من المغرب المبدع جمالا وحرفا وثقافة تطل علينا القاصة سعيدة لقراري التي احتفينا بها عبر منتجها الأدبي (جيوب الخوف) مجموعة قصصية
لتنضم به إلى قصاصي المغرب ممن برعوا في فن القصة القصيرة أمثال :
أحمد بزفور، لطيفة لبصير، محمد شكري، محمد براداة، ليلى ابو زيد والقائمة تطول.
من هنا كان لنا معها هذا الحوار رئيس التحرير. * * *
حوار مع القاصة المغربية سعيدة لقراري حاورتها الاستاذة نجوى الغزال من لبنان
1 – ما هو الدافع وراء اختيارك كتابة القصة القصيرة دون سواها من أنواع الكتابات الأدبية؟
- لم تجذبني القصة القصيرة كقطعة حلوى تغري بحلاوتها ولا كوردة بالحديقة يُلْفِت جمالُها نظري ..
أجد ملامح التحاقي بالقصة القصيرة أو التحاقها بي متداخلة، يستعصي علي تحديد تفاصيلها بدقة، لكن خوضي فيها حد الشغف غاية، شحذت لمحاولة الوصول إليها وسائل كان من أبرزها الاطلاع على ما كتب الرواد بشأنها إبداعا وتنظيرا، أما الدافع الذاتي لدي في الإقبال على القصة القصيرة كجنس أدبي مستقل فهو انغماسي والتعاطي حد الهوس الكتابة الموجزة والكثيفة في نفس الآن لسرد حدث معين، منذ سن مبكرة ..
2 – كيف ترين واقع كتابة القصة القصيرة في الوطن العربي عامة والمغرب خاصة؟
*حتى نقدم رؤية واضحة وذات مصداقية لوضع القصة القصيرة في الوطن العربي، علينا الإلمام بالمحطات التي مرت بها من مرحلة ظهور المطبعة بالبلدان العربية حتى العصر الحديث، بحيث عرف انتشار وتطور القصة القصيرة مدا وجزرا جسده أجيال من الكتاب عبر تلك المراحل.
وما يمكن قوله من خلال هذه النظرة البانورامية الموجزة هو أن التطور كان مضطردا، أخذ فيه ذلك الجنس الأدبي وقته لينضج ويظهر بحلة إبداعية منفتحة أكثر من أي وقت مضى على الشكل الفني الحقيقي للقصة ..
3 – ما مدى إقبال القارئ العربي على قراءة هذا النوع من الكتابة؟
*لا يمكن تحديد مدى إقبال القارئ العربي على الاطلاع على هذا النوع من الكتابة بالرقم أو بالنسبة، لأننا نعيش في عصرنا الحالي وخاصة بالوطن العربي أزمة قراءة لكل أنواع الكتب والكتابات إلا أني - تجاوزا – يمكن أن أدلي بملاحظة مفادها أن في خضم هذه الردة القرائية، جنس القصة القصيرة لا يحظى بنفس الإقبال الذي يشهده الشعر والرواية ..
4 -هل القصة القصيرة بدأت تأخذ دورها أكثر من الرواية في الوقت الراهن؟
بدأت القصة القصيرة تأخذ مكانها بالساحة الأدبية، لكن دورها ظل خجولا أمام ما تحظى به الرواية من أضواء، رغم ما راكمته القصة القصيرة من تاريخ مشرف على مستوى التنظير والإبداع الذي مثله العديد من كتاب القصة القصيرة كمحمود تيمور، يوسف إدريس، يوسف السباعي، أحمد بوزفور ، محمد زفزاف، محمد شكري … بالإضافة إلى امتلاك هذا الجنس الأدبي لرصيد من القوة والمتانة يؤهلها إلى النجاح في رسالتها بشرط توفر اهتمام أكبر من الكتاب والمبدعين ..
5 – أين تجد سعيدة لقراري نفسها أكثر بالقصة القصيرة للأطفال أم للبالغين؟ - أجد نفسي أكثر بالقصة القصيرة الموجهة للفئتين الصغار والكبار، لكن رياح الكتابة تدفع بأشرعتي نحو الفئة الثانية في أغلب الأحيان، رغم أن نصوصي من شغب الطفولة لا تخلو..
6 -هل تستعير سعيدة لقراري الخيال أكثر من الواقع في كتابتها أم العكس - يقول خورخي لويس بورخيس:” إننا بحاجة إلى الخيال كي نواجه تلك الفظاعات التي تفرضها علينا الأشياء”
وأجدني بذلك النَّفَس أشد وأتمسك لأخلق المزيد من العوالم والحيوات على مستوى الكتابة والذات على حد سواء.
7 – هل تلبس سعيدة لقراري شخصية من شخصيات قصصها ؟
*ارتداء شخصيات قصصي وتقمصها هو السبيل الأقرب إلى تمثل الصدق والعمق في رأيي للإحاطة بأدق التفاصيل، والغوص في بحورها..
8 – ما هي جيوب الخوف التي تحدثت عنها في مجموعتك القصصية؟ - نصوصي الأولى من مجموعتي القصصية ” جيوب الخوف” تحدثت فيها عن ملامح اجتياح الوباء للأجساد والأرواح على حد سواء، بين مد وجزر المقاومة والاستسلام علت أمواج الخوف تارات وتكسرت على صخور مواجهاتي تارات أخرى، بعيون الحيرة والقلق أرصد التفاصيل بأحجامها وألوانها المختلفة ..
الجدير بالذكر أن مجموعتي القصصية ” جيوب الخوف” تضم نصوصا أخرى خارج أسوار الوباء تقع، لكنها تظل مخلصة لتيمة الخوف، كحاجز نفسي تثيره الآلام ويزكيه القلق ، لأشير ضمنيا من خلال كل نصوصي التي جمعتها بين دفتي ” جيوب الخوف” أن الأسباب متعددة والخوف واحد، واحد في تداعياته، في أثره، فيما يسببه لنا من تصحر، وما يقونا إليه من عراء..
الهروب يحوم به في دائرة مغلقة، يعود به إلى نقطة الانطلاق حيث بدأت المتاهة في نسج خيوطها ..
يعلم من طبيبه الخاص أن الموت في جسده واضح المعالم، وهو إلى نهاية قريبة يتجه، يجهل حجم ذلك الزحف، لكن ما لا يشوبه شك – حسب قول الطبيب – أن حياته أصبحت قصيرة جدا بأجندة الأيام.. - من نص ” مسألة وقت” / المجموعة القصصية ” جيوب الخوف”
للإشارة ، اخترت كلوحة تختزل نظرات الخوف الوقحة، والحكيمة في نفس الآن ..للفنان اليمني
عبد الفتاح عبد الولي
أضيف أن ” جيوب الخوف” امتداد غير متعمد لمجموعتي القصصيتين ” وداعا أحلام الغد” و ” عراة خلف الستار”
9 – من هي الشخصية الروائية الأكثر تأثيرا على سعيدة لقراري ؟ ولمن تقرئين في العالم؟
9- هناك تأثيرات مختلفة من روايات متعددة، على رأسها بالنسبة لي تأثري بملحمة ” كالكاميش” التي ارتبط فيها خوض الصراع من أجل إيجاد سر الخلود بإيجاد الإنسان..
ومن باب الحصر لا التحديد أذكر رواية ” مئة عام من العزلة” وكيف مرر من خلالها غابرييل غارسيا ماركيز رؤيته السياسية، وحرصه على الإشارة إلى رسائل لتحقيق العدالة والسلام ..
10 – هل القصة تلعب دورا مهماً في العملية التربوية لدى الأطفال؟
*لعوالم القصة الأثر الكبير والعميق على الطفل في إطار العملية التربوية التعليمية لما تثير فيه من عواطف وانفعالات مع شد انتباهه إلى قيم حياتية عبر الحكي والسرد توطد علاقته الإيجابية بمحيطه البيئي والاجتماعي..
11 – ما رأيك في انتشار المنتديات الثقافية والدور الذي تلعبه في المجال الأدبي وخاصة ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر عبد الحميد رمضان؟
- انتشار المنتديات الثقافية، هو انتشار للحس الثقافي القائم على الوعي بأهمية تطوير الجانب الفكري للإنسان وبناء ذاته، لكن ذلك الانتشار لا يعني دائما ما أشرت إليه، إذ نجد أن بعض المنتديات تكرس جهدها في تلميع الواجهة دون تقديمها لأي إشعاع ثقافي يذكر أو خدمة مصالح بعيدة عما أشرت إليه كهدف سام ..
ويعد ملتقى الشعراء العرب الذي يترأسه الشاعر ناصر عبد الحميد رمضان واحدا من المنتديات ذات الإشعاع الثقافي الهادف والمثمر بالساحة الإبداعية، ثابت الخطوات، على درب إعلاء شأن الحس الثقافي يسير بصمود. - *
الأستاذة سعيدة لقراري
حاصلة على الإجازة في الأدب العربي
أستاذة في مادة اللغة العربية
مدققة لغوية
منشطة لورشات ولقاءات ثقافية
صدر لها:
” وداعا أحلام الغد” مجموعة قصصية سنة 2015
” عراة خلف الستار ” مجموعة قصصية سنة 2019
“جيوب الخوف” مجموعة قصصية سنة 2022
شاركت في عدة ملتقيات وطنية للقصة القصيرة، وندوات ثقافية متنوعة
تنشر بشكل شبه منتظم بجرائد وطنية وعربية مختلفة..
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي