الشاعرة السورية سهام السعيد في حوار مميّز في مجلّة أزهار الحرف، تحاورها من قبرص د. جيهان الفغالي
الكاتبة سهام السعيد ، من سوريا، صوت أدبيّ حمل شغفه بالكلمة منذ الطفولة. لها كتابات في القصّة والشعر والمقالة، تنقّلت بذلك بين الأجناس الأدبيّة بثقة وإبداع. عضو في ملتقى الشعراء العرب في مصر حيث طُبعت أعمال لها في دواوين مشتركة من قبل ملتقى الشّعراء العرب.
تمّ تصنيفها من قبل مجلة أزهار الحرف المصرية ضمن مئة امرأة مبدعة على مستوى العالم. تشارك إبداعاتها في العديد من الصحف والمواقع المحليّة والعربيّة، سالكة درب الفنّ العريق، حملةً رسالتها الأدبيّة والإنسانيّة.
١. مررتِ بظروف صعبة وظلمٍ أثّر على مسارك… كيف
استطعتِ تحويل الألم إلى مصدر قوة وإبداع
ب- بدايةً أرحّب بك دكتورة جيهان وأشكرك على مقدّمتك الرّاقية وكلماتك الطّيّبة.
النّجاح لا يأتي وليد مصادفةٍ …بل يحتاج إلى إصرارٍ ودأبٍ متواصلَين…وبلوغ الرِّغاب لايكون إلّا بالبذل والكفاح(لن تبلغ المجد حتّى تلعق الصّبرا) …ولأنّ جذوة الطّموح لم تنطفئ في نفسيَ يوماً….ركبت الصّعاب…وتحدّيتُ العوائقَ …ومازلتُ..لم ينطقئ شغفي بالتّميّز ..ولن يخبوَ أبداً…بل يزداد كلّما صُهِرَتْ شخصيّتي بدروس الحياة.
إيماني بأنّ السّوداويّة أمّ الإبداع جعلني أحوّل التّحدّيات إلى قارب نجاة للتّحليق في آفاق مشرقةٍ بعيداً عن كلّ المنغصّات …
الحروب الّتي أثقلت كاهل وطني؛جعلتني أُطوِّعُ الحرفَ للتّعبير عن مكنونات نفسي..والخروج من ركام المعاناة إلى عوالم الثّقافة والأدب ..حرفي الّذي جعلني أتحدّى المستحيل…وأصوغه فكراً يتجاوز الحدود الجغرافيّة …ليكون صلة وصل مع كلّ أنحاء العالم…حرفي هو مصدر قوّتي وفخري…إذ كان ومازال سلاحي الّذي يحميني من الاستسلام للواقع…ويجعلني أسير في دروب الحياة واثقةً غير آبهة لاشتداد العواصف …..
٢.ما الذي ضاع منك نتيجة الظروف الصعبة التي مررتِ بها، وكيف تعملين على استعادته؟
-ضاع منّي الكثير
إنصاف قدراتي وطاقاتي في واقع اللّاعدل…سنواتٌ من العمر طحنتها رحى الحرب وتوابعها الّتي قيّدت الكثير من الخطوات …فباتت الكثير من الأحلام برسم التّأجيل…الكثير من الأحلام كانت مؤجّلة …ولكن لم تكن يوماً برسم التّخلّي …بل زاد إصراري على الثّبات والاستمرار ..وبقي حرفي حاضراً.
٣. هل تأثير الاوضاع في سوريا حافز للشعر ام مثبط للهمم؟
-بالتّأكيد كانت الأوضاع حافزاً للكتابة …ومُحرِّضاً لها…فالنّضال لايكون بالبندقيّة فقط…بل بالكلمة الصّادقة الواعية…وهذا ما أكّدْتُه في مقالةٍ لي تناولَتْ أدب المقاومة بعنوان (عندما يحمل الشّعر بندقيّة)..ومهمّة الأديب تصبح مسؤوليّةً عندما تتوجّع الأوطان..والكاتب الحقّ هو الّذي يحمل هموم أمّته وهواجس مجتمعه..وهذا نراه جليّاً في قول نزار قبّاني:
حملْتُ شعري على ظهري فأتعبني
ماذا من الشّعر يبقى حين يرتاحُ
٤.هل ترين أن الكتابة بالنسبة إليكِ قدرٌ يولد مع الإنسان، أم هي قرارٌ واعٍ يتّخذه في مرحلة ما من حياته؟
-هي قدرٌ وملَكةٌ من اللّه تعالى..فليس كلّ من قرّر الكتابة أفلحَ…لكن لابدّ من صقل هذه الموهبة بالمطالعة أوّلاً…والغوص في نِتاج الأدباء الكِبار..والنّهل من معينهم…وتبقى الكتابة مرآة ذاتِ الأديب…تروي شغفه وتُبلسمُ جراحه وتُخلّد انتصاراته…وهي بالنّسبة لي عالمي الأرحب البعيد عن المتناقضات الوجوديّة..ألجأُ إليها ففيها شاطئ أماني وسَكينتي.
٥.طُبعت نصوص لكِ في دواوين مشتركة، ماذا أضافت لك هذه المشاركة الأدبيّة على المستوى المهني؟
-اختيار نصوصي من قبل ملتقى الشّعراء العرب في مصر لتكون ضمن دواوينَ مشتركة ؛نقطة مضيئة ومشرّفة على المستوى المهنيّ..وجسر تواصل ثقافيٍّ وفكريٍّ مع أدباء من مختلف بلدان العالم ..أرحّب بفكرة الاندماج الفكريّ والتّواصل المعرفيٍّ…وأثمّن عالياً ثقة الملتقى.
٦.ما هي التحديات الكبرى التي تواجه المرأة الكاتبة في العالم العربي اليوم برأيك؟
-مع الانفتاح الثّقافيّ ..وفي رحاب العالم الافتراضيِّ..باتت نوافذ الإبداع مفتوحةً أمام المرأة الكاتبة ..والمرأة العربيّة بوعيها وثقافتها وتوثُّب مطامحهاقادرة على إثبات ذاتها …تخليد اسمها..ولكن للأسف الواقع العربيُّ المعقّد بما فيه من حروبٍ وويلاتٍ..جعلتِ التّحدّياتِ كبيرةً ليس فقط على المرأة الكاتبة ولكن على الإنسانيّة جمعاء .
وتبقى المرأة العربيّة المثقّفة مثالاً يُحتذى وحاملةً لواء الكلمة الحرّة.
٧.ما الرسالة التي تودّين توجيهها إلى الكتّاب الجدد،والتي كنتِ تتمنّين لو انّ أحدًا قالها لكِ في بداياتك؟
-أودّ أن أؤكدَ لهم بأنّ الكتابة مسؤوليّةٌ إنسانيّةٌ وأخلاقيّةٌ..وعلى الأديب أن يتسلّح بكلمة الحقّ البنّاءة..أن يرسّخ
القيم من خلال كتاباته…أن يسلّط الضّوء على أوجاع مجتمعه ويسعى إلى علاجها من خلال وعيه..ولن يتمكّن الأديب من إثبات ذاته إلّا من خلال الإكثار من القراءة في مختلف أصناف الأدب والاطّلاع على الأدب الجيّد عربيّاً وعالميّاً…فالإبداع لاحدود له.
٨.لقد تمّ اختياركِ ضمن مئة امرأة مبدعة على مستوى العالم من قبل مجلة “أزهار الحرف” المصرية. كيف أثّر هذا التصنيف في مسارك الأدبي؟
-تصنيفٌ أفتخر به وأعتزّ
حمّلني مسؤوليّة تطوير الذّات …والسّعي الدّائم لأن أكتسب المزيد من الخبرات ….أن أكون السّبّاقة لرسم الإبداع بأبهى صوره …أن أكون المرأة المُلهمة الّتي تكافح في سبيل الاستمراريّة….لتثبت للعالم أجمع أنّ الإنسان إذا أراد نال…وإذا صمّمَ حقّق…وإذا اجتهد فاز .
٩.برأيك، ما الذي يحتاجه الكاتب اليوم في زمن المنصّات الرقمية، كي يصل بصوته إلى القارئ العربي؟
-للمنصّات الرّقميّة إيجابيّاتها وسلبيّاتها..الإيجابيّات تكمن في سهولة الوصول؛وسرعته..لكن السّلبيّات تتجسّد في كثرة المرتادين وتفاوت مستوياتهم.
يحتاج الكاتب اليوم أن يواظب على تطوير ذاته …وتثقيف نفسه…والبحث عن النّصّ الجيّد …والتّسلّح بالكلمة الواعية والبعد عن السّطحيّة في الطّرح …أن يحتضن الواقع..ويتقن الغوص في النّفوس …ويرصد الأوجاع ويتقن بلسمتها ..أن تكون كلماته نابعة من كلّ نفس …ملامسة لكلّ قلب ..معبّرة عن كلّ روح..
١٠.ما مشاريعك الأدبيّة والمهنيّة القادمة؟
-الآن وبعد الانتهاء من الحرب في وطني سوريّا…أسعى كي أساهم في مشروع تعافي لبلدي من خلال كلمتي …وعملي أن تكون أعمالي سبّاقةً في مجال البناء الفكريّ …والتّماسك المجتمعيّ…ومواصلة السّير قدما في طريق الأدب…والمشاركة البنّاءة في النّشاطات الثّقافيّة …وسيبقى تطوير ذاتي…و تثقيف قلمي مشروعي الأهمّ.
١١.ما رأيك بالملتقيات الأدبيّة وتحديدًا ملتقى الشعراء العرب ومجلّة أزهار الحرف؟
-باتت الملتقيات الأدبيّة رافداً مهمّاً للسّاحة الثّقافيّة…وميداناً واسعاً استقطب قاماتٍ أدبيّةٍ أثبتت تميّزها كما وساهمت في تعزيز التّواصل الفكريّ وتمكينه …
إنّ ملتقى الشّعراء العرب برئاسة الأستاذ الأديب ناصر رمضان واجهةٌ مشرّفةٌ للأدب….احتضن الأدباء من مختلف البلدان…وجمع المثقّفين في بوتقته…واستطاع من خلال نشاطاته المميّزة أن ينشر ألقه في كلّ الجهات.
لقد أثبت الأستاذ ناصر رمضان من خلال رقيّ تعامله ..و انفتاحه أنّه الربّان الماهر للملتقى ..إذ قاد سفينته نحو شواطئ التفرّد والانتشار…
أمّا مجلّة أزهار الحرف فقد كان لها الدّور الكبير في تقديم الأدب الرّاقي …والفكر النّيّر …والتنوّع الجميل ..وكان لها من اسمها نصيب فقد قدّمتْ أعمالاً أدبيّةً مميّزةً…فاح عطرها في رياض الأدب …كلّ الشّكر والتّقدير للقائمين عليها ..
وأعتزّ بأن تكون حاضنة لكتاباتي ..


















