أبطال بالقوّة
لطالما ارتسمت صورة البطل في أساطيرنا … بنصف الإله ..بالمخلص الخارق الحارق لقوانين الطبيعة … بداية من المثيولوجيا … للديانات .. وصولا لمعتقداتنا الحديثة … حيث اتخذت الخرافة من وجوهنا صورا أقرب للواقع!
فصورة البطل مرتبطة في أذهاننا بمعركة … وسيف وأنهار دماء …
بكأس ذهبي لامع تهبه يد طائلة … وغالبا ما تكون (طويلة)…
حصروا البطولة في ساحات الحرب ومضمار السباق وتلاشى معها عملاق الصبر والحب والعطاء بجانب مضمار قزمي له خط بداية ونهاية ونتائج معلبة مسبقا…
لذا بات أبطالنا أقزاما تصفق لهم العمالقة…
وضعوا القياس والمقيس عليه وعلة الحكم… على طولهم … وعمقهم …
فأين ستكون اذا كنت لا أمرا لديك ولا تطاع لتضع المقيس ؟
لذا بتنا أقزاما أمام الفراغات التي نصبت لنا وأمام الفزاعات التي تطاولت حتى على ثمارنا … فطمس الفلاح والثمار والماء والتراب … وتوجهت نحو الفزاعات كل الأضواء … وتصدرت الصحف العالمية مع وجوه تشبهها … وحقولنا .. الموزعة .. لا ذكر لها …
نعم لسنا أبطالا نسجل اهدافا في شباك … او نقطع مضمارا بسرعة محددة … او ننجز مرحلة دراسية بعداد غبي ….
لسنا أبطالا يكرمنا رئيس ليثبت للرأي العام العالمي موقفه من قضية .. وهو من تحت الطاولة ينحر رب القضية …
نحن حفاة بأقدام فارهة … نحن أبطال الصبر والاحتمال … نحن ابطال المرحلة السابقة يا أخوتي … من يكرم أبطالا
كأطفال تركت ايديهم في وسط الصحراء … وصُعِّدَ ذويهم الى الجنة؟ … مناضل داسه الوطن ليكمل نحو سرير الخيانة؟
أبطال أوصلوهم لكل نهاية … فخافتهم حتى النهايات؟
عامل يعمل بلا همة ولا أدنى حافز ويكمل ليحصل على ربع قوت يومه؟
وجوه عظمية تضحك رغما عن أنف كل هرمونات السعادة التي توقف افرازها في غددهم خيبة بعد خيبة؟
حبيبة ما زالت تحلم بطفل يذيب ماضيها بعينيه.. من حبيبها الذي استشهد؟
لاجىء تلاحقه كل افكار وأساليب الانتحار كل مساء في سريره … فينحرها صباحا ويكمل تشرده؟
أم تفكر ماذا ستطهو على الغداء لأولادها .. أحجارة أم رمل … وتقول الله الله في عمر … ولاعمر ولا من رضي عنه يسمع …ليخاف أو يعدل ….
فتبقى تقتات على أحلام مؤجلة … إلى أن تقتات عليها الأحلام؟
كاتب يوثق دموعه في كتاب علها تجف .. كان يبكي لو رأى طفلا بلا حذاء … وأصبح اليوم يراه بلا قدمين!!!
يسعد في فوزه في رغيف خبز ويقبله ككتاب مقدس … ويبكي
فاختص في كل قواميس المصطلحات الحزينة .. وامتهن شراء المهدئات …
أحبتي …
أبطال صناع الحياة من العدم …
أبطال صناع الإرادة …
الى البطولة المجهولة الساقطة بسهو مخطط … بأي طريقة تسقط … وبأي أرض تموت!!….
أبطال المولد والمنشأ..
أبطال الطريق والمسيرة …
أبطال الغاية والوسيلة …
أبطال الظلمة والنور ..
أبطال الصخور والجبال التي لا تعرف المنابر وشاشات العرض وتكريم العمالقة الأقزام …. وتصفيق الذباب …
أبطال الذات والضمير ..
أبطال العلامات الفارقة في التشرد والفقر والعطاء … الفارغة من الاحتيال
عمتم صباحا … عمتم مساء… عمتم أبطالا بلا تيجان أو كؤوس …
عمتم أرواح نظيفة بلا أجساد أو رؤوس …
عمتم كلاما افعالا .. بلا مكبرات صوت أو طقوس …
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي