مرافئ الوهْم
كتبتُكَ في ليلٍ يتسرّبُ من شقِّ الفلكْ،
زرعتُكَ في صمتٍ يتفتّحُ مثلَ نايٍ
ويذوبُ على أعتابِ الشكْ،
أحببتُكَ لا لأنّي أردتُكَ،
بل لأنَّكَ كنتَ المرآةَ التي تكشفُ
ظلَّ الملاكْ.
خذلتني المنافي،
وأنتَ تقيمُ في جسدي
كما يقيمُ الرمادُ في حضنِ حطبْ،
تنامُ وفي عينيكَ فضاءاتُ غيم،
وأنا أسهرُ في جبهةِ الليلِ
أقطفُ موتي كما يقطفُ الجائعُ
حَبَّ الهلاكْ.
أيّها الطيفُ،
ألستَ نبيًّا يُعلّمُني كيفَ يُخفي الوهمُ جرحَهُ
في ثوبِ مَلَكْ؟
ألستَ الذي ألقى على روحي قميصًا
فأبصرتُ في الظلمةِ
حدائقَ ضوءٍ
تسافرُ من أعمقِ الشركْ؟
كفاكَ فُرقةً،
فالبُعدُ نارٌ بلا ماء،
والشوقُ محكمةٌ
لا ينجو منها بشرٌ أو مَلَكْ،
أما دريتَ؟
أنَّني أحيا بكَ
وأنَّني أُصلَبُ حينَ تتركني
فوقَ خشبِ الفقدِ
مُعلّقًا بينَ السماءِ وبينَ الهلكْ
د. زبيدة الفول