حنّ إلى ترابها ،فتوسّده في رحلة أخيرة ..
شعر عيسى بركات، يتضوّع كزهر اللوز
* بقلم الإعلامي سعدالله بركات
منذ مطلع العام كان يلهج بالسفر لضيعته ، يقولها وصوته يعزف توقا لا يعرفه إلا من يكابده ، ما من هاتف خلا من ذكر،، الفحيلة ،، وحمص العديّة ، حين أهلّ مع تموز موعد السفر ، ألمّت به وعكة ، فما أبه ولا غيّر ،بل علا صوته فرحا بسهر وسمر ، وبعبق لوز ومذاق تين ، في مرابع ذكريات وحنين .
هو لايحنّ إلى قريته ،،الفحيلة ،، وحسب ، بل يفتخربها وهو القائل :
((أنا الفحيلة صدري واسع رحب للزائرين ومائي منهلٌ عذب
أنا الفحيلة للتاريخ مفخرة منّي الكرام ومنّي السادة النجب
أنا الفحيلة زهر اللوز يعرفني والخوخ والتين والزيتون والعنب
دمت لنا موطنا طابت إقامته نحن اليك بكل الفخر ننتسب))
من بعيد ،جاءني صوته مبتهجا بما كحّلت العيون ، وقد قرأ مقالتي عن ،، فخر الانتماء ،، في شعره ، لم يشأ أن يقلق أحد ، وما فتئ يردّد ،، أنا منيح ،، لكن هاتف عصر الإثنين 4 أيلول من الصديق الأقرب أبي رامي ،حمل نشيج أسى ، نشيج لوعة طالت أسرة ومعارف وصداقات شكلت رصيده الثر ّ من حميد خلق وغيرية توادد …
لقد رحل ،،أبو بركات ،، وأحسب أنّ قدره ساقه ليتوسّد تراب،، الفحيلة،، التي عشقها وغنّاها ..فعاد إليها ليسلم الروح إلى باريها ..هو الذي افتقد طعم العيد بعيدا عنها وعن أحبته :
(( العيد ما بين الأحبة أجمل والحفل دون حضوركم لا يكمل
والورد لم ينشر شذى أزهاره لو لم يكن وجه الحبيب يقبل
هذي الوجوه الفاتنات بحسنها وجمالها وبهائها يتغزّل))
منذ يفاعه ، قارب عيسى الشعر، لكنه لم ينشر شيئا من نتاجه على وفرته وتنوّعه ، لكن حفلات الأفراح ، عرفته شاعرا مموسقا فصيحا أو وزجليّا ، وخاصة في المغترب حيث راح يشدو بما يطرب السمع والروح ، حين عبق الحنين يفوح ، حنين تراه عند شاعرنا أصالة انتماء :
(( دع الأقلام وامتشق الحساما فحدُّ السيف يختصر الكلاما
ولا تأبه بعادية الليالي فعين الله تسهر لا تناما
وقل العابثين بأمن قومي فهذا الشعب يأبى الإنقساما
فنحن من قديم الدهر كنا إذا ما جعنا نقتسم الطعاما
لم نكن على معرفة ، ولا تجمعنا قربى ، ولكن جمعتنا مشاعر، حين تعارفنا عند الصديق العتيق ،، إلياس كدر ،، 2017 على مأدبة عامرة ، يشدّك بعذب حديثه ، مرفوقا بابتسامة صافية الموّدة ، حتى إذا عاد كل منّا إلى مغتربه ، صار التواصل مغالبة لتوق الربوع
رحمه الله واسكنه فسيح جنانه ،حسبه رصيد محبة ، وأنّه توسّد التراب الذي أحبّ …
ولا نعلم بأي ارض نكون ؟!
بقلم الإعلامي سعدالله بركات
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي