عتاب (بردى)
من منا لا يحب الحياة؟ وأنت يا بردى.. نهر الحياة، تجري خلال العاصمة دمشق ومناطق ريفها منذ آلاف السنين لتضفي عليها حضارة وجمالا يفوق الطبيعة.
سميت (أبانة)، الصخر الذي يتشقق ويتفجر منه الماء، أما اليونان فسموك نهر الذهب واعتبروك مقدسا لولد الولد .. والذهب كلما قدم ازدادا بهاء وجمالا وقيمة.
يا نهر كيف نضبت مياهك وانقطع منه الخرير! هل هرمت وضعف عزمك فعجزت عن المسير؟
بالأمس كنت تنساب بين الحدائق والزهور، تتلو على الدنيا وما فيها أحاديث الدهور. يا (فردوس) كنت إذا أتيتك باكية سليتني، واليوم إذا جئتك ضاحكة أبكيتني.
ما لأشجار الصفصاف كئيبة لما مرت بها ريح الشمال، فلا ورق ولا جمال؛ الحور ناثر أغصانه، ودعه الحسون بصوته الحزين، وأسراب الغربان تنعق في الفضاء كأنها ترثي شبابا من حياتها قد مضى. وفي نحيبها كأنها تشيع جثمانك إلى دار البقاء.
يا (أبانة)، أنسيتَ أنك من دموعك كنت تسقي الملاين.. ماء باردا عذبا؟!
فروعك السبعة تناديك يا أبي، نبشرك أن الربيع سيعود، فما عليك إلا أن تفك عقالا مكنته يد الصقيع، فللربيع نسائم إن لامست وجهنا رسمت عليه بسمة الفرح البهيج.
والشمس بخيوطها الذهبية تسدل ثوبها على مَن حولها، فتجعل الحور ينسى ما اعتراه من المصائب والمحن. ويعود للصفصاف شبابه، ويغرد الحسون فوق غصونها بدل الغراب.
يا نهرا، دعني أسمع خريرك من جديد، ولتكن لك ديمومة البقاء.. وللإنسان القضاء والقدر..
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي