وقفة مع الربيع
الطبيعة الجميلة هي سلاح ذو حدين، فهي هداية لمن نظر إليها بعين الحكمة، وهي غواية لمن غفل عن الحكمة فيها.. وكيف لنا أن نغفل؟!
شمس الربيع تبدو متسللة ترسل أشعتها الخفيفة لتنعكس على خضرة الشجر وعلى الورود المتنوعة الألوان التي أصبحت فراشًا ناعما.. فهنيئا للفراشات المتراقصة الفرحة بروعته.
يا ربيعًا رُدَّ لي شبابي، طال انتظاري بعد أن كنت في داري
ثوبك الأخضر… لبسته، أحببته، وكان سرَّ افتخاري..
مازلت أحتفظ به… فلربما عاد الزمان وعدت جاري
يا سَيِّدَ الفصول، لقد سحرت العقول، ولا غرابة.. سوَّاك ربٌّ مبدع.. يهب الجمال لمن يشاء جمالا..
لقد تغنى بك البحتري مادحًا قدومك فقال:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا .. من الحسن حتى كاد أن يتكلمَا
وقد نبه النيروز في غسق الدجى .. أوائل ورد كنَّ بالأمس نُوَّمَا
لكن مهلا أيها الربيع! فلي رجاء عندك: ألا يشدنك الغرور ولا التكبر، فالغرور قد يُزهر ولكنه لا يُثمر. والخيط الرفيع الذي يفصل بين الثقة بالنفس والغرور عليك أن تراه دائمًا.. واعلم تمام العلم أن لكل فصل من فصول السنة أهميته وجماله.
وُلد النبات في فصلكَ ليذكر بطفولة الإنسان؛ ونما في الصيف وكبر.. ليُجسِّد فُتوَّة الإنسان وشبابه؛ وأثمر في الخريف لكي يُؤْذِن بنضوج عقل الإنسان.
وللشتاء نصيب في الانتظار لفصل الربيع، وكأنه الإنسان الذي يرى في أولاده حياته الجديدة.. أيها الربيع، هل لك أن تصغي لرفيق العمر (الشتاء)، الذي مدَّك بمياهه، فأنعش أرضك وأحيا عشبك، حتى أوراق أشجارك قد أورقت.
أيها الربيع الغالي، أبعدني الله وإيَّاك عن نكران الجميل، وأنا أعلم أنك منتمٍ لنا، ونحن منك وإليك. وهل ينسلخ الكائن الحي من جذوره؟!
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي