جوهر الحياة
كم من ليلة جلست فيها أحدّث نفسي، قائلة: ” تعبت، كيف سأكمل مشواري مع كلّ هذا العناء ؟ هل أستسلم؟ هل أتوقف عن الطموح؟ هل أنسى السّمو بروحي إلى ما فوق السهل؟ هل أخلع من رأسي فكرة الوصول إلى ما أحب ؟ هل أنسى كلّ أحلامي أهدافي؟؟؟ هل.. وهل … وهل …
وفي لحظة ما، بمجرد أن أحاول التفكير بالاستسلام، أشعر وكأن صوتا يصرخ من أعماق قلبي، مدويّا كقصف الرعد، يشقّ عنان الفضاء، قائلا: ” توقّفي عن هذا التفكير الساذج والطفولي، فقط الجبان هو من ينسحب، فقط الإنسان الساذج والسطحي والجاهل الذي يستسلم للتعب”. فهذا العناء يا صغيرتي ليس سوى هالة خدّاعة تعمي أعيننا عن حقيقة الإنسان عن جوهر كنهه في هذا الكون ، فالطموح والسعي المستمر هو بمثابة النور في العين، فإن انطفأ هذا النور لم يعد للعين أي دور مهم تقوم به، وهكذا الإنسان إن توقف عن الطموح والسعي لتحقيق أحلامه ، واستسلم لخداع العناء المضني، أصبح كالعين بلا نور، وكالروح بلا جسد.
هنا يكمن جوهر الإنسان الحقيقي، الإنسان الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة ومقدرة على أن يكمل دروبه الوعرة رغم كل المشقات التي تعترض طريقة، فالأهداف هي الغاية التي خلقنا من أجلها، ولم نخلق كي نتكاثر ونأكل ونشرب فقط، دون القيام بأي أمر مفيد.
معيب علينا أن نجلس ونحن نتمتع بصحة جيدة دون القيام بعمل يخفف عنا ضغوط الحياة.
يقول الشاعر أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بدّ لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
فمن لم يعانقه شوق الحياة
تبخّر في جوّها واندثر
فويل لمن لم تشقه الحياة
من صفعة العدم المنتصر.
انطلاقا من هذه الجواهر الخالدة التي قالها الشاعر أبو القاسم الشابي ، لا بدّ لنا من أن نتحلّى بالعزيمة والإصرار لاستكمال درب الحياة للصعود نحو القمة.
وجد بوذياب
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي