زينب الحسيني، كاتبة وناقدة لبنانية، ولدت في قرية شمسطار البقاعية، حيث صقلت الطبيعة حبها للجمال والإبداع منذ نعومة أظافرها. تربت في بيت شاعري، مع والد عاشق للأدب، وزوجٍ أستاذ أدب وناقد، ما جعل الأدب والشعر جزءًا من نسيج حياتها. حصلت على ليسانس تعليمية في الرياضيات بدرجة تميّز، ومارست التعليم كرسالة إنسانية، لكنها لم تتخلَّ عن شغفها بالإبداع الأدبي، فكتبت الشعر والنثر، ونقدت النصوص بإحساس عميق ووعي ثقافي. أصدرت أعمالًا بارزة مثل ديوان “رؤى وأحلام” وكتابها الإلكتروني “وميض متاهات”، وشاركت في مجموعات ومجلات أدبية مرموقة، مقدمة قراءات نقدية ونصوصًا تعكس تجربة غنية وثقافة رصينة.
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها جميلة بندر
___________________
1.ولدتِ في قرية شمسطار البقاعية، كيف شكل جمال الطبيعة في قريتك حبك للأدب والشعر منذ الصغر؟
-وهل هناك أجمل من الطبيعة لتخيل الصور
وتذوق جمال الورد وشذاه، وتأمل خضرة السهول وقمم الجبال وبياض قممها في الشتاء….واللعب بكرات الثلج مع الرفقاء…؟
كنت أحس أن تذوق الشعر والأدب بكل ما فيه من جمال ورهافة؛ يحاكي الطبيعة التي خزنت صورها في ذاكرتي وفي اللاوعي،
لذا كنت بارعة منذ الصغر بإلقاء القصائد
وأحببت الكتابة كي أصف احاسيسي الباطنية و أعبر عنها بطواعية. و كل ما خزنته في داخلي عاد للظهور لاحقا وساعدني في كتاباتي الأدبية والشعرية…
2.كان والدك شاعرًا، وزوجك أستاذ أدب وناقد؛ كيف أثر هذا الوسط الثقافي على تكوينك الأدبي والنقدي؟
_، والدي هو الشاعر المرحوم علي حسن الحسيني، برع في نظم كل أشكال الشعر العامي وأتقن المزج بين العامي والفصيح مزجا جعل من شعره فنا إبداعيا مبتكرا متميزا، كان له شديد الأثر في تشكيل ذائقتي بالشعر والأدب، وكنا نستفيق صباحاعلى صوته وهو ينشد اشعاره وأشعارا لكبار الشعراء العرب القدماء والمحدثين… وكان مولعا بكبار الشعراء العرب أمثال المتنبي وابن الرومي وأبي نواس…
كما كان ذا ثقافة نوعية متنوعة؛ خاصة في الفلسفة والطب. ومن حسن حظي أن زوجي
“قاسم ابراهيم” هو أستاذ أدب عربي متخصص في النقد الأدبي وذواقة
للشعر والأدب الراقي، تابعت معه دراسة النقد لكبار النقاد العرب أمثال جورج طرابيشي ، غالي شكري، كمال بو ديب ود.يمنى العيد، هذا بالإضافة إلى اطلاعي على المنهج البنيوي ومناهج ما بعد الحداثة كالتفكيكية والسيميائية والمناهج النفسية والاجتماعية و نظرية التلقي؛ وقد أعجبت برولان بارت و دريدا.
ثم إنني تابعت لسنين، حلقات نقدية في مجموعات مرموقة كمؤسسة المختار الثقافية وتأثرت وتعلمت من الناقد المصري الموسوعي الأستاذ أحمد طنطاوي وغيره من النقاد البارعين والمعروفين في الساحة العربية، وعلى سبيل المثال لاالحصر اذكر الناقد الكبير الأستاذ الرزاق الغالبي صاحب النظرية النقدية الذرائعية بمعية
الناقدة الفذة د. عبير يحيى خالد.ومع هذا أرى أن النقد الإبداعي
لا يتحقق فقط بالتعلم؛
وإنما بحنكة الناقد وخبرته ومعرفتة الغوص في عمق النص وتفكيك دلالاته ورموزه وكافة أبعاده بحذاقة ومنهجية وموضوعية…
3.رغم دراستك التعليمية في الرياضيات، لم تتخلّي عن الأدب والشعر، كيف استطعت الجمع بين العلم والفن في حياتك؟
_وهل أتخلى عن شغفي
الأول بالشعر والادب؟!
بالطبع أخذ تعليم الرياضيات من وقتي وجهدي وصحتي الكثير، لأني مارست مهنة التعليم بشغف وحب، فأنا أرى في التعليم رسالة سامية وصفها شوقي قائلا:
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.
لكنني بالإضافة لمهنتي
كنت أتابع انا و زوجي قراءات فلسفية سيكولوجية وقراءات شعرية ونقد أدبي في صحف ثقافية معروفة في لبنان والعالم العربي.
4.ذكرتِ أن ظروفك الخاصة وظروف لبنان حالت دون احترافك للشعر، كيف حافظتِ على ممارسة الشعر كهواية ووسيلة للتعبير الشخصي؟
-القصة بسيطة جدا؛ كنت أمارس كتابة نصوص أدبية وشعر حديث واحتفظ بها، لكن لم يتسن لي نشرها
لأسباب لا أود ذكرها هنا.
كتبت قصة قصيرة بعنوان
” دماؤنا تنتظر السلام” أوجزتهالاحقاونشرتها
في أكثر من مجموعة،
وكتبت بعدها قصصا عديدة شاركت فيها بكتب ورقية مع ادباء
وشعراء عرب.
ثم ركزت اهتمامي على
الشعر والقراءات النقدية حيث ازدادت خبرتي في النقد وبدأت
أمارسه بشغف فأفادني في تنميق البنية الفنية
واللغوية لنصوصي وقصائدي الشعرية لاختيار الأفضل.
5.هل يمكنكِ الحديث عن بداياتك في كتابة النصوص النثرية والقصص القصيرة؟ وما الذي ألهمك للانتقال من الشعر إلى النثر أو العكس؟
-أعتقد أن الإجابة هنا، قد ورد ذكرها في السؤال الرابع.
فقط اريد ان أضيف أنني منذ صغري ، كنت متميزة في اللغة العربية وقواعدها، وكنت أكتب مواضيع “إنشاء”ينوه بها أساتذتي بأنها كانت مميزة ونموذجية.
6.لديكِ تجربة طويلة في النقد الأدبي وتصحيح النصوص، ما الذي جذبك إلى هذا الجانب من الأدب؟
-باختصار؛ الذي جذبني إلى ممارسة التدقيق ونقد النصوص في
المجموعات، هو شغفي بالتعليم وحبي للفائدة العامة. كما أني تميزت بفكر نقدي لكل ما حولي من قضايا بالإضافة إلى شغفي بالرياضيات وهو العلم
القائم على الإستقراء والإستنتاج، وله علاقة بالفلسفة وبالجدل…
أو ليس النقد التفكيكي وغيره من القضايا النقدية عملا يقوم على الإستقراء والإستدلال؟
ومن ثم الإستنتاج من أجل صوغ رؤية موضوعية لتقييم النص، بغية انتقاء نصوص إبداعية مميزة؟؟
7.عملتِ في مجموعات فيسبوكية عديدة مثل “المختار الثقافية” و”تغريدات نخلة”، كيف أسهمت هذه التجارب في صقل رؤيتك الأدبية والنقدية؟
– والله كانت هناك علاقة جدلية بين تجربتي ورؤاي وبين
– تجارب هذه المجموعات؛ فقد تعلمت الكثير من تجارب غيري من
– النقاد والشعراء المبدعين، ورفدت
– هذه المجموعات بكثير من العطاء وابتكار الرؤى ، التي
– كان هدفها نشر الأدب الراقي وتشجيع الأدباء والشعراء توخيا لادب إبداعي رصين، بغية تنوير الجيل الجديد
– وتسليحة بثقافة نوعية حداثية في مختلف المجالات
الأدبية والثقافية…
وقد شاركت في مؤسسة المختار الثقافية بحوارات للنقد المنهجي بإدارة
نقاد مبدعين كبار، سأكتفي بذكر الناقد الموسوعي المبدع الأستاذ أحمد طنطاوي مع احترامي لجميع النقاد الآخرين..
– في صفحة تغريدات نخلة كنت رئيسة لرابطتها لوقت غير قليل، ونشرت العديد من قراءاتي النقدية
– في “مجلة تغريدات نخلة”
– وفي كتب عديدة
– ل”منصة النقد” . وكان في الرابطة العديد من الناقدات والنقاد
– الأكاديميين البارزين
– اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :
– الناقدة والباحثة الأستاذة سامية البحري، الشاعر والناقد د.وليد الزبيدي، الناقدة د.عبير يحيى ،
– د. عتيقة هاشمي وقد شارك في “منصة النقد” العديد من النقاد والناقدات الكبار .
-8.بالنسبة لإشرافك كرئيسة رابطة في “تغريدات نخلة”، كيف أثر هذا الدور على تطوير مهاراتك القيادية والأدبية؟
اعتبر أن الإجابة على هذا السؤال قد تمت في السؤال رقم ٧.
9.أصدرتِ كتابًا إلكترونيًا بعنوان “وميض متاهات” وديوانًا شعريًا بعنوان “رؤى وأحلام”. كيف تصفين التجربة الإبداعية وراء كل عمل؟
-سأصف التجربة باختصار ، لأن التجارب
الشعرية لا يمكننا حصرها بكلام، خاصة أن الشعر أو القصيدة
تأتي بتوقيت لا يعلمه
حتى الشاعر نفسه. فالشعر يأتي نتيجة انفعالات ورهافة إحساس وهو أيضا بحاجة أحيانا لبعض الهدوء النفسي كي يستطيع الأديب أو الشاعر أن يعبر بوضوح
وحرية عما يعتمل داخله من فيض
مشاعر ومكبوتات تنبجس اغلب الاحيان من اللاوعي
(مصدر الإبداع الأول…)
كتابي “رؤى وأحلام”
بدأت بكتابة نصوصه
وقصائده النثرية ، قبل
أن تبدأ أزمات لبنان الاقتصادية أي قبل
٢٠١٩ وصدر عام ٢٠١٨ ،
عنوانه يدل على رؤى
وأحلام أخرجتها شعرا
وتيمات عديدة فيها قصائد عن الحب والغربة الوجودية والتعلق بالوطن الذي يمثل حضن الأم وما إلى هنالك من أحلام ورؤى بقيامة لبنان
كطائر الفينيق لأني
كنت احدس من خلال
مطالعاتي الواقعية أن بلدنا لبنان، سيقع بكارثة
كبيرة….
بعدها في سنة ٢٠٢٢
نشر كتابي “وميض متاهات” من مجموعة
تغريدات نخلة، وكان
الوضع في بلدنا قد تدهور بسرعة بعد أزمة انهيار النقد والمصارف
وتفجير المرفأ.
هنا تغير الخطاب وتبدلت بالطبع نصوصي
وقصائدي، فصارت أكثر
إيلاما وتوجسا من الأخطار المحيطة بواقعنا والتي انعكس
بعض تأثيرها على أشعاري؛ لكني رغم كل هذا لم أسقط في هاوية التشاؤم والخيبة، لأني
اعرف ان رسالة الشاعر
والأديب هي رسالة حب
ورؤى مضاءة بالأمل، والحفر في الصخور عن منافذ للنور…
10.ما الفارق بالنسبة لك بين الكتابة للشبكات الاجتماعية والنشر في دور النشر التقليدية؟
-عذرا لا إجابة عندي لهذا السؤال.
11.كيف ترين دور المرأة اللبنانية في المشهد الأدبي والنقدي اليوم؟وما هي أبرز التحديات التي تواجهينها ككاتبة وناقدة في لبنان، وكيف تغلبتِ عليها؟
-أيضا لن اجيب على هذا السؤال.
12.ذكرتِ أن لديكِ مجموعات من النصوص والمقالات الأدبية النقدية قيد التجميع، ما الذي تبحثين عنه قبل نشرها؟
-ابحث عن ظروف مناسبة للنشر؛ علي اولا
تجميعها لأنها منتشرة
في مجموعات كثيرة،
ثانيا علي تأمين المال اللازم .
ثالثا علي أن احظى بدار نشر مناسب لشروط تناسبني.
13.كيف ترغبين أن يتذكر القراء أعمالك: كشاعرة، كناقدة، أم كصانعة ثقافة كاملة تشمل الاثنين؟
-اصلا حتى الآن أحس أن لي وجودا وحضورا يرضيني في الساحة الأدبية العربية.
بالطبع أرغب أن يتذكر
الناس أشعاري، ويطلعون على كتاباتي
النقدية ، وأنا مطمئنة أنني أخذت حقي كإنسانة فاعلة ومؤثرة
في ثقافة بيئتي الإجتماعية وقد أنشأت
أجيالا من طلابي الشابات والشبان الذين
يكنون احتراما وتقديرا
لما بذلته من جهود صادقة توخيا للفائدة
المرجوة من التعليم والإعداد. ومعظمهم ما زال يعتبرني بمثابة الأم
والمربية في آن معا..
14.ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصًا ملتقى الشعراء العرب الذي أسسه الشاعر الأستاذ ناصر رمضان عبد الحميد ؟
-مجرد تواجدي في أكثر
من منبر ثقافي ومجموعة أدبية فيسبوكية، جعلني أتابع
الحركة الشعرية والثقافية العربية بشكل
أو بآخر، لكن وجود ملتقيات خاصة بالشعر
فهذا أمر ضروري حدوثه، لما للشعر من أهمية حضارية وتثقيفية في حياة الشعوب كافة.
بالنسبة لملتقى الشعراء العرب الذي أسسه الشاعر القدير والناقد الأستاذ ناصر رمضان، فإنا أرى فيه شعلة ضوء ستكون ذات تأثير هام في الساحة العربية الشعرية والثقافية، خاصة عندما اطلعت على أهدافه وبرامجه التي ينوي تحقيقها حاليا وفي القادم من الأيام، وعرفت أن من أهم أهدافه هو رعاية الشعر والشعراء العرب بهدف إيصال نتاجات الشعراء المبدعين إلى أوسع جمهور عربي، وتعزيز روابط الجسور بين المثقفين والشعراء العرب. كما لفتني هم
التركيز على تجديد الشعر ومواكبة شعر الحداثة “مع الحفاظ
على التراث العربي الأصيل ” سعيا لبناء
ساحة شعرية عربية
دائمة التأثير الثقافي الإجتماعي ودائمة التجدد..
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف


















