حوار مع الكاتبة والأديبة السورية جمال حسين عبيد . حاورتها من بيروت الصحفية :نجوى الغزال ،
س١_هل بدأت الكتابة في مرحلة الطفولة أم بعد الإنتهاء من الدراسة الجامعية والتي حصلت بعدها على إجازة باللغة العربية من جامعة بيروت العربية في لبنان؟
ج١ .أختي الفاضلة نجوى
الكتابة كما تعلمين تحتاج لفترة تخزين من اللغة والفكر ، أذكر أنني مارست القراءة منذ الصغر… ولي ملكة الحفظ… خاصة النص الذي قوامه موسيقية… كنت أدوّن جملاً تعجبني/ أمثال، أقوال في دفتري الخاص… أثناء الجامعة كان همي أن أتخرج بدرجة لا بأس بها… أعطيتها وقتي، وقسماً آخر للبيت.. وللأسرة. فترة التدريس كانت طويلة (33 سنة) منحت طلابي كل ما استطيع من جمالية اللغة العربية. والآن عاد قلمي لنشاطه وأتمنّى الإستمرار.
س٢. معروف عنك أنك تتناغمين جداً مع محيطك فهل إقامتك في الجزائر والإمارات للعمل لسنوات كان لها أثر واضح على كتاباتك ؟ أم انك تمسكتي بملامح بلدك الأم فقط؟
ج٢. كنت من الدفعة الأولى التي أُرسلت لتعريب اللغة العربية في الجزائر عام (1972) وجدتُ الطلبة لغتهم فرنسية / بعض الطّباع / العادات / التقاليد … فرنسية. الإستعمار الفرنسي كان له تأثير عليهم – والبعض منهم يتكلم لغة البربر (قبائل) لذلك كان التواصل الاجتماعي قليلاً جداً، وهم معتادون أن الساعة السابعة مساءً لا يخرجون من البيت / فرضها الإستعمار عليهم…
الصداقة الحميميّة كانت مع الطلاب فعلاً، حسهم الوطني ممتاز…ويا غاليتي من منا لا يتمسك بملامح بلده الأم؟! وهذه الملامح برأيي قابلة للتطور والتحسين دون قبع الجذور… والحقيقة بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت بلدي الثاني لما وجدته من إحترام وتقدير للإنسان بصورة عامة أما التواصل الاجتماعي لا يجدي إن كان من جهة واحدة قبوله….
س٣_يقال ان الكتابة قوة وفيها شيء من إثبات الذات، فإلى أي حد الكاتبة جمال عبيد تتسلح بالكتابة لتظهر قوتها وما في داخلها؟
ج٣. الكتابة كانت ولا زالت لها الأهمية الكبيرة في حياة الشعوب، حيث تعتبر اللغة خاصيّة بيولوجية ولكن الكتابة خاصيّة ثقافية حصل عليها الإنسان بوقت متأخر… الكتابة حققت إنجازاً حضارياً، وأنشأت دولاً وساهمت في نقل العادات والتقاليد والأعراف من جيل لآخر…ككتاب (الأمم والشعوب) للطبري، فإذا كانت الغة والكتابة سلاحاً لإظهار حضارات الشعوب، فلما لا تكون أيضاً الكتابة نبراساً يظهر ما في داخلي تحت عنوان …. أكون أو لا أكون….
س٤_ لقد تناولت مواضيع عديدة في مقالاتك والعناوين الأبرز هو الحرية فما تعني لك الحرية كإمرأة عربية؟
ج٤. الحرية هي التحرّر الحقيقي للإنسانية لا للعبودية لا للذل لا للإستعباد والحرية سبقت القوانين الوضعيّة في تقرير الحقوق والحريات العامة، فكيف لي أن أغمض عيني ولساني كاتم كلماتي؟؟؟… فلا استطيع التعبير عن ألمي أو فرحي… إذا غابت الحرية … غابت الشمس أمام الأعين… وعمَّ الظلام … الحريه بالنسبة لي غذاء الروح… أتنفس منها والمرأة بحاجة ماسة لحريةٍ حُرمت منها على مدى الدهور… حتى في اليابان لا تستلم سلطة عالية في الحكم… وكذلك بعض الدول… رغم انها استطاعت أن تفرض مقدراتها العقلية والجسدية … لكن بقي جناحها يرفرف دون الطيران… في الإرث… في السياسة…. في الحقوق الزوجية… في الطلاق… كيف لي أن أكون وحريتي مغبونة؟؟؟ أؤمن بحرية المرأة مع حفاظها على السلوك العربي الأخلاقي…
س٥_ هل كلما كان الكاتب حراً كلما وصل الى درجة عالية من الإبداع؟
چ٥ . من الإبداعات التي جمّل بها الإنسان هذا العالم فن الكتابة وهي… صياغة الكلمة لا تصبح ابداعاً الا اذا انطبعت بروح الكاتب، فتلمس قلب القارئ وتثير عقله. وتمسي القطعة الأدبية هي المبدع لأنها تعبر عن أفكاره وهواجسه ومشاعره وأحلامه، كما تصبح هويته الأساسية تعرِّف عنه وتعكس صورته… الكاتب وهو يكتب يضع نصب أعينه عنصر الإبداع وهو المرتبط بحرية الشخصية وبحرية الذات.
س٦_ التفائل يأخذ حيذا كبيرا في مقالاتك وكتاباتك وتذكرين انه بعد كل تعب هناك راحة ، وبعد كل مرض هناك شفاء ، فهل هذا التفاءل هو من يعطيك الطاقة لتنسجين قصصك؟
ج٦. بما أنَّ الكتابة هي مرآة تعكس ما بداخل المرء الداخلية من فكر وأحاسيس ومشاعر ومفاهيم إجتماعية / سياسية / دينية جميعها تسحب خيوطها من مكنونات المرء الداخلية، فهذه الخيوط تأتي مختلفة اللون حسب تكوين المرء، فالظروف الحياتية والبيئيّة التي عاشها تفرض نفسها على طباعه، فمن عاش في بيت فيه أريحية الحياة وبيئة سليمة فيها الأمان سيكون طبعه سلساً – فرحاً – متفائلاً – شاكراً ربه.
س٧_ من هو من الكتاب العرب الأكثر تأثيراً في مسيرتك الأدبية؟
ج٧. كنت أقرأ ل (مي زيادة) منها كتاب (ظلمات وأشعّة) وللمنفلوطي ( العبرات مجموعة قصص تسع قصص / الحجاب/ الهاوية/ النظرات ثلاث أجزاء… أيضاً جبران خليل جبران ذو الأسلوب الرومانسي الرائع ، ويعجبني الخيال الملهم / النبي.
س٨_ المعاناة تقود الى الابداع ، هل توافقين على هذه المقولة؟أم ان الفرح والجمال والحب أكثر تأثيرا على الكاتب؟
ج٨. لا شك أن الإبداع له مكوّناته الخاصة به وقد تكون المعاناة عنصراً هاماً في تكوينه لأن الإنسان بطبعه يحب الحياة/ الإنتصار/ ويرفض الخسارة/ … والإبداع نوع من أنواع النجاح والإنتصار… أما المرح والحب والجمال – جميعهم ذوي ديمومة مزاجية البقاء، فزوالها ممكن حسب الزمان والمكان، يكون التأثير…. أي نتائج الإبداع الملازم لهم كثيرة.
س٩_ هل الوطن هو حبك الأول؟ وماذا تقولين في حب وطنك؟
ج٩. الوطن هو الحب الأول والأخير، لأنه حب من نوع مختلف… وطني هو رمز هويتي/ كرامتي/ فخري/ إنه الأرض التي تبرز حقوقي عليها… حق الإنتخاب/ التملك/ العيش الكريم، ومهما ابتعد الإنسان يبقى الوطن أمله ويبقى حنينه دائماً لمسقط رأسه، خاصة إذا كان الوطن حنوناً – ويحافظ على أبنائه من الضياع …
س١٠_ ما هو رأيك في ظاهرة إنشاء الملتقيات الأدبية والفكرية وبالأخص فيما يخص بلمتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد والذي انت عضو فيه ايضاً؟
ج١٠. إن اللقاء الأدبي والتواصل المعرفي ضرورة حتميّة لتطوير اللغة والأدب، ولتحسين اللقاء بين أفراد الوطن العربي خاصة ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد الفاضل… أبارك أعماله الرائعة … وحسه العربي… اللقاء يثري الأدب معارف مختلفة ومتنوعة ويزيد التآلف والتكاتف بين أفراد الوطن العربي ، ليبقى يداً واحدة…
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي