خَصيمُكِ النَّبيُّ
خَصيمُكِ النَّبيُّ
مَنْ علّمكِ الغيابْ؟
ومن علَّمكِ المسافات؟
ولغاتِ الشّمال والمراوحة؟
وكيفَ _ وحدَكِ _ اختزلتِ الحضور؟
كأنْ يصبحَ المدى – كلُّ المدى – كليمَكِ!
خصيمُكِ النّبيُّ
كيفَ لغيابِكِ أنْ ينتشيَ بهذا النَّبيذِ من شَيْبِ انتظاري؟
وكيفَ
يداكِ تَلِدُ الاتّجاهاتِ، وكيفَ تَنْفيني؟
خَصيمُكِ الوردُ
مَنْ علَّمكِ العِطرَ؟
وكيفَ أصبحَ عطرُكِ ذاكرة؟
وهذا التجلّي، امتهانُكِ الفِطريُّ، كيفَ اعتراكِ واعتريتِه؟!
وكيفَ امتلكتِ رائحةَ الوجود، أن اكتسى باسمِكِ كلُّ منفى وكلُّ عناق!
وأسألكِ، خصيمُكٍ الوردُ
أنّى _ لامرأةٍ تُحيكُ وجودَها بكلِّ انسيابِ الحزن _ هذا التفرُّدُ في الأثر؟
خَصيمُكِ الماءُ
ما آنسَ ماءٌ في اختلاجِهِ وفي استسلامِهِ، إلّا باحتوائِكِ
وقلتُ لكِ
ما اشتدَّ حزنُ الماءِ بي، إلّا وماؤُكِ احتوائي.
خصيمُكِ الماء
وتكتملُ الأشياءُ باتّساعِكِ
وتملئين البداياتِ والنهاياتِ .
خصيمُكِ الماءُ
وكحلُكِ -قُلتُها حتّى اشتدَّتْ بيَ خضرةُ الفسيحِ – الماء
كيف تنفردين بكلِّ هذا المطرِ وبكلِّ هذا الصّحو، لو مرّةً بكيتِ
لو مرّةً ضحكتِ؟
خَصيمُكِ الحبُّ
بالضَّـوءِ، ظـلُّـكِ.
بالطـَّريـقِ المُـحَـمَّـلِ بالخطواتِ الخائـبـةِ
بالباقي من الأحـلامِ
بالصَّبا، صوتُـكِ.
بالوحي الّـذي باسـمِكِ تكنَّـى
بالعـرَجِ في الكلماتِ التي ظلَّـتْ، ولمْ يُـطـلِقْـها الاعتراف
بالحـبِّ، حـبـيـبُـكِ.
بالمدنِ الـتـي احتـلَّـتـْني حينَ سكـنـتِ يديّ
بالسُّـكـنى، أثركِ.
بالقصـيـدةِ التي آمَـنَـتـكِ، سـكَـنْـتُ.
امرأةٌ لا تُـرديـكَ قاتلاً وطفلاً ونـبـيّـاً
لا تكــتـسـيـهـا
وبـكِ اكـتـسـيـت!
خصيمُكِ الحبُّ
ما الرّيحُ التي حملتْكِ؟
وفي إثْرِها أعدو والمجازُ ودمي
نناديكِ
وينهشُنا غيابُكِ الحاضرُ
وننأى باسمِكِ في ظلِّ الوحدة
نصبحُ بلاداً كاملةً يُعلَنُ بها اسمُكِ
تهجرُها حتّى مساحاتُها
ونضيعُ في اللّامكانِ
لأنّنا لا ننتمي سوى إلى هذا الغياب..
خصيمُكِ أنا
واسمي نسيتُه سوى في ذاكرةِ صوتِكِ
وأسوقُ إليكِ _ ولو قَتلتِني _ صكَّ براءتِكِ سوى من شمالِكِ البعيدِ المُشتهى
قاتَلَني الله .. قاتَلَني الله كَمْ أحببتُكِ
خصيمي كلُّ شيءٍ _ عداكِ _
قاتَلَني اللهُ كَمْ أحببتُكِ .
خصيمُكِ الغيابُ
وخصيمي، كَمْ أحببتُكِ
نصير أبو عساف – ألمانيا
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي