(الكنز المنشود)
” اشتر واحدة واحصل على الأخرى مجاناً”، عبارة كانت جل ما احتاجته قدماي لكي تسوقني نحو متجر “علي بابا” لأسابق المصطفين عل أحصل على نصيبي من الكنز المنشود.
مضيت أجول بناظري في زوايا المتجر المكدسة بالتحف والهدايا و يداي تعبثان في ثنايا الأرفف بحثا عن السمني منها فرحة بصيدي الثمين. وفي خضم مغامرتي الشيقة وسعيي الدؤوب لجني أقصى المكاسب، لفت ناظري مشهد لسيدة مثلي تغوص بين المعروضات كالمنقب عن الذهب، وخلفها طفل رضيع، دون السنتين من عمره، قابع في عربته الصغيرة، مصدرا أصواتاً كأنها احتجاج على حبسه المنمنم، معاركا رداءه الملتف حول جسده كالقيود، بجانبه أخوه الأكبر سنا قليلا، على ما يبدو لم يتجاوز السادسة بعد، يقف متأهبا باشقا بعد تلقيه مسؤولية مجالسة أخيه وأوامر اسكاته.
طفل تبدو عليه ملامح الذكاء والفطنة، فقد لمحني أطالعه وأخذ يبادلني النظرات باستغراب! لكن كلاهما كان في عالمهما الخاص، لا يعبآن ببهرج المتحف الكبير، بل على العكس تماماً، يبدو كأن المكان قد أثقل كاهليهما بالملل.
فيمضي محاولا إرضاء أخيه وإسكاته بشتى الطرق بلا يأس، رغم المحاولات العديدة المختومة بالفشل، وكأني اسمعه يقول في نفسه: “أخي لا يريد خبزا ولا ماء، فكيف أرضيه وأقوم بواجبي؟! وتمد يده ليتناول كأسا زجاجية معروضة على الرف القريب منه ويضعها في كنف أخيه، عله يسكته بها؟!
مع التفات الأم نحوهم، تدوي صرخة تلفت الأنظار نحوهم، ” يا غافل إلك الله، ولك يا حمار بكسرها”، …كلمات لطمت بها وجهه البريء، لتتطاير من عينيه شرارات غضب البريء المظلوم، يرمق به جموع الحاضرين من حوله، ولينالني منها نصيب، وكأني بها تقول: ” … بأي ذنب قتلت، ألأني حاولت إرضاء أخي وأمي؟!!” ثم أشاح بوجهه هربا خجلا.
عندها، ودونما أدري، أ لفورة الأمومة أم للهفة نجدت البريء المظلوم، وجدت كفي تربت على كتف الأم برفق لتهدأ من روعتها، وهمست قائلة: “أختي.. أرجوك اعذريني، فابنك حساس ذكي وخجول، وأنا لست أحن عليه منك، وإنما أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض.” وأخذت امسح على رأس الفتى الصغير برفق وحنان.
حينها بدت اسارير الارتياح تبدو على ملامحه، كمن ألقى عن ظهره ثقيل الحمل، وارتسمت على محياه الجميل ابتسامة خجولة، أعادت له وقفت الباشق. لتعود الأم بعدها لتقبلني وهي تقول: ” عذراً فلقد تسرعت”
وبشعور غامر من الدفء والسعادة، مضيت وقد علمت بأنني قد ظفرت بكنزي المنشود.
رحاب هاني /صمت
اعدو وراء الصمت، اتعثر بظله .عجباً به كيف يختفي!كيف يلتحف ضباب الأحلام و يستقي من رذاذ الأوهام؟خانتني الرؤية من جديد...
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي