قراءة في ديوان أنفاسٌ حرّة للشاعرة اللبنانية زينة حمّود، الصادر عن دار اسكرايب في مصر في تشرين الثاني ٢٠٢٢، بالتعاون مع ملتقى الشعراء العرب.
صورة الغلاف للفنّانة اللبنانية دلال شيباني. تصميم الغلاف للكاتبة والشاعرة اللبنانية منى دوغان جمال الدين.
قدّمَ للديوان الشاعر والناقد: ناصر رمضان عبد الحميد رئيس ملتقى الشعراء العرب
زينة حمّود كاتبة وشاعرة وصحافية لبنانية، صدر لها من قبل ديوان “قررتُ الرحيل” الصادر عن دار القلم سنة 2014 و ” إبحارٌ بلا شراع” الصادر عن دار القلم سنة 2019.
إنّه الديوان الثالث، المؤلّف من 120 صفحة، ويحتوي على أربعين قصيدة.
تتناولُ مواضيعَ مختلفةٍ، يطفو على اغلبه طابع الوجع والحزن والدموع والثورة واليأس والسواد والضياع والوحدة، والليل والشتاء والسكون والسجون والإجراء و الرحيل و الغربة والحنين.
كتبت الحزن والفراق، رحلتْ عن الحبيب فكان طريق اللاعودة. وضعتْ رسائله في حقيبة السفرِ الملأى برسائل الاعتذار، لأنّه لم يعد يُغريها “سكر الحياة”.
في الليلِ يشتعلُ قنديلها، توأمُها أنفاسها. تشتاقُ لروحِ نصفها الآخر التائه في الصلوات، لحبل وريدها، لقدرٍ مجنون، لأنها تحبُّ بجنون.
فاحتْ رائحة القهوةِ عدة مراتٍ، في عدة قصائد، قلقتْ على الطبيعة التي خلعتْ ثوبها والسماءُ أقفلتْ أبوابها، وتساقطَ المطرُ زخاتٍ من الذكرياتِ، فلم يخترق السكونُ في الصباح إلا ناقوس الصمت، فكانت وردة قاتلة.
وضعتْ دموعها على الأكف، ماتتْ فراشتها في عزاءِ الروح.
الكلُّ رحل، لم تبقَ إلّا مدينة الذكريات، بيروت “قبلة الأنقياء ومهد الأنبياء” التي تقع على بحر العشقِ حيث تعيشُ الوحدة. يرافقها القمرُ في رحلةِ العاشقين.
أمّا الحصة الأكبر، فكانت للوطن الذي ما زال زال مرميّاً على مذبح الحياة. آهاتٌ كثيرة وصرخاتٌ ودموع وثوراتٌ يعتصرُ لها القلبُ والكلماتُ التي تاهتْ فخانتها الحروفُ بسبب خطايا البشر.
صيدها الثمينُ مكتبةٌ فيها ألف كتابٍ من تاريخ مجيد. أمّا شبابها فمسلوبٌ، وأنفاسها تائهةٌ، بعد انفجار إهراءاتِ القمح في بيروت في الرابع من آب سنة ٢٠٢٠. تقولُ من لم يتحمل عذاب الموت والفراق انتحر.
تاهتْ زينة حمّود في بستانِ العطور أميرة، نقشتْ على الرصيفِ في خريفِ العمر. لم يبقَ لها شيء سوى القمر يخترقُ الغيمَ، ليزيّنَ السماءَ بلوحةٍ إلهيّة. ترافقها موسيقى الوحدة المشبّعةِ برائحةِ النسيان.
كتبتْ أفكارها على صفحاتِ الأحلامِ في زمنِ الطوفان، تسلّقتْ قصائدها أحرفَ الجرّ فوجدت الإجابات الفارغة أحيانًا وتعثرت الحروفُ أحيانًا أخرى، لأنّ الظلامَ يغزو الروح.
خلف قضبانِ السجونِ، حين تقرعُ طبولُ الشتاءِ، تعيشُ وحيدةً خلف جدرانِ غرفتها. القنديلُ يُشعِلُها، تتقطعُ أنفاسُها، أمام كؤوسٍ فارغةٍ.
هاجرت الشمس وتغيّرَ شكل القمر وجفَّ ولم يبقَ سوى الرحيل. تتألم أمام فتاتِ الخبز الذي لا طعم له،حتى كوب الشاي فقدَ حلاوة الطعم.
تبكي وطنًا يسوده الظلامُ ويعيش أهله ثوراتهم من خلف الشاشاتِ، تُدوّي الصرخات، هل من يستجيب ؟
ديوان زينة حمّود مليءٌ بالحزن، بالثورة. بين الحرف والحرف، ينتابُكَ الشعور بالحزن بل بالخيبة، باليأس، بالغربة والحنين.
تبكي ف تنهمر الدموع، يعصر القلب الألم.
كتبت زينة حمود الحبّ، كفكفت دموعها على الورق، عانقت الكلمات.
وحده الحب يجعلها تكتب سطور العشق،
وحده الحب يا زينة، يجعلكِ تكتبين أسطورة من الفرحِ من البسمات.
لا تتأخري طويلاً كي تكتبي الفرح لأننا بالرغم من كل شيءٍ، نعيشُ على قيد الأملِ في وطننا.
مبارك هذا الديوان الثالث، وإلى المزيد من الكتابة و الفرح، لا الحزن، ولو أنّ الشاعر يكتب من وحي ما يعيش،ما يرى وما يشعُرُ به.
عودي الى الإبحار بلا شراعٍ، قرّري الرحيل الى عالم الحب والوطن والحرية والثورة والعائلة.
رنا سمير عَلَم
٢٧/١١/٢٠٢٢
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي