قراءة في كتاب “من قريب” للمبدع ناصر رمضان
خارج عتبة الزحام الافتراضي قلة من الهواة يلوذون بالكتاب بحثًا عن المعرفة والتأمل والجمال. لكن الشاعر ناصر رمضان يتقرى أصناف الأدب المكتوب كالمفتون بالزهور.
يقرأ هنا وهناك ويختار ما يبعث روح الجمال ويحاول لفت الانتباه إلى الأدب.
في كتابه “من قريب” يحتفي بشاعرات لجأن إلى النثر ليخففن وطأة الصخب الساكن بالأرض.
في عصر تنوعت فيه الأهواء وازدادت انسياقًا إلى السرعة والبهرجة والألوان يسلط الضوء على إبداعاتهن لعل الفكر يسترجع ما ضاع من التأمل و أغواره البديعة.
بين أن تبث همك كتابة ببوح جميل يتجاوز الأنا، إلى عتبة تقفز معها بالخيال نحو أمل ترجوه لغدك؛ ذلك هو الأدب.. إنه التعويض عن كل ما يتمنى الكاتب فيتخيله ويحلم بالأجمل. ولأنه عملية تنموية باقتدار كما يعتقد الشاعر ناصر رمضان فلقد طاف في دواوين عديدة وقطف منها ما يؤكد إيمانه بالمفعول السحري للأدب. ففي ديوان “أنفاس حرة” للمبدعة زينة حمود قرأ ووجد أحاسيسها تُترجم بلغة جميلة شبّهها بنغم يضيء ـ كالكهرباء ـ واعتبر شعرها المترع بالحب والحرية والوطن اختمارًا وعصارة التجربة. وفي ديوان “ترانيم روحية” أظهر جمال المعاني والأمنيات المضمرة لدى الشاعرة رانية مرعي وأضاء أحاسيسها التي جمعت بين الحب والتصوف والوطن بعيدًا عن الحروب بنزعة لا تني تشد الروح نحو السلام والجمال والرضى بالقدر.
ثم انتقل إلى الشاعرة الراحلة هيام حماد التي تركت خلفها ديوانين وعرض بعض شعرها وفاء لها ولبصمتها في عالم الكلمة.
{ أريد الحزن في عينيك لي وحدي
أريد العشق ممزوجًا مع الشهد
أريد الشوك يدميني
ويرميني على الورد}
وبالعناية ذاتها تحدث عن الشاعرة والمترجمة تغريد بو مرعي وعن أعمالها الممهورة بالحب، إذ ملأ الوطن جوارحها فترجمت عشقها بالأرض إبداعًا وإدهاشًا.
وكذلك أبحر تأملًا في ديوان “همسات آمنة” للشاعرة آمنة ناصر ورأى طبعها الشفاف ودمجه بإحساسها الدافئ المتواري خلف الكلمات فوجد فسحة أمل حيث خلقت من المحنة منحة ووهبت القارئ الثقة والعبرة.. وما الشعر برأيه سوى التأرجح بين الواقع والخيال والوعي واللاوعي وهو إثبات الذات والفضفضة والتطهير و هو أيضًا التعويض عن رغبة أعاقها الواقع فجاءت ـ من الخيال ـ متناغمة مع طموح الشاعر وأمانيه.
ثم ينحو بتأملاته النثرية إلى ومضات المبدعة المهندسة غادة الحسيني ويأخذنا إلى عالمها الوثير لنستمتع بفضاء الشوق المغزول حبًا ولحن غرام ينبض بأفئدتنا لنتأمل ونأمل بزمن أكثر رحابة و كرامة.
{ مسكين من
يظن أن الأنثى
كالمتاع
أو منالًا للضياع
إننا وهج من الأحلام
والإبداع
في عصر الضياع}
وفي كتاب “على هامش الحياة” للأديبة “جمال عبيد” قرأ مجموعة مقالات استقتها من حياتها في دمشق وقراءاتها وخبرات الغربة إذ كتبت عن المرأة، الوفاء، الغربة، الحنين لدمشق، الدموع، الجمال، التعليم، الصمت.. وذلك بأسلوب سردي جميل ، ثم انعطفت إلى الكوميديا الإلهية و ذكرت بحب شعر دانتي، كما عرجت على الخنساء كمثال للمرأة العربية التي تتألم وتأمل وتقاوم وتعمل وتكتب.
هو الأدب ما يستمد منه المبدع ناصر رمضان شعلة المعنى ويحارب عبره البشاعة واليأس، ولن يخفي سعادته الغامرة بصدور الطبعة الأولى من موسوعة “ومضات” الصادرة عن ملتقى الشعراء العرب الذي أسسه الشاعر ناصر رمضان بمبادرة طيبة وكريمة تستحق التقدير والثناء للتأكيد على أهمية القراءة وتذوق الجمال. وكم نأمل أن يزداد حقًا رواد الكتاب ويعود الأدب واحة يلتقي عندها ـ إلى جانب المبدعين ـ هواة التأمل والبحث ليبقى الكتاب منارة كل تائه أو باحث عن الحقيقة والجمال.
ربى منصور
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي