أوقاتكم سعيدة…
سمعنا واستمعتنا بكيثر من الأغنيات، الّتي استوطنت قلوبنا وحفظناها عن ظهر قلب. لكن كيف أُلّفت وبأيّ ظرف كتبت، أو لأيّ مناسبة، هذا ما بحثت عنه ويسرّني مشاركتم أسبوعيّا بقصّة أغنية.
أتمنّى أن تنال هذه الفقرة إعجابكم، وأن تشاركونا قصصا لقصائد قد كتبتموها.
قصّة اليوم عن أغنية قارئة الفنجان للشّاعر السّوري الكبير نزار قباني والّتي أطرب مسامعنا بها عبد الحليم حافظ.
تطوف الأسئلة حول سعاد حسني كالكواكب، حياتها لغز، حبها لغز، وفاتها لغز. كل ما نراه من بساطة وخفة روح على الشاشة مفعم بأسئلة وقصص وحكايا لا نهاية لها ولا آراء حاسمة فيها.
لكن القصة التي ربما شكلت مسار حياتها وكانت كابوس أيامها حتى الوفاة، بدأت حين كانت صغيرة. أحبت شابًا، وأقامت علاقة معه، وإذ يتضح فيما بعد أن هذا الشاب مرسَل من قبل صفوت الشريف أحد ضباط المخابرات المصرية في الستينات. وضع رجاله كاميرات صورت حسني مع من اعتقدت أنه حبيبها، ثم ابتزوها بالفيلم وأجبروها على العمل مع المخابرات المصرية. أحكم صفوت الشريف قبضته على حياة سعاد حسني منذ تلك اللحظة، عرقل جميع علاقاتها، رفض زواجها، احتكرها لخدمة المخابرات كما قيل، حتى جاء اليوم الذي أحبت فيه عبد الحليم حافظ. أحبته حبًا شديدًا وقررت التدبير لقتل صفوت الشريف لئلا يقف بوجهها، لكن المحاولة التي وقعت في فندق الدورشستر الفاره في لندن باءت بالفشل، فانقلبت الأمور ضدها. لطمها صفوت الشريف وهددها بقتل حبيبها، وأخبرها بمعرفته أنهما مقبلان على الزواج، وأنه لن يسمح بحدوث ذلك أبداً. يقال إن الشريف – ربما أرذل رجال الأرض وأفظعهم – دعا عبد الحليم وأراه الفيديو، حتى أن عبد الحليم نزف بعدها بشدة. إجرام مبكل وخطوات مدروسة في إنهاء الأرواح، كانت نتيجة كل ذلك أن التجأت سعاد حسني إلى نزار قباني الذي يقيم في لندن وقتها. أخبرته قصتها، فكتب قصيدة قارئة الفنجان على أثرها، وأصر عليها أن تترك حليم حماية له.
أرسل نزار القصيدة لعبد الحليم وغناها الأخير في عيد شم النسيم سنة ١٩٧٦، بعد أن غير فيها بعض الكلمات والعبارات كجملة ” فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصر مرصود والقصر كبير يا ولدي وكلاب تحرسه وجنود”، التي عدلها خوفًا من بطش صفوت الشريف لتصبح “فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصر مرصود.”
نُقل عن سعاد أن ما حصل في الحفل وقتها من استفزاز لعبد الحليم كان مفتعلًا من قبل صفوت الشريف، إذ أرسل بلطجية قاموا بالتشويش والصفير وإطلاق هتافات طوال الحفل أزعجت عبد الحليم ودفعته للصراخ بانفعال: “بس بقى”. هو جرم بين أفعال إجرامية أخرى قام بها صفوت الشريف، دفعت سعاد حسني في النهاية لترك عبد الحليم حفاظًا على حياته.
جلست والخوف بعينيها .. تتـأمـل فنجـاني الـمقلوب
قالت يا ولدي لا تحـزن .. الحـب علـيك هـو الـمكتـوب
يا ولدي .. قـد مات شهيــداً .. من مات فـداءً للمحبـوب ياولدي ياولدي
بـصرت بصرت ونجـمت كثــــيراً لكني لم أقرأ أبـــــــداً
فنجاناً يشبـــــــه فنــــــــــجانك
بصرت بصرت ونجـمت كثـــــــيراً لكني لم أعرف أبــــــداً
أحـــزاناً تشــــبه أحــــزانك
مقدورك أن تمضي أبــدا فـي بـحر الحب بغيـر قلــوع
وتكـــون حـــياتك طـــول العمـــر كتاب دمـــــوع
مقدورك أن تبقى مسجـــوناً بيــن المـاء وبيـن النـــــار
فبرغم جميع حرائقه .. وبرغم جميع سوابقه
وبرغــــم الحزن الساكـــن فيـــنا ليل نهار
وبرغم الـريح وبـرغـــم الـجو المـاطر والإعصــــار
الحـــب سيبقــــى يـــــا ولــدي أحلـــى الأقــــدار ياولدي ياولدي
بحياتك يا ولدي امرأة عيناها سبحان المعبـــود .. فمهــا مـرسـوم كـالـعنقـــود
ضحكتها أنــغام وورود .. والشـعر الـغجري المـجنـون
يسافـر في كل الدنــــيا قد تغدو امرآة ياولدي يهواها القلب هي الدنيا
لـكن سمـاءك ممطــــرة وطـــريقـك مـســدود
فحبيبــة قلبك يا ولدي نائمــــــة في قصـــــر مرصــود
من يدخل حجرتها من يطلــب يدها من يدنــو من سور حديقتــها
مـــن حــاول فك ضفائـرها مفقــود
ستفتش عنــها يا ولدي في كل مكان .. وستسأل عنها مـوج البــحر
وتــــسأل فيــــروز الشـــطآن
وتجوب بحارا وبحارا .. وتفيض دموعك أنــهاراً .. وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجاراً
وسترجع يوماً يا ولدي مهزوماً مكسور الوجدان .. وستعرف بعد رحيل العمـــر
بأنك كنــت تـــطارد خيط دخان
ف حبيبــة قلبك ليس لها أرض أو وطن أو عنـــوان
ما أصعب أن تهوى امرأة ياولدي ليس لها عنوان
ليس لها عنوان ياولدي ياولدي.
إلى اللّقاء في الأسبوع المقبل مع قصّة أغنية جديدة.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي