قريباً من عبق زمان عسليّ، من بيوت متصافحة تضّج زواريبها بحكاية وشقاوة أطفالها.
قريباً من تلاميذ تتعلم من الحياة شغفها قبل أبجديتها، من طفولة تخاف على ليلى من الذئب، من جيل لعب بين أرباع الصّبار، زرع التوت وقطف الحرير…
بعيداً عن أوهام باتت مُعلّقة في خبايا ذاكرة باهتة، عن هويّة استنزفتها العولمة وما يُسمى بالإنفتاح حتى باتت مكتومة القيد.
عن غزوٍ على براءة الذمّة، الإكتفاء، القناعة…
عن رحلة سياحية على تراثنا الغزير، عن معارك مع سرد الاجداد والإختلاط الوهمي مع الحاضر.
عن زرع العبث في مروج القمح، دثر الرماد في مواقد الخبز.
…وبموازاة الإدراك أن للماضي حقّ تخليد جسر عبوره إلى مستقبل هانت علينا إحداثياته وتطوّره حياتنا اليومية، مدّخرة ساعات الشقاء في تأمين القوت اليومي. من عُلب حافظة، إلى أكياس مثلجة وصولاً لواجبات سريعة.نسفت معها طعم الأصالة المُنكّه بعرق الجبين المجبول بخميرة رزق الحلال، المطبوخ على نار البساطة والبركة…
قد تأتيك الصفعة بقصد الوعي.
وما الأزمة الإقتصادية و تبعات أزمة كورونا الا صفعات لمجتمع بأكماله تحّثه للعودة خطوة الى الوراء، الى زمن جميل، الى حلقات تتشابك معها الايادي وتدبك على لحن الحياة والنخوة والتآلف.
اليوم، وللسنة الثانية على التوالي نمتطي صهوة حصان الزمن ونعود لنحيي الحياة في مروج زُرعت بالقمح وتلألأت بسنابله وأفاضت خيراً.
لنرسو منذهلين ببساطة معدات المورج الذي يفصل القمح عن السنابل بحركة دائرية تُحاكي عقارب الساعة و تسابقها .مع سُمرة الوجوه التعبة الى سمرة الرغيف على الصاج و رائحته الخالدة في ذاكرة مُتذوقيه.
وعلى درب الحرير مع معجزة ربانية خلقها في دودة القز، نسير والفخر يكسينا.
هي دعوة لان اسميها بالعامة بل بالخاصة ، لانها حتماً ستحاكي الحنين المختبأ في حنايا ارواحنا، في طفولتنا، في خلود حكايات اجدادنا…
هي دعوة مختومة بالحب
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي