الموت.
أما في اعتراف موجة، فقد فتحت بابًا على قضية “الحرّاقة”، محللةً الأسباب الاجتماعية والنفسية التي دفعت الشباب إلى الهجرة والمخاطرة بالحياة.
وفي بفارق يوم، تبحر في فلسفة الزمن والمصير، وكيف يمكن ليوم واحد فقط أن يُغيّر مصائر البشر.
غير أن روايتها “السيلونة” تُعدّ نقطة التحول الأبرز في مسيرتها الأدبية، حيث خاضت من خلالها تجربة جديدة في أدب السجون، مقدمةً سردًا مزدوجًا على لسان ميلود وياسمين — رجل وامرأة، يعيشان صراع الحقيقة والحرية كلٌّ بطريقته. الرواية تكشف الجانب الإنساني العميق خلف القضبان، وتضع القارئ أمام سؤالٍ حارق: من انتصر في النهاية؟ الألم أم الأمل؟
تتميّز لغة عبلة قدوار بالرصانة والصدق، فهي تكتب من رحم الواقع، تلامس القارئ لأنها تكتب عنه، وتغوص في التفاصيل لأنها عاشتها أو رأت انعكاسها في وجوه الناس.
ليست المرأة في نصوصها مظلومة ولا مثالية، بل كيان متكامل يجمع النور والظلال، الخير والشر، القوة والهشاشة.
ولعلّ ما يميّز تجربة الكاتبة أكثر، هو أن أعمالها الخمسة كانت موضوعًا للبحث الأكاديمي في مذكرات التخرج بجامعات الجزائر، المسيلة، وبسكرة، وحتى في دراسات الدكتوراه، وهو اعتراف ضمني بقيمة تجربتها الأدبية وعمقها الفني.
تقول عبلة قدوار في أحد لقاءاتها الأدبية:
> “كل شخصية كتبتها كانت مرآةً لي… مع ياسمين وأمل وأناغيم والزهرة، كنت أكتشف نفسي ومجتمعي في آنٍ واحد.”
وبين سطورها يتجلّى هذا الاكتشاف المستمر — رحلة أدبية وإنسانية من الذات إلى المجتمع، ومن الحكاية إلى الحقيقة.
بقلم: ناعم زينب جيهان