من المغرب الشقيق الفنانة ربيعة القدميري، ذات الحس المرهف والقلم المبدع المعبّر والقلب الجميل.
تعرفت إليها عن قرب وجلسنا معا في “جروبي” تحدثنا في الثقافة والأدب والفن، فوجدتها إنسانة بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى. رغم إقامتها في ألمانيا وحصولها على الجنسيّة الألمانيّة إلّا أنّ العروبة في دمها. منذ بداية تأسيس ملتقى الشعراء العرب وهي معي حاضنة ومشجّعة ومساهمة في إنجاح هذا الصرح الذي يكبر كلّ يوم بفضل دعمها وفريق العمل المتفاني في السير بخطى واثقة بانيًا لنفسه مكانًا يليق بالأدب والثقافة.
رئيس التحرير
حوار مع الفنانة التشكيلية المغربية ربيعة القدميري أجرته الأستاذة نجوى الغزال من لبنان.
1- لماذا اختارت الفنانة ربيعة القدميري الفن التشكيليّ دون سواه؟
الفن يَختار ولا يُختار. إنّني عشقته دون دراية، كان النبع الرنان في الروح والعقل. هو سيدتي موروث، فالوالدة كانت رحمة الله عليها تجيد الحياكة وصباغة الصوف بكلّ تفنّن ودقّة، لزمتها في طفولتي كثيرا، لربما كان لذلك الوَقْع الأوّل في نفسي وروحي، وكذا آل قدميري في المغرب لهم صيت فنّيّ وأدبيّ واسع.
2- أيّ ثقافة أغنت الفن التشكيلي؟ الغربيّة أم العربيّة وبالتحديد المغربيّة بالنسبة للفنانة ربيعة؟
إذا تمعّن المتلّق المختصّ في سخونة وقوّة الألوان، يدرك التأثّر الوجدانيّ والروحيّ بالبيئة الأمّ والمنبت، المغربية العربية خاصّة لثراتها وثقافتها المتنوعة العريقة.
لكن بما أنّ الولادة الفنّيّة والإقامة في الغرب، فلا أخفي التأثّر القويّ ببيئته، فالعين خزّان للمؤثّرات المحيطة بالفنّان من أضواء وألوان يتغذّى بها الفكر والعقل فينعكس ذلك إبداعًا..
3- هل احترافك للفنّ التشكيليّ بدأ كموهبة أم بعد دراستك للفن الحديث في جامعات ألمانيا ؟
نظرا لدراستي التصميم الصناعيّ، ومن فروعه كانت الإعلانات التي كانت تُستخدَم فيها تصاميم فنّيّة برسم وخطوط، ظلّ هاجس وحلم دراسة الفن بصفة عامّة يرافقني.
البداية كانت كموهبة على يد دكتورة ألمانيّة شجّعتني كثيرًا، بعدها ولجتُ المدرسة الحكوميّة المتعدّدة الاختصاصات (الفنّ التشكيليّ الحديث، النحت، التصوير، الموسيقى، دراسة تاريخ الفنون وغيرها).
4-ما هو المعيار التي تعتمده الفنانة ربيعة في مزج الألوان لإظهار لوحتها بأبهى حلّة؟
لا أستند إلى معيار معيّن أو أسس فنّيّة محدّدة، كما يلاحظ في أعمالي. فكلّ عمل له أسلوبه وأفكاره لأنّني أحبّ التغيير. ورغم اتّجاهي إلى المدرسة التجريديّة التعبيريّة(الألمانيّة)، فإنّني أستخدم في أعمالي موادّ مختلفة وألوانًا مائيّة غالبًا، أُدخل عليها أحيانًا بعض الموادّ الطبيعيّة كبقايا القهوة والحنّة بتقنيّة محترفة، وأجعلها أساس اللوحة. اعشق الرسم باليد (الأصابع) لأنّه يجسّد الإحساس الأقرب والمباشر مع اللوحة، لتصل الفكرة المنبثقة من العقل الباطنيّ الخياليّ، والتي سبق أن تكوّنت أو تتكوّن بعد انفعالات أيضًا لا إيراديّة تجاه واقع اجتماعيّ طارئ معيّن لتعطي في النهاية عملًا منفردًا ممزوجًا بألوان او بفوضى يعشقها أو يحتار فيها المتلقّي.
5-أين تجد الفنانة ربيعة نفسها أكثر؟ في المجتمع الغربي أم في المملكة المغربية؟
بما أنّ إقامتي يا سيدتي في ألمانيا، فضروريّ التأثّر القوّيّ بالمحيط الذي أعيش فيه، لكن هذا لا ينفي أنّني لم أبدع للوطن الأمّ، بل على العكس حاولت مزج بين الحديث وثراتي حيث أدخلت في بعض لوحاتي الخطّ العربيّ الرائع بلمسة راقية. وهنا أشير إلى أنّني أبدعت من ثراتنا على الجلد والخشب ثم الحرير وبمستوى عالٍ جدًّا.
6_ماذا تفضل الفنانة ربيعة: البساطة أَم التعقيد في أعمالها؟ ولماذا؟
أعتمد في أعمالي على البساطة في الألوان، ولا أحبّ استخدام أسلوب مبالغ فيه لأترك بُعدًا وجدانيًّا يؤثّر على المتلقّي للارتقاء به وللبحث عن المعنى والمقصود، والموادّ والألوان والأشكال أجعلها شيفرة من أجل تحقيق التواصل بينه وبين عملي الفني.
7- أيّهما أحَبّ للفنانة ربيعة القميري: المعارض المنفردة أم المشتركة؟ ولماذا؟
لمّا كانت للمعارض الجماعيّة ميزات خاصّة إبداعيّة وخبرات متنوّعة إذ تجمع تجارب وإبداعات لثقافات فنّيّة مختلفة، كانت أفضليّتها أكبر وأقوى عندي.
8- ماذا يعني لك الحصول على جائزة دوليّة كجائزة ليوناردو دافنشي والتي حصلت عليها سنة ٢.٢٠؟ هذا بالإضافة إلى عدّة جوائز أخرى من بعدها؟
صدّقيني سيّدتي، جائزة ليوناردو دافنشي كانت مفاجأة كبرى منذ اللحظة التي تلقيت فيها الدعوة من منظّميها في فلورنسا، وحافزًا للجِدّ والاجتهاد والإبداع حتّى نقدّم فنًّا عالميًّا راقيًا يمثّل أُصولنا التي هي منبع الفنون التي أغنت البشريّة.
9- ما الفرق بين التكريم من قبل دولة أجنبيّة والتكريم في وطنك الأم ؟
رغم التكريمات والشهادات التقديريّة الدوليّة العالميّة العديدة، يبقى للتّكريم في الوطن الأمّ وَقْع رفيع في النفس والوجدان لا يمكن وصفه.. فهو النبع والمنبت ووسامه تاج مرصّع لا يصدأ ..
١٠_ كيف تنظر الفنانة ربيعة إلى انتشار المنتديات الثقافيّة على مساحة الوطن العربي وخاصّة ملتقى الشعراء العرب الذي يُعنى بكافّة أنواع الفنون والأدب والذي يرأسه الشاعر ناصر عبد الحميد رمضان؟
10- نعلم جيّدًا أهمّيّة دور الريادة الذي تقوم به الملتقيات والمنتديات الثقافية العربية بالخصوص، في تنشيط الحراك الثقافي في جميع شرائحه من أدب وشعر وفنون.
وأشيد بالمجهود الكبير الذي يقوم به ملتقى شعراء العرب برئاسة الأديب والشاعر ناصر رمضان عبد الحميد في جمع اللحمة العربية وتشجيع المواهب. فعلا جدًّا سعيدة بانضمامي إلى هذه الكوكبة الرائدة من الأدباء والشعراء الكبار.. فكلّ النجاح والاستمراريّة. تحياتي.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي