تاريخ الكُرد القديم للأجيال
الجزء الثالث عشر
نشر دراسة فلاح ميرزا محمود : مصدر (١)
المصدر الأساسي لكتابتي في هذا الجزء .
” الأقوام والطوائف التي سكنت بلاد مابين النهرين “.
والتي تتضمن الدراسات التي قام بها المؤرخين العرب والأجانب والمصادر التاريخية التي تمتد إلى قرون قبل
الميلاد وقبل الإسلام . وتتضمن اقتباسات من دراسات الدكتور جمال رشيد أحمد .
والعلامة محمد أمين زكي .
السوباريين
” يذكر الأستاذ اسكندر داؤد : مصدر (٢) ” الجزيرة السورية بين الماضي والحاضر ” بأن السوباريين كانوا من أهم وأقدم شعوب بلاد مابين النهرين” .
ويذكر أيضاً الدكتور نعيم فرح : مصدر (٣) ” معالم حضارات العالم القديم ” بأن السوباريين (الشوباريين) هم أقدم ” الأقوام التي سكنت في شمال بلاد ما بين النهرين “.
وسميت تلك المنطقة ب “بلاد شوبارتو أو سوبارو .
بدأت الحضارة السوبارية قبل الطوفان وكان من بين حكام سوبارتو آنذاك الملك ” أينمن دور أنّا ” الذي جاء بقوانين الحكمة والمعرفة للبشرية بعد استلامها من السماء بأسم
(سر آنو) التي شملت أسرار السماء ولوح الفأل والعرافة .
كما إن المادة الحضارية لمملكة بابل وآشور مأخوذة من الحضارة السوبارية والسومرية .
ورد إسم سوبارتو في النصوص المسمارية المختلفة بصيغ عديدة سوبارتو ، سوبار، سوبير زوبار، شوبارتو ، شوبور .. إلخ .
كانت بلاد سوبارتو تتألف من المناطق الجبلية العالية دونت من قبل السومريون باسم سوبير .
ظهر أسم ” سوبارتو ” في أقدم صيغة جغرافية سومرية بشكل ” سوبير “في لوحة أثرية سومرية يرجع تاريخها إلى زمن ” لوكال – آني – موندو ” حاكم مدينة ( أدب ) في الربع الأول من الألف الثالث قبل الميلاد ، حيث تم تدوين الإسم الى جانب ( إيلام وماراهشي وكوتيوم وآمورو وسوتيوم ) . الدكتور جمال رشيد أحمد : مصدر (٤)
دراسات كردية في بلاد سوبارتو “١٩٨٤ .
والمؤرخ محمد أمين زكي : مصدر (٥) ” خلاصة تاريخ الكرد وكردستان” من أقدم العصور التاريخية حتى الآن ترجمة محمد علي عوني ١٩٦١ .
ويمضي الدكتور جمال رشيد : في حديثه في نفس المصدر (٤) بأن التسمية الآشورية ل ” سوبارتو “هي ” شوبارو و شوبريا” وظهر مفهوم هذا الأسهم بشكل (علياتم) في النصوص الأكدية والآشورية وتغير المصطلح الى ” كوهستان – قوهستان ” في العصر المبكر للإسلام وتمت ترجمته الى
” بلاد الجبل” والتي شملت مناطق واسعة من أذربيجان وكوردستان ومن جبال البزر جنوب بحر قزوين متخللة جبال زاركوس وطوروس وممتداً الى البحر الأبيض المتوسط وكذلك أرمينيا .
كان للسوباريين إله متميز إسمه “علياتم” الذي أتخذ فيما بعد مدلول مقاطعة إدارية ضمن الإمبراطورية الآشورية ، بينما استعمل الحثيون مصطلح ” كور أوكو ” الذي يعني ” البلاد العليا ” وقصدوا بها المناطق الواقعة بين جبال طوروس ونهر هاليس ( خالص)
كما إنه سميت بلاد ” سوبارتو ” بأسم ” سوبارتيم ” في نص يعود لزمن الحاكم الأكدي ” نارام سن ” الذي حكم عام ٢٢٩١- ٢٢٥٥ قبل الميلاد .
استمر إستعمال هذا الإسم في العصر الأكدي بمعناه الواسع وشمل جميع المناطق التي تقع شمال بلاد ما بين النهرين والتي كانت تتضمن مناطق اللولو.والكوتيين .
لقد وردت في النصوص القديمة بأن سوبارتو كانت تضم أيضاً غرب كردستان الحالي المحاذي لميتان .
حازم هاجاني : مصدر (٦) ” مجلة متين
تم تدوين إسم “سوبار ” في النصوص المسمارية بأسم
” سوبارتو لأن اللاحقة ” تو ” كانت تضاف من قبل السومريين كنهاية لكلمات الجهات الجغرافية .
وتم ذكر أسم سوبارتو في لوحات جغرافية قديمة جداً وجدت في مكتبة الملك الآشوري آشور بانيبال والتي تعود الى العهد البابلي حيث تم تقسيم العالم في هذه اللوحات الى أربعة أقسام ( شومر وأكاد ) في الجنوب الشرقي ( إيلام ) في الشمال الشرقي ( عمورو أو بلاد العموريين ) في الجنوب الغربي ( سوبارتو أو بلاد السوباريين ) في الشمال الغربي (جورج رو : مصدر (٧) العراق القديم ترجمة وتعليق حسين علوان حسين ١٩٨٦ . والعلامة طه باقر : مصدر (٨) ” مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ” الجزء الأول الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين ١٩٧٣ وعامر سليمان : مصدر (٩) العراق في التاريخ القديم ١٩٩٢
يذكر المؤرخ جرنوت فلهلم : مصدر (١٠) ” الحوريون تاريخهم وحضارتهم ترجمة فاروق اسماعيل ٢٠٠٠ “
بأن التسمية الجغرافية ” سوبارتو ” لم تكن تشير دائماً الى مناطق محددة في شمال بلاد ما بين النهرين بل انها في البداية كانت تدل على جزء من منطقة شمال شرقي دجلة ثم اتسعت دلالتها لتشمل بلاد آشور وشمالي بلاد مابين النهرين وأضحت أخيراً في النصوص البابلية الحديثة وصفاً أدبياً لبلاد آشور .
في سرد أسماء البلدان التي غزاها سرجون الأكدي الكبير يشير نص مسماري الى حدود تلك البلدان .
فيما يخص حدود بلاد سوبارتو جاء في النص المسماري المذكور بأن بلاد سوبارتو كانت تمتد من ” إيلام ” الواقعة في شرق كردستان الحالي الى جبال الأرز ( جبال الأمانوس) . كما يذكر بعض النصوص الأكدية بأن سوبارتو كانت تضم شرق كردستان الحالي والجزيرة الوسطى العليا وسوريا الحالية ممتدة الى حدود إسرائيل الحالية وكانت بلاد سوبارتو تضم أيضاً قسماً من أرمينيا وبلاد الأناضول .
خلال الحكم السوباري كانت القرى تخضع لسلطة المدينة المجاورة لها والتي كان يرأسها حاكم يسمى ” باتيس- باتيز ” الذي يعني الملك باللغة السوبارية والسومرية وعندما كانت سلطة مدينة ما تزداد قوة كانت هذه المدينة تقوم إخضاع بعض المدن الأخرى لسلطتها وحينذاك كان حاكم تلك المدينة يلقب ب ” لوكال ” الدكتور نعيم فرح : مصدر (٣) “معالم حضارات العالم القديم ١٩٧٣ ” .
السوباريين كانوا شعباً مسالماً لذلك كانت الحضارة السوبارية مبنية على السلم والسلام ولم يقم السوباريين بأستعباد الشعوب الأخرى أو إحتلال أوطان هذه الشعوب بل أنهم نقلوا حضارتهم الى شعوب المنطقة .
يذكر علماء الآثار الألمان ” فون أوبنهايم ” و “هيوبرت شميدت ” و ” ناومان ” بأن مملكة سوبارتو كانت مهداً لمدنية ذات طابع خاص حيث أقام السوباريين حضارة مزدهرة وإن الآثار التي أكتشفوها في “تل حلف” وفي
“جبلة البيضا” تشير إلى إزدهار الزراعة والتجارة وبناء المدن في بلاد سوبارتو .
كان للسوباريين علاقات تجارية مع كل من أرمينيا وآسيا الصغرى حيث تم العثور على لوحات أثرية تحوي مراسلات تجارية مشابهة لتلك الموجودة في الوقت الحاضر .
كان للسوباريين تجار وعملاء مقيمون في مملكة آشور وغيرها من الممالك لمساعدة مملكة سوبارتو في إزدهار تجارتها مع ممالك المنطقة . ومن بين السلع التي كان السوباريون يقومون بتصديرها الى جنوب بلاد ما بين النهرين هي النحاس والقصدير والأقمشة والملابس والجلود والزيوت .
كان يتم نقل صادرات بلاد سوبارتو عن الطريق المائي عبر نهري دجلة والفرات وكذلك نهر الخابور حيث عثر
” فون أوبنهايم” و ” زميلاه ” على مرفأ نهر يعود للسوباريين
ملاحظة
١- (أدب) هي مدينة سومرية قديمة تقع بين تيلوه ونيبور تسمى حاليا بسمايا أو بسميا في محافظة واسط في العراق.
٢- الخرائط مأخوذة من الأنترنيت إحداها لمنطقة سومر والثانية خريطة لمنطقة أو بلاد سوبارتو .
المصادر
١- فلاح ميرزا محمود / المصدر الأساسي لكتابتي
“الأقوام والطوائف التي سكنت بلاد مابين النهرين”.
٢ – الأستاذ اسكندر داؤد :
” الجزيرة السورية بين الماضي والحاضر “
٣ – نعيم فرح : ” معالم حضارات العالم القديم
٤ – الدكتور جمال رشيد أحمد
“دراسات كردية في بلاد سوبارتو بغداد 1984”.
٥ – العلامة محمد أمين زكي
“خلاصة تاريخ الكرد وكردستان من أقدم العصور التاريخية حتى الآن . ترجمة محمد علي عوني الجزء الأول الطبعة الثانية ( ١٩٦١) .”
٦ – الأستاذ حازم هاجاني
” مجلة متين، عدد 67، “.
٧ – جورج رو : ” العراق القديم “
ترجمة وتعليق حسين علوان حسين ١٩٨٦
٨ – العلامة طه باقر : ” مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة الجزء الأول الوجيز في تاريخ حضارة وادي الرافدين” .
٩ – عامر سليمان : ” العراق في التاريخ القديم ١٩٩٢” .
١٠ – المؤرخ جرنوت فلهلم :
” الحوريون تاريخهم وحضارتهم “
ترجمة فاروق اسماعيل ٢٠٠٠
الكاتبة والدكتورة ڤيان نجار
٢٦ / ١١ / ٢٠٢٢ ….. يتبع
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي