للشاعر البردوني خصوصية في شعره، فمع كونه محافظًا على القصيدة العمودية إلا أنه جدد في بنية القصيدة، وابتكر جملًا وصبغًا شعرية جديدة ونامية.
فهو كما يقول الدكتور: عبد العزيز المقالح في كتابه (الأبعاد الموضوعية والفنية لحركة الشعر اليمني المعاصر)، حافظ على شرارة الشعر الفني في القصيدة العمودية، وكذلك برع الشاعر في القصص الشعري، والحوار
والدراما،
يقول البردوني :
ولكن متى متّ؟ كنت (بخيتا)
فصرت شعوباً تسمى بخيت.
لأن أسمك امتد فيهم رأوك
هناك ابتديت وفيك انتهيت
فأين الاقيك هذا الزمان
ومن أي حقل وفي أي بيت.
ساهم البردوني في التأثير في المجتمع اليمني وخاصة القبلي من خلال نقده لفكرة القبيلة وتعصبها، ومن خلال السخرية الممتزجة بالنقد في إشعاره، فحارب التخلف والظلم والاستبداد.
والسخرية لديه تتداخل بالهجاء السياسي
والنقد الاجتماعي، فهو أن صح التعبير يقاتل بالسخرية، فانتشرت إشعاره بين الناس كالنار تدعو إلى التغيير والفهم المغلوط لمفهوم القبيلة.
أما تاثر الشعراء بشعره فهو واضح وهو نوع من أنواع الشعف بالبرودني وهي ظاهرة إيجابية لأنها امتداد للإصابة والجمال البردوني.
كان الشعر اليمني قبل البردوني مديحًا أو مناجاة أو وصفا، لكن البردوني وجه شعره للشعب، وهمومه وبؤسه، وصار الشعر لديه يحمل قضية، قضية وطنه وأمته، وهو ما نلاحظه في شعره بكثره، استمع إليه يخاطب الإمام أحمد في عيد الجلوس:
أعر بلادك مسمعًا
تسألك أين هناؤها هل يوجد؟
تمضي وتأتي والبلاد وأهلها
في ناظريك كما عهدت وتعهد
يا عيد حدث شعبك الظامي متى
يروي، وهل يروي وأين المورد؟
فيما السكوت ونصف شعبك هاهنا
يشقى ونصف في الشعوب مشرد.
تميز شعر البردوني عما سبق بجرأته ونقضه للأوضاع السياسية، وطرح القضايا المثيرة للجدل.
والبردوني أيضا ناقدًا من طراز فريد، ناقدًا اجتماعيًا بإمتياز، وكتبه تشهد بذلك (رحلة في الشعر اليمني قديمة وحديثة) (قضايا يمنية)، إلى جانب مئات المقالات التي نشرت بالصحف والمجلات، وتناولت قضايا الأدب والنقد، فالبردوني موسوعة ثقافية وتاريخية.
ووظف البردوني ثقافتة الواسعة في نقده، فكان يبني منهجه النقدي، على الموازنة أو المعارضة بين الشعراء والأجناس الأدبية بما يقابلها، أو يعارضها في أزمنة وثقافات مختلفة.
كما أبدع البردوني في كسر حدة الدلالات اللغوية وبناء الصورة الشعرية، بناء مستقلاً لا يمت إلى الصورة الشعرية القديمة.
ناصر رمضان عبد الحميد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي