الفنانة التشكيلية المغربية نسرين دحو
من المغرب الجميل بلد العز والتاريخ بلد آل البيت والجمال الماثل في كل شيء، بلد الفن والإبداع والعلم والدين المعتّق بالحبّ؛
من تطوان أرض الحضارة والروافد الثقافيّة الممتدّة منذ الأندلس وحتى عصرنا الحاضر.
عرفتها عن قرب فوجدتها إنسانة بكل معنى الكلمة، سخيّة في عطائها وقلبها، ومُحبّة لمصر والعروبة؛ في فنّها روح الإسلام والتمسّك بالفن التشكيلي العربي والإسلامي، ولوحاتها تشهد بذلك. هي فنانة بكل ما تحمل الكلمة من تدفّق وإحساس ورومانسيّة وهدوء يلفّها فتملأ قلب مَن يعرفها بالجمال.
إنّها الفنانة التشكيليّة المغربيّة نسرين دحو التي
سجّلت مؤخّرًا حضورًا قويًّا في تطوان من خلال مشاركتها في مجموعة من التظاهرات الفنّيّة أهمّها:
-“مهرجان الشعراء المغاربة” المنظّم من دار الشعر في تطوان.
-المعرض الجماعي تحت عنوان “خريف أبيض” في تطوان.
– المشاركة في حفل الافتتاح لجمعية مهرجان الحمامة في تطوان.
-عضو لجنة تحكيم في تظاهرة بصمة طفل لفائدة جمعية بصمة للتربية والثقافة في تطوان.
– تأطير ورشة الرسم للأطفال والشباب لفائدة مجموعة من المؤسّسات في تطوان.
— المشاركة في تأطير ورشة الرسم والفنون التشكيليّة في المهرجان الدولي لمسرح الطفل لفائدة مؤسّسة مسرح الشمال في تطوان.
– المشاركة بالرسم والعرض الجماعي في التظاهرة التشكيليّة الدوليّة في دورتها الثانية لفائدة الجمعية المغربيّة للتنمية الثقافيّة والاجتماعيّة في تطوان.
– المعرض الجماعي لفنّاني مدينة تطوان تكريمًا للفنّان المقتدر الأستاذ عبد القادر العبدي في تطوان.
– جداريات اتّحاد الفنّانين التشكيليّين المغاربة بمعيّة مؤسسة “الإخلاص الابتدائيّة” في طنجة.
-المعرض الجماعي لفنّاني مدينة تطوان تكريمًا للفنّان المرحوم طيّب بن سليمان
وكذلك معرض “خمس نظرات” في أبريل الثقافي الإسباني في تطوان الذي سجّلت فيه حضورًا قويًّا مع مجموعة من الفنّانات من المغرب وإسبانيا.
أسلوبها الفني يعتمد على توظيف التراث التطواني الذي يستمدّ جذوره من التراث الأندلسي..توظيفها لهذا التراث منها الأبواب الأندلسية توظيف جميل يعتمد تركيبات مدروسة وتقنيّات متعدّدة تعتمد على ترجمة المادّة والحياكة.. ممّا جعل أعمالها تتميّز بطابع الخصوصيّة والتفرّد.
من هنا كان لنا معها هذا الحوار.
-حدّثينا عن التكوين الأوّل وبداية تجربتك في الفن التشكيلي؟
- تكويني الأول كان أقرب إلى الصدفة……. إذ بعد فقدان والدتي(رحمها الله) مررتُ بفترة عصيبة في حياتي، أخذت في ارتياد الصالونات الأدبية والثقافية وقاعات العرض التشكيلية، وتعرّفت على عديد من الوجوه الفنية في مدينتي، وكان التحفيز الكبير من أحد أصدقائي (محمد الريسوني) الذي لاحظ بعض ميولاتي الفنية وبذور التشكيل في شخصيتي والذي كان له دور كبير في دفقي لمداعبة الألوان والفرشاة، وزاد شغفي بذلك يومًا بعد يوم إلى أن تملّكني الفن التشكيلي وأصبح جزءًا من حياتي، فهكذا كان البدء……..
_من تكون الفنانة التشكيلية نسرين دحو؟
نسرين دحو فنانة تشكيليّة من مواليد تطوان، نشأت في أحضان أسرة عاشقة لكل ما هو فنّيّ أندلسيّ أصيل. درست شعبة الأدب الإسباني وتدبير المقاولات. تكويني الأوّل كان أقرب إلى الصدفة……. وكما ذكرت سابقًا أنني بعد فقدان والدتي(رحمها الله) أخذت في ارتياد الصالونات الأدبية والثقافية وبدأ الفن التشكيلي يشكّل جزءًا من حياتي خاصّة بعد تشجيع من صديقي محمد الريسوني، وبطبيعة الحال عملت على صقل موهبتي عبر الاطّلاع على مختلف التقنيّات ومواكبة جديد الفن التشكيلي……
_ ما هي مدرستك الفنّيّة التي شكّلت وجدانك التشكيلي ومَن هو أقرب الفنانين إليك؟
- في الحقيقة كان إلهامي بالمدارس الفنية سطحي ولم يشغلني التطبيق يوما. كان الأمر بالنسبة إليّ هو الرسم والتشكيل بجميع أنواعه…… وإن كانت ميولاتي بشكل عام واقعيّة وأحيانًا انطباعيّة وأحيانًا أخرى مزيجًا بين هذا وذاك.
كانت نشأتي على الأرجح هي المحدّد الأول في ميولاتي الفنية إذ ولدت وترعرعت في بيت مغربي، في البيوتات التقليدية في مدينة تطوان العريقة بتاريخها وثقافتها المتنوّعة العربية، الأندلسيّة وتلاوينها الفنّيّة من عمارة وزخرفة وموسيقى وأزياء ونمط حياة ……
_ماذا عن دخولك مجال العرض وتقديم تجربتك الفنية للجمهور؟
ترتبط أعمالي التشكيلية بالجانب الإنساني كذكريات وقصص معاشة أو حكايات منقوشة في الفؤاد والزمان الذي عشته خاصة من زوايا المعطيات والممارسات اليومية التي تعتمد التأمل والمعاينة.. لكن للحقيقة أقول إنّ عشقي وشغفي ظلّ منصبًّا دائما بشكل كبير وعميق على البناء والهندسة المعمارية بأبعادها الجمالية… الجمالية والحضارية، فبدأت أتماهى معها وأحاول توظيفها في تطوير تجربتي الفنية من خلال الاعتماد على الذات، وأصبح طموحي يتجاوز إعادة إنتاج التجارب الفنية. حاولت جاهدة وما زلت بعد تمكني من مختلف التقنيات، التأسيس لأسلوبي الخاص- الذي زكّاه اطّلاعي على مختلف التقنيّات والمفاهيم التشكيلية في عمقها الفني- والمعتمد على توظيف التراث الفني الأندلسي، وإعطاءَه بُعدًا جماليًّا حداثيًّا،بمعنى أنني أُخرج العنصر الفني الأندلسي من إطاره الأصلي(زخارف الأبواب وفسيفساء الجدران وغيرها) وتضمينه فضاء اللوحة بطريقتي الخاصة التي تعتمد تركيبات مختلفة وكذلك الاشتغال على الجزء، هذا الاشتغال الذي يعيد الاعتبار للوحدة الزخرفية التي هي أساس البناء الزخرفي في شموليته.
_هل تجربتك امتداد لأحد الفنانين القريبين(الأسرة) اليك؟
كما ذكرت سابقا كان لقائي بالفن قريب من الصدفة منه إلى التكوين، ذلك أن البداية كانت تقف على عتبة الإعجاب دون أن تتعدّى ذلك، وإن كانت ميولاتي الفنية واضحة، بحكم تكويني الجامعي في الأدب الإسباني،حيث كنت دائما مولعة بالآداب والفنون.
_ما رأيك في الحركة التشكيلية في تطوان خصوصًا والمغرب عمومًا؟
_كما هو معروف،فمدينة تطوان تعتبر عاصمة الفن التشكيلي نظرًا لما لعبته مدرسة الفنون الجميلة وفنون الصنائع من دور في تكوين مجموعة كبيرة من الفنانين عبر تاريخ المدينة،ممّا أهّلها لكي تصبح رائدة في العطاء التشكيلي. والجميل في التجربة التطوانية هو بالإضافة إلى حفاظها على الطابع الواقعي كاتّجاه فني كرّسته مدرسة الفنون الجميلة، فإنّ التجربة التطوانية عرفت انفتاحًا على اتّجاهات فنية حداثيّة عالميّة من تعبيريّة وتجريد وغيرها..والأسماء في مختلف هذه الاتّجاهات عديدة ومعروفة..أمّا في ما يخصّ واقع الفنون التشكيلية في المغرب، فالحمدلله التجربة غنيّة حيث أنّ التراكم الحاصل يمتاز بالتنوّع والانفتاح على جلّ المدارس والاتّجاهات الفنية الإنسانيّة. لكن هناك ملاحظة، وهي أنّ هذا التراكم الفني لا يوازيه نقد تشكيلي يستطيع مواكبة كل التجارب..وجل الكتابات النقدية هي اجتهادات محمودة في
الفن التشكيلي العربي.
_ هل تتابعين التجارب العربية؟ وما هي الدولة التي تستقطب اهتمامك في تجربتها التشكيلية؟
مدينتي ملهمتي، لقد كان للتنوّع الحضاري والموروث الثقافي العربي الإسلامي والأندلسي دور كبير في تشكيل شخصيّتي ومادّة أساسيّة في أعمالي، إذ إنّ غنى المعمار والثقافة التي تميز دروب وأزقّة هذه المدينة وإبداعات الصانع المغربي في مجال النحت والبناء والنقش مرآة لتقاطع حضارات الشرق والغرب والبحر الأبيض المتوسط متمثّلا في إنجاز أعمالي الفنية….
_هل هناك من مشاريع فنية قادمة؟
_بعد مشاركتي في مجموعة من المعارض الجماعية، أركز اهتمامي الكبير على تنظيم معرض فردي أستطيع من خلاله تقديم تجربتي للجمهور بكل تجلّياتها. وموازاة مع ذلك،سأستمر في المشاركة في المعارض الجماعية داخل تطوان وخارجها.
_الفن التشكيلي في الخليج هل لديك متابعة ومعرفة بفناني الخليج وتجاربهم؟
طبيعي أن أواكب التجربة الخليجية في مجال الفنون التشكيلية لكونها من أهم التجارب العربية لمجموعة من الاعتبارات، أهمها انخراطها في الدينامية الفنية والثقافية للمنطقة والتي تترجمها المهرجانات والأنشطة الفنية المتنوعة التي يعرفها الخليج،كذلك تأسيسها على بنية تحتية ممتازة لممارسة الفعل التشكيلي من خلال مجموعة من المؤسسات الفنية والأروقة وغيرها..وانفتاحها أيضا على التجارب العربية والدولية من خلال الملتقيات (مهرجان دبي للفن التشكيلي ومعرض الإمارات للفنون التشكيلية ومهرجان أبو ظبي كنموذج) والإقامات والمهرجانات. في حين تبقى الأسماء الخليجية في مجال الفنون التشكيلية أسماء مهمّة على مستوى العطاء الإنساني لما تتوفر فيه من كفاءات تقنيّة وتجارب توظّف التراث المحلّي والعربي وتعطيه بعدًا عالميًّا، والأسماء كثيرة وتتوزّع عبر جغرافية الخليج أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر عبدالرحيم سالم وعزة القبيسي من الإمارات وحسن الملا من قطر وأحمد بن عبدالله المغلوث من السعودية..وكل هذه الأسماء وغيرها تنخرط في تطوير الفنون في الخليج عبر مختلف تجلياتها من توجهات أكاديمية وحداثية ومعاصرة.
_كيف يغير الفن التشكيلي أنماط السلوك في البيئة العربية؟ هل أفادتك تجربة السفر في إبداعك التشكيلي؟
الفن بشكل عام نمط حياة، مصدر للمتعة، مجال للخلق وهو جواز سفر للتعايش والتفاعل مع الآخر. وفي حياتي الشخصية أنا مدينة للفن لأنّه كان بلسمًا وملاذًا لي في مراحل صعبة ولا يزال. وقد أخذ حيّزًا أكبر في حياتي وأصبح جزءًا لا يتجزّأ من شخصيّتي إذ انتقل من اللوحة إلى فنّ حياةٍ في رهافة الحسّ وحبّة الجمال. هو صدر سعادة لا تنضب ودواء شاف لا غنى عنه في حياتي….
_هل تأثّرت بالفن التشكيلي المصري وهل تتابعين كل جديد؟
مصر حلم لأيّ فنّان عربي.
منذ طفولتي وأنا أتابع الفن التشكيلي المصري وأعمال العظماء أمثال محمود خليل،
محمود سعيد، حامد ندا، فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، عبد الهادي الوشاحي، محمود مختار، والكثير الكثير، ولا أخفيك سرًّا أنّني أعشق اللهجة المصرية وأستطيع التحدّث بها كأنّي مصريّة، وكنت منذ الصغر لا أفارق أفلام عمر الشريف وفاتن الحمامة وعبد الحليم وأم كلثوم.
_ماذا عن الملتقيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ وهل أفادتك في شيء؟ وماذا عن ملتقى الشعراء العرب واهتمامه بالفن التشكيلي؟
نعم أفادتني كثيرًا خاصة في زمن كورونا والانفتاح على فنّاني العالم، فبفضل الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي صرنا جميعًا كأنّنا أهل الفن في جمعيّة فنّيّة شبة واقعيّة، ناهيك عن التعارف وتبادل المعرفة.
أمّا عن ملتقى الشعراء العرب فهو نموذج للرقي والأدب والعلم والثقافة والفن ولا أجاملك إن قلت إنّه نقطة ضوء وسط هذا الظلام والكمّ الهائل من الغثّ.
كما أنّه فتح مجلة أزهار الحرف للجميع ودعَم المواهب. ويكفي أنّ على رأسه مثقّف بحجم حضرتك (الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد).
أنا سعيدة بوجودي معكم من الجانب الشخصي، سعيدة بصداقتي بشخص يقدّر الفنّ والفنّانين.
تحيّة لملتقى الشعراء العرب ولمجلة أزهار الحرف.
شكرا لحضرتك.
حاورها من القاهرة ناصر رمضان عبد الحميد.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي