ناسكةٌ رهينة الهذيانات
رسمتُ للحبِّ ابتكارات لأمانٍ فارغاتٍ،
قلّمتُ اليباسَ من الأحلام واليقظة،
حاربتُ حمّى الشُّكوكِ فما شفيتُ،
لمحتُكَ من بعيدٍ ظلّا يتوارى،
مخلِّفا سنينَ عجافٍ آتية.
بترتُ من عمري كلَّ العمرِ
جفَّ النّسغُ من نبتةِ الصَّبرِ
فأهلْتُ فوقَها التُّرابَ
مذ خذلَتْني مرآةُ الحقيقة
وسرقَتْ مني الأمنيات
جسدٌ عقيمٌ أنا
تقطّعتْ فيه أوصالُ الرّجاءِ
فبات نثارا وهباء،
يحكي للنّجومِ السائرة
عن حبٍّ كوى الأضلعَ،
فخلَّف الأحزانَ والآهاتِ
اغتنيتَ بإذلالي ..صرتَ الملك
جردْتَني من الأمجاد
كلّلتَ رأسي بإكليلٍ من الأشواكِ.
النّدوبُ تفيض في قلبٍ
تمزّقَ فيه الشّغافُ
وتقطعتْ فيه نياطُ الوتينِ
أداري المواقفَ في تحدٍّ
في انتصاراتٍ كذوبةٍ
تغطّي تحتَها تجاعيدَ انهزامات
الرّوحُ تبكي والجسدُ المخضَّب بالقانيِّ
يتلوى في رقصٍ على الجمر
لا تظنّن أن الرّقصَ من هواياتي
ما الأحمرُ لونُ الفرحِ في تاريخِ حياتي
إنّما هو دماءٌ تنزفُها الجراح
وما البسماتُ علامة أفراح
إنما هي أقنعةُ في مواربات
الصورة أمامي أنا الغريقةُ
في لججِ الضَّياع أتوهُ في عينيكَ
لعلَّ فيهما النّجاة
وحين يشتدُّ بيَ الغرقُ
تُقبِّلُ شفتايَ المزرقّتانِ
شفتيك القرمزيَّتين
ها أني أستعيرُ منك الأنفاسَ…
ها هو ذا الخذلانُ يدمى معصميَّ
ها هو ذا الضّبابُ يلفُّ منكبيَّ
ويرميني في أتونٍ من جمر
أنتَ موطني أنتَ كياني
سأبقى التّائهةَ أبحثُ في زوايا الأمكنةِ
عن قبلةٍ مؤجَّلةٍ
تعتكف في محرابِ نسكي
فؤادي المعتصمُ بحبلِ الرَّجاء
حوَّلَ المحرابَ إلى قصيدةٍ
والصلاة إلى دعاءٍ
ناسكة أنا …تخمّرَ الحبُّ في وجْدي
فأمسيتُ رهينةً
من قال إن خمرةَ الحبِّ حرامٌ
حلالٌ أن أموتَ طافحةً سُكرًا
باشتعالات الهذيان
سامية خليفة /لبنان
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي