كانتِ الحكايةُ جميلةً…
كانتِ الحكايةُ جميلةً…
تَمْشِي إلى قلبي
كأنَّ البابَ مفتوحٌ
لأوَّلِ مرَّةٍ
لِلسَّفَرْ،
وتتركُ في دروبي
خُطوَها الأوَّلَ
كَالعِطرِ
إِذَا لامَسَ
أهدابَ الْقَمَرْ.
كانت تُهَيِّئُ لي غدًا
أبيضَ الوجهِ،
لا يَغِرْ،
وتُسقِطُ في يدي
نبضًا جديدًا
مِثلَ غَيْمٍ
حينَ يَنْهَمِرْ.
كانت تُنادِي روحيَ
المرهقةَ
حَتّى تَسْتَقِرْ،
وتعيدُ لي
ما ضاعَ مِنِّي
مِنْ مساءٍ
كان يمشِي
نحوَ نافذتي
كَزَهْرٍ
يَسْتَفِيقُ على المَطَرْ.
يا لَهْفَ قلبي…
كيف صارتْ بعد طولِ الدفءِ
ذِكرى
تَتَناثَرُ
وتَنْتَثِرْ؟
كيف انطفا في صوتِها الوهجُ
الذي كان يُجَمِّعُ
كُلَّ ما في الليلِ
مِنْ شَوْقٍ
ويَسْكُبُهُ على صدري
كَسِرٍّ
ما زالَ
لا يُفَسَّرْ؟
كانتِ الحكايةُ ضَوءَها…
ثم انتهتْ،
مِثلَ اندثارِ الرِّيحِ
في بابٍ مُغَلَّقٍ
لا يُفْتَحُ الأثَرْ.
وغَدَتْ
قلبًا يُلَمْلِمُ ما تَبَقّى
مِنْ صدى الأمسِ
العَطِرْ،
ويمضي
خَلْفَ يومٍ
لا يَجِيءُ،
ولا يَعُودُ،
ولا اعْتَذَرْ.
يا ربِّ…
إِن ضاقَتْ خُطانا
في مَتاهاتِ السنينِ
ولَمْ نَصِرْ،
فارْفَعْ عن الأرواحِ
أثقالًا
تَبُدِّدُها
مواسمُكَ
التي
لا تَنْكَسِرْ.
وأَعِدْ لحكايتِنا — إِنْ غابتْ —
ظلَّها الأوَّلَ،
كي نرجعَ نحوَ بابِها
بِخُطًى
لا يكسوها
الضَّجَرْ.
اللهمَّ…
إِنْ خانَنا الوقتُ،
وأعْيَتْنَا الدروبُ،
ولم يَبْقَ في القلبِ
إلّا ما تَساقَطَ مِنْ صَبَرْ،
فَكُنْ لَنا عَوْنًا،
وخُذْ بِيَدَيْ
قلبٍ
ما عادَ يعرِفُ
كَيْفَ يَعْبُرُ
هٰذا
السَّفَرْ.
سعيد إبراهيم زعلوك



















