رجع عابسا
(تيتة) ما بالكَ اليوم عائدا من المدرسة عاقد الحاجبين على غير عادتك؟ لقد اعتدتُ أن أراك ضاحك المبسم بشوش الوجه نشيط الحركة.
يحيني بهمسة شوق ويضمني قائلا: (كيفك تيتة)؟
لا لن أخبرك عن حالتي حتى تشرح لي ماذا حدث لك اليوم؟ ماما أعطتك مصروفك اليوم لتشتري به ما تريده، هل فعلت؟ لماذا الصمت؟ فأنا لن أجيبك عن حالتي حتى أسمع أخبارك، ماذا جرى لك اليوم؟
ألم تقل لي دائما: “أنت صديقتي يا تيتة”؟ فالصديق يبوح لصديقه بأسراره كي يتعاونا معا على الخير.
طال صمته، مما زادني استغرابا، ولاح بعينيه مترددا بين القبول والرفض لكنه أخيرا ابتسم بارتياح وقال: أخجل أن أتكلم على رفيقي سعيد.
يا تيتة، لم الخجل؟ هل فعل شيئا غير محبب؟
لقد خطف قطعة (البيتزا) من يدي بعد أن كادت تصل فمي، ودون إذن وبسرعة البرق وضعها في فمه وقضمها وعلى وجهه ارتسمت ضحكة المنتصر.
وأنتَ ماذا قلتَ له؟
قلتُ له: يا سعيد، إن كنت جائعا تعال نتقاسم القطعة معا لكنه لم يبالِ.
(تيتة) إذًا لماذا لم تخبر المشرف المسؤول؟
(ماما) كانت دائما تقول لي ألا أشيَ بأصدقائي، وألا أنقل كلاما ما بين اثنين ليس من حقي نقله، كما كانت تحثني على أن أشاركهم في الطعام.
ضحكتُ وضممته إلى صدري بكل حب، وأصبح قلبي يرسل نبضاته ليبارك طيب وكرم حفيدي.
(تيتة)!، كل رغيف أهله تسعة.. كأنما صلى عليه المسيح.. لعلك اعتبرت سعيدا منهم وابتسمت.
الصداقة محبة ووفاء، فالتمس لأخيك سبعين عذرا فإن لم تجد فقل: لعل له عذرا، فربما لم يأخذ مصروفه اليوم ولعله تصرف هكذا لأنه جائع ومحرج من أن يطلب منك، و ربما على سبيل المزاح ليغطي خجله.
(تيتة): ترى أين أدع كل هذا عندما فقدت لقمتي؟
يا (تيتة) تصبر “إن الله مع الصابرين” ها أنت الآن في أحسن حال بعد أن أكلت ألذَّ الطعام وحمدا لله على ما أنعم.
ولكن يا (تيتة) لو فعلها ثانية لن أتساهل أبدًا، لماذا لم يأخذ مصروفه اليومي؟ دعيني أعرف السبب.
لنتمنَّ الخير لهم، وكان عليك أن تسأله إن كان جائعا، ولو أنك مستاء مما فعل، والتسامح بين الأصدقاء واجب.
شكرا لك يا (تيتة).
أتعبتكِ سامحيني، أدعو لك بطول العمر.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي