تاء التأنيث
بقلم: بلقيس بابو
انضممت اليوم صباحا إلى حشد كبير من أصدقائي، يجتمع في الساحة الواسعة أمام المحكمة العليا ، احتجاجا على ما آلت إليه أوضاعهم من عبثٍ و فوضى، و تضامنا مع ما يعانيه أغلبهم من استهتار البعضِ من مستخدميهم و لا مبالاتهم.
كانت الوفود تصل تباعاً، و تتجمّع أمام المبنى الكبير، استعداد ليومٍ حافلٍ بالأحداث.
تظهر على وجوه المحتجين علامات الغضب الشديد و الاستياء و هم يحملون لافتات تندِّد بتعرضهم لشتى أنواع الاضطهاد و الظلم و سوء المعاملة.
تقف مجموعة الحركات الإعرابية في مقدمة الحشود، يحمل اثنان من أعضاءها لافتة كبيرة ، كُتِب عليها:
“لا للرفع بدل النصب و لا للنصب بدل الجر “
فهي تتعرض لاعتداءات عدة و أخطار جمَّة، يحتل بعضها مكان الآخر فتجد الفاعل منصوبا والمفعول به مرفوعا ، لا المبتدأ يُرفع إلى قدْره و لا الخبر يرقى إلى نصبِهِ.
اختلطت الأمور فلا “لمْ” تجزم الأفعال المعتلة فتحذف علَّتها و لا “لن ” تنفي وتنصب، و لا حتى “لا ” الناهية تصدرُ أوامرها بحسمٍ و جزم.
يقفُ وفد الجموع بصمود و يحمل لوحات تندد بوضع ياءٍ أو واوٍ للجمع اعتباطا دون مراعاة لوضعها الإعرابي، أما جموع التكسير فبقِلّتها و كثرتها، تطالب باحترام أحكام تغيير مفردها، و الحفاظ على طرق إعرابها.
بحَّ صوتُ النواسخ الفعلية و هي تهتف محتجة، مطالبة بحفظ سلطتها على المبتدأ و الخبر، و أن لا يستمر البعض بخلط اختصاصاتها بعمل مثيلاتها الحرفية.
تتواصل الاحتجاجات و تطالب فصائل اللغة بقاضٍ ينصفها و يعيد لها هيْبتها، أو بجمعية حقوقية تدافع عنها و عن وجودها و سلامتها.
لمحت الهمزة و قد كانت في حالة هستيرية، صراخ و تنديدٌ و احتجاج على تدحرجها مرة على الألف أو الواو أو على الياء دون وجه حق، دون مراعاة لظروفها و ظروف جيرانها من الحروف و حركاتهم.
لا أستطيع وصف حالة علامات الترقيم، فهي متأثرة جدا من جرَّاء نسيانها و إهمالها، رغم أهميتها القصوى في حياتنا و قدرتها على قلب كل المفاهيم و تغيير معاني الكلام.
جئت هنا للتضامن مع رفقائي رغم أَنِّي، أنا تاء الثأنيت الساكنة، أجلس عاقلةً بمكاني، لستُ أعاني كثيرا لا أحد يجرؤ على العبث معي و لا أحد يتدخل في حركاتي و لا سكوني، هادئة ، ساكنة دوماً، لا يكسِرني إلا سَاكِنٌ يتبَعُني، ففي شريعتنا لا يلتقي ساكنان أبدا.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي