عتاب
الساعة الثانية ظهراً ، عندما دخل عادل البيت ، عابس الجبين ، مقتضب المعالم ، متجّهما كئيبا .
آلمني تماماً ؛ تُرى أسأله عن السبب ، أم أدعه ؟ ربما يبوح لوحده . أراه يتمشى في جوانب البيت ذهاباً و إياباً وكأنه قد أضاع شيئاً ثميناً ، وعليه أن يجده …
ثم يشعل سيجارة – تلو الأخرى وهو مضطرب ، قلق …
انتظرت طويلاً بصبرٍ جميل ، علّني أعرف ما يريح صدري … وخاصة أنه الأخ والصديق الوفي والصريح الواضح في المواقف …
اليوم ؛ على غير ما يرام ، اقتربت منه ؛ بابتسامتي المعهودة ، ياعادل : دع التجهّم في السماء ، وابتسم تعال أقاسمك الهموم …علّك تشفى ، ثم أرتاح .
نظر إلي نظرة عتاب ، وكأنه يقول : حتى أنتِ ؟
بالله عليك هل لك أن تشاركني قلقك ؟! صداقتي معك تخولوني أن أطرق بابك ، وأعرف ما في دارك ، أليس كذلك ؟! أجاب ، بلطفٍ ، وبهدوءِ ، لا بأس خمسة عشر عاماً معاً ، و ما زلت أفتقد الإخلاص والوفاء ، ماذا أقول لطفلتي؟!
لا ، لم أقصر يوماً بواجبي نحوها ، ولم أبخل في موقف يحتاج سخاء ، وأعلم علم اليقين أن الله تعالى يكره الطلاق ، ولكنه لم يحرمه على عباده للتوسعة لهم ، والآن أتساءل وبغصة ، ما ذنب طفلتي في حالة الانفصال ؟! وأين سترسو سفينتها ؟ عندي أم عند والدتها؟ وهما أمران أحلاهما مُرٌّ، فعمر المراهقة يحتاج لرعاية خاصة به ، من دراية وحنان، ومعاملة حسنة من الوالدين معاً …
حقيقة تكاد دموعي تنفر من مقلتيّ ، ولكن لم أدعها تسيل حتى لا تجرح عادل … يكفيه ما هو فيه … قلت له: ياعادل هدّئ من روعك … وخذ الأمور … كما هي …
- إن الوفاء خصلة اجتماعية خلقية تتمثل في تفاني قضية ما ، أو شيء ما بصدق خالص – والوفاء أصل الصدق ، حيث كل وفاء صدق وليس كل صدق وفاء …. وهو من شيم الأخلاق …
- لقد تذكرت قول أحدهم: لا تحزن إذا جاءك سهمَ قائلٍ من أقرب الناس إلى قلبك فسوف تجد من ينزع السهم ويعيد لك الحياة والابتسامة …
وبقي عتابي للزمن مريراً …
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي