حينَ هَرَبَتْ مِنِّي السِّنِينْ
حينَ هَرَبَتْ مِنِّي السِّنِينْ،
وأَثْقَلَ قَلْبِي الحَنِينْ،
وَتَاهَتْ خُطَايَ عَلَى دَرْبِ حُزْنٍ،
وَغَابَ صَدَى الفَرَحِ الدَّفِينْ.
نَادَيْتُ لَيْلِي،
فَمَا جَاءَنِي صَوْتُهُ،
وَسَافَرَ فِي الدَّمْعِ حُلْمٌ بَعِيدْ،
وَبَاقِي الأَغَانِي تَبِيضُّ عَلَى الشُّرْفَةِ،
وَتَمْضِي كَطَيْفٍ يُعَانِقُ لَحْظَاتِ صَمْتِي.
كُنْتُ أُغَنِّي لِوَجْهِكِ،
وَالنَّجْمُ يَهْرَبُ مِنِّي،
وَكُنْتِ الحَنِينَ الَّذِي لا يَزُولْ،
تَرَكْتِ عَلَى قَلْبِيَ الْمَطَرَاتِ،
وَرِيقَ الحَكَايا، وَعِطْرَ الفُصُولْ.
يا مَنْ سَكَنْتِ دِمَائِي،
كَيْفَ أُخْرِجُ نَبْضَكِ مِنِّي؟
كَيْفَ أُقَنِّعُ ظِلِّي
بِأَنَّ الرَّحِيلَ نِهَايَةُ حُبٍّ؟
وَأَنَّ الغِيَابَ وُجُودٌ جَدِيدْ؟
رُدِّي لِيَ اللَّحْظَاتِ الَّتِي ضَاعَتْ،
وَالنُّورَ الَّذِي كَانَ يَمْلَأُ عَيْنَيْكِ،
فَقَدْ تَعِبَ القَلْبُ مِنَ البَحْثِ،
وَصَارَ الحَنِينُ زَادَ المَسِيرْ.
وَالآنَ…
لَا شَيْءَ يُوجِعُنِي غَيْرُ صَمْتِي،
وَلَا شَيْءَ يُؤْنِسُنِي غَيْرُ ذِكْرَاكِ.
تَعَلَّمْتُ أَمْشِي عَلَى ضَوْءِ غِيَابِكِ،
وَأَبْتَسِمُ لِوَجْعِي كَمَنْ يَفْهَمُهُ.
فَإِنْ عَادَتِ السِّنِينُ،
سَأُرَاوِدُهَا عَنِ البَقَاءِ…
وَلَكِنْ، دُونَ أَنْ أَنْتَظِرَ أَحَدًا.
سعيد إبراهيم زعلوك


















