خاطرة
رحمة أب/ سامح محمد محمود حامد
إنَّ قلمي يكادُ من إعظامِه للأبِ أن ينحني تعظيماً واحتراما،
إنَّ الأبَ نعمةٌ كبرى،فأبي لمْ يعلمْني أن أعملَ،ولكنْ علمَني كيف أنظرُ إليه وهو يعملُ ويكدُّ،فعندما يفرُغ من عملِه الشَّاقِّ، يرجع إلى بيتِه، وما إن يراني حتى يبتسمَ، وذراعُه ممدودةٌ، فأُلْقي بنفْسي بين يديه بكلِّ قوة؛ كأنّي صخرةٌ انحدرتْ عليه من قمةِ جبلٍ،وهو يضْحكُ، ويقبلني وينْظرُ إليَّ نظراتٍ جميلةٍ،كأنَّ عينيهِ فمانِ يبتسمانِ،إلى جانبِ ثغرهِ الضاحكِ، يا أيَّتُها الإنسانية كلُّها، منْ لي بنظرةٍ واحدةٍ منْ نظراتِ أبي المُجَنْدَلِ تحتَ الترابِ.إنَّ العربيةَ كلَّها بكلِّ معانيها وألفاظِها لتقفُ عاجزةً أنْ تعبِّرَ عن المشاعرِ الإنسانيةِ بينَ أبٍ وابنِه، فواللهِ إن أبي لهو الحنانُ متجسِّدا في صورةِ إنسانٍ يمشي على الأرضِ.
فكأنه جاء إلى الدنيا لأداء مهمة لأجلي وما إنْ تمتْ المهمةُ حتى رحل في صمْتٍ ،لم يردْ جزاء ولا شكورا،كأنَّه ظهرَ على مسرحِ الأحداثِ لأداءِ دورٍ بعينه، حتى إذا قام به أُسْدِلَ عليهالستارِ.


















