يا أيها العمر، كيف تمر؟
“أكرم أباك وأمك” — إحدى الوصايا العشر.
ننسى أنفسنا، ولا ننسى أهلنا في خضمّ الحياة. نزورهم، نودّهم، نحترمهم، ثم يرحلون.
الأيام تمرّ، العائلات تنمو، والتاريخ يعيد نفسه بشكلٍ مختلف. كلّ فرد أصبح أربعة، أو خمسة، أو أكثر.
نجتمع فيملأ البيت فرحًا، والأطفال صخبًا.
وحين يكبر الأحفاد، يُقدّم الآباء لهم ما عجزنا نحن عن تقديمه لأبنائنا.
الأيام تغيّرت، العولمة أخذت مكانها، التقاليد انطمست، لكن الاحترام ما زال موجودًا.
غير أنّ الاحترام بلا حضور… ناقص.
زيارة هاتفية لدقيقة أو أكثر: “إنه مشغول، إنها مشغولة… بابا، نتواصل لاحقًا.”
لكن “لاحقًا” هذه قد تأتي بعد يوم، في التحية الصباحية التالية، حيث يصبح الفرق الزمني الذي لا يتعدى ٢٤ ساعة، فراغًا عاطفيًا عمره سنة ضوئية…
هذا إن كان الأبوين، أو أحدهما، باستقلال مادي.
أما إذا كانا بحاجةٍ إلى دعم أولادهما، فالعبء يصبح في تفكير الأبناء، ولو كان المبلغ المقتطع للأهل أقلّ بكثير من مصروف أحد الأحفاد.
رأيتُ مرةً رسمًا لم يُدهشني:
في صغرهم، يشدّ الأطفال أمّهم إلى صدورهم ويُبعدون إخوتهم عنها،
وفي شيخوختها، يدفعها كلٌّ منهم إلى الآخر بعيدًا عنه.
الشيخوخة — لمن يتمتّع بصحةٍ جزئية — قد تكون نعمة وراحة.
يعيش المسنّ مستقلًا، في بيته، بحرّيته، خاصّةً إذا كان مكتفيًا ماديًّا، ولو بنقصٍ في العاطفة أو فراغٍ من أحبابه الذين أنجبهم وربّاهم.
الحياة ليست ظالمة.
نحن نصنعها بأيدينا، ونتكيّف مع تقلباتها،
كي نستمرّ بما تبقّى لنا من صفاء العقل وسلام النفس وصحة الجسد.
ملفينا توفيق أبو مراد
عضو اتحاد ألكتاب اللبنانين
٢٠٢٥/١١/٤



















