تاريخ الكُرد القديم للأجيال
الجزء الرابع عشر
نشر دراسة فلاح ميرزا محمود : الكاردينيا مصدر (١)
المصدر الأساسي لكتابتي في هذا الجزء .
” الأقوام والطوائف التي سكنت بلاد مابين النهرين “.
والتي تتضمن الدراسات التي قام بها المؤرخين العرب والأجانب والمصادر التاريخية التي تمتد إلى قرون قبل
الميلاد وقبل الإسلام . وتتضمن اقتباسات من دراسات الدكتور جمال رشيد أحمد .
والعلامة محمد أمين زكي .
السوباريين
كانت اللغة السوبارية هي أقدم اللغات وكذلك كتابتها المسمارية، حيث أن الحضارة السوبارية نافست الحضارة السومرية حتى في ظهور الكتابة بل وفي تدشين العصور التأريخية، حيث أن هناك الكثير من المفردات السومرية المأخوذة من اللغة السوبارية .
الدكتور سامي سعيد الأحمد: مصدر (٢) ” السومريون وتراثهم الحضاري، منشورات الجمعية التاريخية العراقية، بغداد، 1975
هناك تشابه في لغات أسلاف الكورد الگوتيين و الكاسيين و الكردوخيين و اللولويين و السومريين و السوباريين و الهوريين وغيرهم من الأقوام الزاگروسية. يذكر السير سدني سميث بأنه ليست هناك أية علاقة بين لغة هؤلاء الأقوام ولغات الأقوام السامية. هذا يعني بأن اللغة السوبارية هي ليست لغة سامية. كما يعتقد علماء الآثار الألمان “فون أوبنهايم” و “هيوبرت شميدت” و “ناومان” بأنه يمكن تصنيف لغة السوباريين ضمن مجموعة اللغات القوقاسية . يؤيد هذا الرأي المستشرق الجورجي “ن. ي. مار”: مصدر (٣) مدونات القسم الشرقي للجمعية الآثارية الأمبراطورية الروسية. سان بطرسبورغ، المجلد 20، 1912 م، صفحة 99 – 151). حيث يقول بأن الكُرد هم شعب أصيل، وهم أقرباء الكردوخيين وأن لغتهم القوقاسية الأصلية إندمجت مع اللغات الهندوأوروبية للعناصر الآرية التي هاجرت الى كُردستان الحالي .
كان تقديس الطبيعة وعبادة قواها سائدة في معتقدات السوباريين، حيث كان الصليب المتساوي الأضلاع الهوري – الميتاني كان رمزاً للإله “ميثرا”. لا يزال يتم رسم هذا الصليب على أجساد الأطفال المرضى ويتم وضعه في رقاب الأطفال والحيوانات الأليفة، كما يتم رسمه على الأدوات المنزلية. لذلك كانت عبادة الشمس من العبادات السائدة عند شعوب الشرق الأوسط ومصر. الدكتور جمال رشيد أحمد: مصدر (٤) “دراسات كُردية في بلاد سوبارتو، بغداد، 1984، صفحة 27.”.
لا يزال تقديس الشمس باقٍ في بعض الأديان الحاضرة مثل الديانة الإيزيدية و الكاكە-;-ی-;-ی-;-ة. كانت الشمس هي الإله الأول للسوباريين ومن ثم تأتي الكواكب الأخرى وخاصةً كوكب الزهرة والقمر، بعد الشمس في القدسية و العبادة.
كما أنه من المفيد القول بأن السوباريين كانوا يحترمون الأديان الأخرى، الى جانب إحتفاظهم بمعتقداتهم الدينية و كانوا يمنعون التطرف والعنف. كان السوباريون و الأقوام الزاگروسية القديمة الأخرى يجعلون مقابر موتاهم بإتجاه شروق الشمس نتيجة تقديسهم لإله الشمس وكانوا يدفنون حاجيات الشخص المتوفي معه في قبره.
إكتشف علماء الآثار في “زيبار” أنقاض مدرسة لتعليم الأطفال التي يعود تأريخها الى العصر السوباري، حيث تم العثور فيها على قرميدات عليها دروس للأطفال والشباب في علوم الحساب وجداول الضرب والمعاجم. كما تم إكتشاف كُتب عديدة و رسائل التي كانت عبارة عن صكوك وقيود ومسائل رياضية وفلكية و نصوص تأريخية.
كانت مدينة “شريش” من المدن السوبارية الشهيرة، حيث دافع عنها السوباريون دفاعاً مستميتاً عندما حاصرها الملك الآشوري تيجلات بلاسر الاول، كما أن مدن كركوك وكفري وخورماتو وآمد (ديار بكر) من المدن السوبارية القديمة الباقية الى يومنا هذا.
لقد عثر علماء الآثارعلى بعض الأدعية الدينية، التي تُشير الى أنه كانت للمرأة مكانة مرموقة في المجتمع السوباري، حيث كانت المرأة متمتعةً بحريتها و إستقلاليتها في كثير من الأمور. الآثار المكتشفة تدل أيضاً على أن المرأة كانت تؤدي الأعمال الكتابية في الدواوين . جورجي زيدان: مصدر (٥) ” العرب قبل الاسلام. الجزء الأول، الطبعة الثانية، دار الهلال، 1922، صفحة 67).
وهناك ايضا دراسة تتناول الاقوام الاخرى التي قد تكون ايضا ضمن الجغرافية المسماة اقوام مابين النهرين اطلقوا عليهم اسم الشيعة ولا ادري ماهو المقصود بتلك التسمية التي قد تكون لاتشبهة ماهو معروف اليوم ولنرى ماذا قالوا عن ذلك
الدلائل التأريخية تُثبت بأن شيعة العراق الحالي و شيعة خوزستان الإيرانية هم آريون من أحفاد الإيلاميين (العيلاميين) و السومريين و الميديين.
كانت مملكة إيلام تضم اجزاءً من بلاد ما بين النهرَين وشرق ايران، حيث كانت حدود الدولة العيلامية تمتد من أصفهان شرقاً و ضفاف نهر دجلة غرباً والخليج جنوباً والطريق الموصل بين بابل وهمدان شمالاً.
بلاد سومر كانت تمتد من المدائن (سلمان باك) الى القفقاس.
كانت تحد الإمبراطورية الميدية من الشرق أفغانستان، بل كان بعض أراضي أفغانستان جزء من ميديا، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط ومن الشمال مناطق “كادوس” فيما وراء نهر آراس ومن الجنوب الخليج الفارسي، حيث كانت الإمبراطورية الميدية تضم كلاً من فارس و أرمينيا و آشور و إيلام و هيركاني و شمالي شرقي سوريا و جزء من باكستان على المحيط الهندي.
من خلال الحدود الجغرافية لمملكة إيلام و بلاد سومر و الإمبراطورية الميدية نرى بأن منطقة وسط و جنوب العراق الحالي كانت جزءً من هذه البلدان الثلاث.
أدناه أشارة وبشكل مختصر الأصل الآري لشيعة العراق و شيعة خوزستان في إيران . وكون السومريين هم أسلاف الكورد و شيعة البلدَين المذكورَين .
يذكر كل من هنري فيلد و عالم الآثار سيتن لويد بأن سكان الأهوار في جنوب العراق هم أحفاد السومريين. كما يقول الدكتور شاكر مصطفى سليم بأن عشائر سكان أهوار دجلة، أي المجموعة الشرقية، كانوا منذ أزمنة بعيدة على إتصال وثيق مع جيرانهم الشرقيين عن طريق الهجرات والتزاوج وعلى نفس المنوال كان سكان أهوار الفرات، أي المجموعة الغربية على إتصال مع جيرانهم البدو. يقول هنري فرانكفورت بأن منطقة الأهوار في جنوب العراق كانت مأهولة منذ الألف الخامس أو الرابع قبل الميلاد و أن سكانها قد قدموا من كُردستان.
هذه الإكتشافات و الدراسات تُثبت بأن سكان الجنوب العراقي و الكُرد ينتمون الى شعب واحد. الشيعة في العراق كانوا يعيشون على الضفة الشرقية لنهر دجلة في محافظات واسط و ميسان و بغداد و ديالى الحالية، حيث كان الكُرد يُشكّلون أغلبية سكان الوسط و الجنوب العراقي آنذاك، إلا أنهم عُرّبوا و إستعربوا بعد الغزو العربي الإسلامي لبلاد ما بين النهرين في زمن عمر بن الخطاب. هكذا فأن الكُرد و الشيعة، لا يشتركون فقط في الظلم التأريخي الذي تعرضوا له عبر تأريخهم الطويل و كونهم ضحايا المقابر الجماعية و الأسلحة الكيمياوية و الإبادة الجماعية، و إنما هم أيضاً يرتبطون بصلة الدم و القربى، حيث أنهم أحفاد الإيلاميين (العيلاميين) و السومريين و الميديين. الشعبان الكُردي و الشيعي هم أحفاد السومريين الذين بنوا أول حضارة إنسانية متمدنة على أرض الرافدين في العالم. هكذا فأن الغالبية العظمى من الشيعة الناطقين بالعربية هم مستعربون، تجري في عروقهم دماء كُردية، حيث كان وسط و جنوب العراق موطناً للكُرد الذين إستعربوا مع مرور الوقت بعد إحتلال المنطقة من قِبل العرب.
ينقل الدكتور شاكر مصطفى سليم : مصدر (٦) في كتابه ” الجبايش” الجزء الأول رأي بعض علماء الانثروبولوجيا، من أمثال العلماء هنري فيلد و سيتن لويد وثيسيغر، بأنهم قد لاحظوا الشبه الكبير بين سكان الأهوار و الإيلاميين و السومريين، من حيث مقاييس الرأس و البنية الجسدية و الأدوات الزراعيه و آلات الصيد المستخدمة. كما أنهم يذكرون بأن نمط حياتهم و ظروفهم المعيشية تشبه الى حد كبير نمط حياة و الظروف المعيشية للسومريين. كما أن مضائف شيوخ سكان أهوار العراق الدائرية والمبنية من القصب و الطين تشبه بشكل كبير هياكل المعابد السومرية.
كما تجدر الإشارة أيضاً بأنّ بلاد ما بين النهرين كانت تحمل إسماً كُردياً وهو (سورستان) أي (البلاد الحمراء) قبل الإحتلال العربي لها، حيث أنها سُمّيت بهذا الإسم نظراً لخصوبة أرضها و حَمارها بسبب النسبة العالية للحديد في تربتها.
من الجدير بالذكر هو أن أول نزوح عربي بدأ الى الحيرة في القرن الرابع الميلادي، حيث وافق الساسانيون على نزوح العرب و جعلهم رعية لهم لإستخدام العرب النازحين في محاربة البيزنطينيين الذين كانوا يحكمون سوريا آنذاك. البيزنطينيون أسكنوا بدورهم قبائلاً من العرب االغساسنة قبالة الساسانيين، مستخدمينهم كدروع بشرية ضد الهجمات الآتية من الساسانيين. عند نزوح القبائل العربية الى العراق الحالي في القرن الرابع للميلاد، كان الكُرد يُشكّلون أكثرية سكان العراق، حيث أن الكُرد هم الذين وضعوا اللبنات الأولى لصرح مدينة بغداد.
المصادر
١ – دراسة فلاح ميرزا محمود :
الكاردينيا / المصدر الأساسي لكتابتي في هذا الجزء
.” الأقوام والطوائف التي سكنت بلاد مابين النهرين “
٢ – الدكتور سامي سعيد الأحمد:
” السومريون وتراثهم الحضاري، منشورات الجمعية التاريخية العراقية، بغداد، 1975
٣ – المستشرق الجورجي ن. ي. مار
مدونات القسم الشرقي للجمعية الآثارية الأمبراطورية الروسية. سان بطرسبورغ، المجلد 20، 1912 م، صفحة” 99 – 151)
٤ – الدكتور جمال رشيد أحمد
“دراسات كردية في بلاد سوبارتو، بغداد، 1984، صفحة 27
٥ – جورجي زيدان: ” العرب قبل الاسلام. الجزء الأول، الطبعة الثانية، دار الهلال، 1922، صفحة 67
٦ – الدكتور شاكر مصطفى سليم
في كتابه ” الجبايش” الجزء الأول
٧ – المسعودي (1981)
مروج الذهب ومعادن الجوهر. الجزء الرابع، الطبعة الرابعة، دار الأندلس / بيروت، الصفحة 60.
٨ – باجلان، إبراهيم (2002)
حول العلاقة بين السومريين و الكرد الفيليين و الحقائق. جريدة الإتحاد، العدد (455) و الصادر في 11/1/2002
الكاتبة والدكتورة ڤيان نجار
٢٩ / ١١/ ٢٠٢٢ ….. يتبع
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي