الحرية
إني لأعجب ممن يظن أن الحياةَ شيءٌ والحريةَ شيءٌ آخر، فالحرية هي المقوم الأول للحياة، فلا حياة بدون حرية، والحرية شمس يجب أن تشرق في كل بيت، ولكونها المفهوم الأول للحياة، فلا بد أن تحمل مقوماتها، كعدم إجبار المرء على اتخاذ قرار دون رغبته.
إن جمالية الحرية تكمن في أنها تحرر المرء من التبعية، فلا قيود ولا ضغوط، بشرط أن نحترم حرية الآخرين. والحرية أنواع وجميعها تصر على حفظ حقوق الآخر.
ومن هذه الأنواع: الحرية السلبية، وتتلخص في عدم الاعتداء على ممتلكات الآخرين. ومنها الحرية الفردية: وهي حق الإنسان في التعبير عن ذاته وعن شخصيته، ولذلك من حق أولادنا علينا الرفض أو القبول بما يتناسب مع شخصياتهم، بحيث لا يؤثر موقفهم في المسلك التربوي الذي يقوم عليه قانون البيت. ومنها الحرية الإيجابية، مثل حـق الإنسان في التنقل والتصرف في نفسه وممتلكاته وفق القانون. وقد قال عمر بن الخطاب: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”.
ويدعو الشاعر أحمد شوقي إلى أخذ الحرية ولو بيد مضرجة بالدماء، وربما كان على صواب لأن الحرية لا تمنح؛ قال: وللحرية الحمراء باب .. بكل يد مضرجة يدق. وقال (لوكيوس سينيك): الشجاع يكون حرا. وقال (مهاتما غاندي): الحرية هي روح الإنسان وأنفاسه، فكم ثمن هذه الأشياء؟ أما نيتشه الألماني فالحرية عنده تكمن في الرغبة في أن تكون مسؤولا أمام نفسك.
والحقيقة أن المسؤولية ترفض الجبن والخوف، حيث إنهما يكبلان أجنحة الحرية ويضعان غشاوة تحجب رؤية الحياة والتمتع بها. والحرية تعني التحرك ضمن القوانين الطبيعية والقدرة على اتخاذ القرارات الشخصية دون قيود أو خوف.
كذلك فإن الكرامة والحرية تحققان شخصية المرء، وكلتاهما مكون أساسي من حقوق الإنسان التي يسعى إليها دوما كحرية التفكير، والاعتقاد، واتخاذ القراراته الشخصية والتصرف بما لا يؤذي الآخرين أو يعتدى على حقوقهم أو كرامتهم. ولقد قيل: تنتهي حريتي عندما تبدأ حرية الأخرين.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي