ٱمنة محمد ناصر شاعرة ومترجمة ومربية وأستاذة صدر لها مؤخرا ” فتات ضوء” الذي ستحتفي به في معرض الكتاب في انطلياس وفي طرابلس وفي معرض بيروت العربي للكتاب والذي يشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب 55
.
هي عضو في ملتقى الشعراء العرب ومحررة في مجلة أزهار الحرف ومنسقة تربوية وأديبة وناقدة شاركت منذ أيام في موسوعة ” قصائد في رحاب القدس” الذي أشرف عليها الشاعر ناصر عبد الحميد رمضان ، رئيس الملتقى. من هنا كان لنا معها هذا الحوار .
حاورتها من لبنان / جميلة بندر
***********
١-كيف كانت بيئة طفولتك في بلدة قاقعية الجسر في قضاء النبطية وهل الحروب فتحت أفقا مؤثره على انطلاقتك الشعرية ?
-إني ولدت ونشأت في المدينة ولكن كنا نقضي عطلة الفصح والعطلة الصيفية في قاقعية الجسر ودون شك إن الإنصهار في الطبيعة والإصغاء إلى العصافير وإلى حفيف الأوراق وخرير مياه النهر الذي يمر في ضيعتي كذلك رائحة التراب والعشب والطيون والزعتر كل ذلك ساهم في إيقاظ الحواس والحس الفني والخيالي .
لكن الطفولة لم تخلُ من الحرب والتي تركت آثارها النفسية وخصوصا أن موقع قريتي في الجنوب الذي تعرّض للكثير من الحروب لأنها متاخمة ومواجهة للحدود مع فلسطين المحتلة وحيث كان العدو متربصا على التلال وفي المدينة أيضا كان موقع منزلنا عرضة للقنص الذي قضى على حياة شابين من جيراننا .لا شك أني تأثرت بالأحداث المأساوية والمجازر لا سيما مجزرة قانا والإجتياح الإسرائيلي ,هذه الأحداث التي حركت قلمي رغم نعومة اظفاري فكتبت ” قانا”
كما الخوف على الوطن قد عزّز حضوره في الكثير من الكتابات والنصوص التي اتسمت في معظمها بالوطنية.
منذ ذلك الوقت ولأني من جيل الحرب فقد تحركت أقلامي وبدأت كتاباتي . فكتبت قصيدة ” بيروت” وكتبت ” يا طفل لبنان “
وانا في الثامنة من عمري كما عند فقد خالي كتبت له قصيدة رثاء وكنت في سن الحادية عشرة. لكن رغم كل المآسي والأحداث والذكريات في الملجأ والخوف كانت هناك حوافز إبداعية في المقابل فقد أسست مدرسة في الطابق السفلي من بيتنا في القرية أثناء الصيف وكان الكثير من الأصدقاء والمعارف من عمري يأتون كل يوم صباحا للإستفادة من الدروس التي كنت أعطيها بكل إتقان وجدية.
إضافة إلى النزهات وحلقات التسلية مع أبناء الجيران والأقارب كل ذلك أثقل الذاكرة بالصور الحية الجميلة والحزينة على حد سواء
٢-ما هي التأثيرات التي كانت تحيط باسرتك خصوصا أن والدك كان شاعرا ووالدتك محبة للمطالعة وكيف تأثرت بجدك الشاعر والواعظ؟
دون أدنى شك فإن البيئة التي يترعرع فيها الكاتب لها آثارها في انطباعاته وتطلعاته وأول عناصر هذه البيئة هما الأم والأب اللذان يتركان بصمة واضحة في الأفكار والقيم الإنسانية والأخلاقية إضافة للتوعية الثقافية هذا بالإضافة للميول النفسية عند الفرد . لذلك فقد تأثرت بوالدي الذي كان شاعرا والذي كان دائما يقرأ على مسماعنا القصائد التي كان يؤلفها في أية مناسبة أو تفصيل يومي . أما أمي فكانت شغوفة بالمطالعة فقد قرأت كتاب النبي والأجنحة المتكسرة والأرواح المتمردة وقد حفظت اقوال جبران وحفظت سيرته وتأثرت به لذلك كانت تتذوق الأدب ومؤخرا قد قرأت كتابي ” همسات آمنة “
أما جدي فكان لكل أفراد العائلة بل لكل أبناء بلدته مثالاً للكرم والإيمان الخالص لله وفلسفة الحياة والموعظة الحسنة كما أنه كان شخصية واثقة من نفسها ولها من عزة النفس وبياض الكف ما يكفي لتشمل سيراه الحميدة كل الجنوب . ودائما الحفيدة تتعلق بجدها وبحكاياته خاصة أنه كان يجمعنا دائما في يوم الجمعة لتناول الغداء مع سائر أبناء العائلة والأقارب ومع خبز المرقوق التي كانت جدتي تصنعه وتعده لنا .
كتابي الجديد ” فتات ضوء ” يذكر في أحد أقسامه بعض العبر التي اكتسبتها من جدي الذي كان شاعرا وخطيبا .
٣-كيف بدأت رحلتك في مجال الأدب والشعر هل كانت فطرية ام نتيجة جهد شخصي ؟
برأيي أن الشعر موهبة قبل أن يكون إتقان . فالإنسان إما أن يولد شاعرا ام لا . وما قصدته هو بقدر ما يحتوي على مخيلة خصبة قادرة أيضا على تدوين الصور في مواقف متنوعة وبقدر ما يكون مطورا لكفاءته الشعرية ولأن الشعر في الأساس هو فكرة مجبولة بالشعور بالتأكيد فإنه يتطور وفق العمق الوجداني الذي كسبته من التجارب والمواقف والبيئة فأنا منذ طفولتي تأثرت بحلقات سوق عكاظ والشعروالزجل التي كان أخوالي الشعراء يقيمونها وبقصائد أبي ايضا .بالإضافة للجهد الشخصي الذي له دور في تطوير التقنيات في التعبير عن الذات بشكل صحيح لأن الشعر أو الكتابة لا يقتصران فقط على شعور وفكرة بل أيضا على أدوات صحيحة علينا استخدامها دون الإساءة إلى اللغة وأصولها .
٤-ما هي الأعمال التي قدمتيها كهدايا لوالديك وابنتك ؟
ديواني الأول باللغة العربية ” أوراق متناثرة على ضفاف قلب” الصادر عن دار ناريمان للنشر والذي قدّم له الدكتور عماد يونس فغالي كا ن إهداؤه لأبي الذي توفي أثناء طباعته ٢٠٢١
كما أني أهديت ديواني الثاني ” همسات آمنة” إلى والدتي وهو قد صدر بطبعتين الأولى عن دار اسكرايب في مصر والذي قدم له الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد والطبعة الثانية عن دار البيان العربي وللصدفة اني قرأت على مسامع أمي الإهداء قبل أسبوع من وفاتها .
أما ديواني الجديد ” فتات ضوء ” الصادر عن دار ميرزا للنشر والتوزيع والطباعة فالإهداء هو لابنتي واميرتي ” جويل سلامة “
لأنه يتضمن الكثير من النصائح والعبر المغلفة بأسلوب فلسفي مقتضب هو خواطر وتأملات وهو بالمناسبة سيشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في جناح دار ميرزا MK صالة 57.
٥-كيف تمثل آمنة الشاعرة مجتمعها من خلال نشاطاتها الثقافية والاجتماعية ؟
دائما يقال : الإناء ينضح بما فيه” وانا أمثل نفسي في الدرجة الأولى واعكس كل المفاهيم والتوعية من خلال نشاطاتي الثقافية والسياحية أيضا فأنا اشارك في معارض الكتاب التي تقام في مناطق كافة وايضا اقوم بهذا الدور التنموي في رسالتي التعليمية من خلال إطلاق رحلة حرف وحب التي تهدف إلى التمسك بأواصر التعاون وحب الوطن ونبذ الطائفية والعنف ومن خلال إبراز دور لبنان الثقافي واحتضانه للكثير من الشعوب التي مرت على أرضه منذ القدم وزيارة المتاحف التي تضوي أيضا على الكنز الوطني ” من التعرف على عادات ومهارات وشخصيات مبدعة . هذا إضافة للكثير من المحاضرات والندوات التي شاركت بافكاري فيها والتي تحيي القيم الإجتماعية وتغيير بعض المفاهيم الخاطئة .
الكاتب هو ابن بيئته اولا وأخيرا وتقوم على عاتقه مسؤولية كبيرة في تمثيل مجتمعه والتعمق في تقويمه.
٧-ما هي المجلات التي نشرت فيها ؟
وكيف تساهمين في تثبيت الأواصر بحب الوطن والأرض ؟
لقد نشرت في مجلات متعددة ووسائل إعلامية فمنذ سن السادسة عشرة نشرت لي قصيدتي ” حب وامل ” في مجلة الجنوب وفي صحيفة نهار الشباب وفي مجلة افكار اغترابية ( استراليا) وافكار حرة ومجلة أزهار الحرف وفي مجلة ” الأمن ” التي نشرت لي قصيدة ” بيروت ” التي كتبتها بعد انفجار المرفا والآن لدي صفحة خاصة في مجلة منتدى شاعر الميناء الشعبي بإنتاج د. باسكال لوقا في باريس .. كما أنشر شهرياً في مجلة المعرفة القانونية والأدبية بإدارة الدكتور القانوني سعود عقل الصادرة في جدة بالإضافة إلى الكثير من المواقع والمنصات التي نشرت لي ( منصة العبيكان . ميزان الزمان .. زمان الأخبار. موقع بيروت يا بيروت … حصاد الحبر وقناة تايم نيوز .. ومجلة لام ميم . ومجلة الحنين الإلكترونية وغيرها.
اما عشقي للأرض والوطن فيتجلى في محاضراتي الدائمة أثناء مهمتي التربوية وفي كتاباتي أيضا حيث الوطن والأرض وبيروت والجنوب حاضرون دائماً بالإضافة اني قد أطلقت ” رحلة حرف وحب” من أجل تثبيت هذا العشق للوطن وإبراز طبيعته المميزة وتاريخه الحافل بالكثير من الحضارات وبآثاره وتضاريسه من جبال واودية وغابات .. وهذه الرحلات التوعوية تأتي في سياق الإحتفال بعيد الجيش والإستقلال والتحرير والأرض والشجرة والتي كلها تعود بغاية واحدة ألا وهي : حب الوطن والتعلق بجذوره” ..
٧- عشت فترة في باريس ماذا عنها وهل اثقلت اللغة لديك ام اللغة والوعي الخ.. ؟
سفري إلى باريس كان تجربة حافلة بالنجاحات والفخر خصوصا اني حصلت على دعوة رسمية ووسام شرف من السفير الفرنسي آنذاك ” جاك دوسيه” واختياري كان على إثر فوزي بامتياز في مباريات قد أقامها اكادميون بارزون من البعثة الفرنسية والتي شارك فيه معلمون وتربويين في تعليم اللغة الفرنسية من مختلف مناطق لبنان . كما أن انبهار جاك دوسيه والفريق المواكب له بأسلوبي في التعليم أثناء حضوره لأحد الحصص التي كنت اعطيها داخل الصف في مدرسة المقاصد / الزهراء النبطية
كما أني اثناء خضوعي لدورات ومحاضرات في Carel بإشراف كبار من المنسقين التربويين في العاصمة الفرنسية امثال ميشال غارابديان وماغدولين لورارل وفرانسوا فوميا وفي جامعة بواتييه شاركت مع اكادمييين من جميع الدول العربية والأوروبية ونلت أيضا المرتبة الأولى فعيّنني المشرف العام Alain Didier
كمساعدة معه في التدريب ومن ثم منحني شرف المشاركة في التعليم في مدرسة l ‘yeuse
في مدينة Royan
الفرنسية .
بالحقيقة ودون مبالغة فإني كنت ملمّة
باللغة الفرنسية لأني كنت شغوفة بها منذ المقاعد الدراسية في لبنان حيث كنت أعمل على تحضير الدرس باللغة قبل أن تشرحه المعلمة وفي الكثير من الحصص كانت معلمتي توليني مهمة الشرح لرفاقي في الصف وعندما سمع اللكنة الفرنسية التي اتكلم بها فوجىء الدكتور الذي كان مسؤولا عنا إلى درجة أنه كان يعرف بي أمام الوفد : إنها اللبنانية آمنة الأنيقة والنشيطة والتي تتقن الفرنسية بشكل ممتاز” طبعا كان يقول ذلك باللغة الفرنسية..
فالسفر بحد ذاته ثقافة ووهو يصقل الموهبة والمخيلة خصوصا اني اكتب أيضا باللغة الفرنسية وهذا ما أدى إلى صدور ديواني الأول الذي الفته أثناء إقامتي في العاصمة الباريسية لكني نشرته في لبنان وفي كندا وفرنسا وأفريقيا عبر بعض الأصدقاء
” Souvenirs et soupirs
عام 2007
٨-كيف تعملين على ترجمة ديوان الشاعر ناصر عبد الحميد رمضان إلى الفرنسية ؟
وما الفرق بين الترجمة الحرفية والترجمة الأدبية ؟
لقد قمت سابقا بترجمة الجزء الرابع في المجموعة الكاملة للأديب والشاعر ناصر رمضان عبد الحميد وترجمت للأديب المهجري الإسترالي د. جميل دويهي كتاب ” contemplations philosophiques
وأعمل الآن على ترجمة ديوان الأديب الشاعر ناصر رمضان: قالت لي أمي
إذا كان المترجم شاعرا أو كاتبًا فلا بدّ أن يشارك بأسلوبه وببعض الإضافات إلى الديوان الذي يترجمه.
هذا ما أفعله دائما
بالإضافة لذلك فإني أحرص على المحافظة على الفكرة التي يقصدها الكاتب لكني اقوم بصناعة القالب لهذه الفكرة حيث تكون بصمتي لإنجاح هذا الديوان وإمكانية إيصاله لأبعد من الشرق الأوسط أو البلاد العربية .
وترجمة النصوص تختلف عن ترجمة القصائد أو الشعر الموزون بحيث علي أن أسعى دائما على ما يسمى الإيقاع والقافية (sonorités et rimes )
لذلك في بعض الأحيان اضطر إلى قلب الجملة والترجمة الأدبية تكون بعيدة عما يسمى لبننة او الترجمة المعربة . لذا اقتضى العمل على فهم الفكرة والتعبير عنها بانتقاء كلمات وعبارات بالفرنسية تفي الغرض بعيدا عن الركاكة والتكرار .
وديوان ” قالت لي امي ” دفعني عنوانه ومحتواه أيضا على ترجمته في هذا الوقت لأنه يصور الشاعر ناصر فيه ابنا بارا لأمه وحافظا لكل وصاياها .. ابنا متعلقا بها وينازع على فراقها . هنا تعاطفت كثيرا مع محتواه واعتبرته لسان حالي أيضا كوني أصبحت حديثا يتيمة الأم .
١٠-كيف تجمع آمنة بين مشاركتها في ملتقى الشعراء العرب وتأليفها للأعمال الأدبية الخاصة بها ؟
إنضمامي لملتقى الشعراء العرب بعدما اختارني الأديب الكبير رئيس الملتقى الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد شكّل لي أيضا حافزا كي أستمر في الكتابة والإبداع خصوصا أن هذا الملتقى نشيط جدا ويعمل في ميادين متنوعة يكفي أن الشاعر ناصر قد استطاع أن يجمع ادباء وشعراء وفنانين وإعلاميين وتشكيليين من شتى الدول مما يزيد من التنوع والغنى في هذه الأسرة الطيبة والمتعاونة .
لذلك أجد في مشاركاتي في هذا الملتقى والتحرير والكتابة في المجلة والموقع واجبا أدبيا وانسانيا وكأنه أيضا تسديد دين لمعروف ومحبة استاذ ناصر فهو صديق عزيز ويعطي دون مقابل ويقدم الدعم والسند لي .
لقد تعاونت في طباعة ديواني الثاني ” همسات آمنة ” الذي صدر عن دار اسكرايب بالتعاون مع ملتقى الشعراء العرب.كما اني شاركت في النقد والقراءة لكثير من الشاعرات الصديقات المنتميات إلى الملتقى.
أما أعمالي الأدبية الأخرى فقد تعاونت مع دور نشر مختلفة لاستمرارية وضرورة إثبات لموهبتي ووضع إرثي الأدبي في متناول الآخرين قصدت محبي حرفي وأسلوبي
١١- ما هو دورك كمدرسة للغة الفرنسية وكيف يترك ذلك بصمة في إلقائك الشعر ؟
-التعليم هو فن وإتقان الأسلوب المناسب لإيصال المعلومة مع احترام القدرات التعلمية لكل تلميذ . هذا ما أفعله في تدريسي للغة الفرنسية فأنا أتقن جيدا الطرق المناسبة لتسهيل المادة التي لا ينكر أحد منّا صعوبتها بالنسبة للذين لا يتكلمونها كلغة الأم. لكن تدريس اللغة الفرنسية له متعة خاصة وطباع خاصة فلا يمكن أن تعلّم الفرنسية دون أن يكون لديك الإحساس المرهف والأذن الموسيقية خاصة بأن هذه اللغة الفرنسية بحد ذاتها موسيقية ومتناغمة وهذا يترك أثره حتى في الإلقاء الشعري ويضيف ثقافة غربية إلى العربية وهذا التمازج يغني الصور الشعرية والإبداعية في النصوص ويساهم في التميز بإلقائها إلى المتلقي بشكل لافت وبالنسبة لي الإلقاء الجيد ينمّ أيضا عن الإحساس الصادق بالكلمة التي ألقيها.
١٢- هل هناك تأثير لمجال علم النفس الذي اخترته كدراستك العليا على كتاباتك؟
لعلم النفس تأثير في كل المجالات حتى في التعامل مع أفراد المجتمع وفي التعليم والتعامل مع الطلاب …أما بالنسبة للكتابة فهي بالنسبة لي وسيلة للتحرر وتفريغ النفس بما يقلقها او يحزنها او حتى ما يثير دهشتها هي بمثابة كرسي اعتراف بما لا أقدر قوله على العلن . كيف لو كان الشاعر أو الكاتب يجمع الكتابة وعلم النفس فهو يكون أكثر قدرة ليفهم ما يلوج في داخله و يستطيع أن يعبر عن حالته الشعورية عبر الكلمات
لذلك فأنا اتقصد أن أكتب اثناء الحزن لأني أدرك تماما بأن حالة وجع ممكن أن تنقلب إلى إبداع وبأن الحزن هو الدليل الوحيد على الشعور الإنساني فإن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان .
١٣-ما هي القيم الثقافية والتراثية التي تحاولين الحفاظ عليها من خلال نشاطاتك ؟
.الثقافة هي رسالة أيضا تنتقل من شعب لآخر . ومن موقعي كاستاذة وكاتبة ومواطنة فإن أهم القيم الثقافية التي احملها هي ثقافة الإنفتاح الفكري وتقبل الآخر والإنفتاح على كل الثقافات الأخرى . والقيم الثقافية مرتبطة بالقيم التراثية لأن التراث أيضا هو خلاصة فنون وإبداع وتعايش حضاري فالتراث كما نعلم يتضمن الفولكلور وكنت عملت فيما مضى على تصميم لوحات فولكلورية للتلاميذ لتقديمهم لوحة فنية تراثية على مسرح المدرسة .كما الرحلات التي اصممها للتلامذة هدفها الاول والأخير الإطلاع على الفحوى الثقافي والفولكلور والتراث والآثار الموجودة في لبنان.
١٤-هل تتناول أعمالك الأدبية قضايا اجتماعية أو سياسية ؟
أنا لا اتناول السياسة ابدا لأني اعتبرها خدعة وكذبة تستقطب أدمغة الحمقى الذين يتبعون ويصدقون زعيما لكن إذا كنت قد قصدت القضايا الوطنية والدفاع عن الوطن فهذا واجب كل شاعر أو كاتب لأن هذا الأخير ناصح ومربي ومن أولويات شأنه الوطني هو الحث على حب الوطن الذي أعتبره مقدسا وهو واجب ديني أيضا . فلا تغيب قضايا الأرض والوطن والدفاع عن المظلوم والمقاومة ضد المعتدي عن هاجسي وفكري وتناولتها في دواويني ومؤخرا في موسوعة ” قصائد في رحاب القدس”
١٥- كيف تقيّمين دور المرأة في مجال الأدب والثقافة في لبنان ؟ وكيف تعززين هذا الدور في ظل المجتمع الذكوري ؟
تقوم المرأة بدور بارز في لبنان في مجال الأدب والثقافة وصار عدد الناشطات من شاعرات واديبات يفوق عدد الشعراء . حتى أن العديد منهن قد نجحن واوصلن أشعارهن إلى خارج لبنان أيضا من خلال مشاركاتهن في مؤتمرات ومهرجانات ومسابقات إبداعية وعلى الصعيد العملي الثقافي الكثيرات من لبنان قد تفوقن بنشاطهن في هذا الميدان وفي شتى الميادين . انا ارى إلى حد ما رغم كل ما نشهده من جرائم ترتكب بحق النساء إلا ان اليوم لا نستطيع أن نطلق جملة ” مجتمع ذكوري ” برأيي لأن المرأة الآن تعمل وتجني وتتحمل المسؤولية وتربي أسرة وتأخذ على عاتقها تحمل رعاية أهلها وتشترك في تاسيس جمعيات إنسانية وتتعاطى الشأن السياسي والإعلامي وتأخذ الدور الأبرز في شتى الميادين . المشكلة تكمن فقط بالتشريعات الدينية التي تخطىء في تقييم الدور وأهمية وحقوق المرأة عند بعض رجال الدين الذين لا يمارسون بكل ضمير ما يمليه عليهم دينهم . أما الأديان فكلها أعطت الحقوق للمرأة كما الرجل .
بالنسبة لي لا أعتبر نفسي في مجتمع ذكوري لأني أتعامل مع الرجل على أساس إنسانيته وفكره ولا اعتبر نفسي أدنى حقوقا منه أو أقل إرادة بل على العكس
ربما في أكثر الأحيان والمواقف أجدني اتصرف بحكمة وصبر أكثر .
وكوني كاتبة فقد مثلت بقصائدي المرأة الحبيبة والمخلصة والأم والمقاومة
.. كما تناولت موضوع الخيانة التي تتعرض له المرأة وشاركت في حملة توعية للمرأة في عيدها . باختصار إن الخالق قد أعلى رتبة المرأة عنده وجعل الجنة تحت أقدامها. ( الأم ) قصدت به .فما عادت هناك أهمية لما يعتبره رجل ناقص يتعامل معها وفق عقده النفسية وخصوصا قصدت أشباه الرجال .
١٦- كيف تتطلعين لتطوير وتوسيع نطاق أعمالك الأدبية في المستقبل ؟هل المسؤولية الاجتماعية والأسريةوالأولاد عائق أو على الأقل نوع من التأخير والتعطيل ؟ وكيف تجمع المرأة المبدعة بين المنزل والإبداع؟
إن التطلع لتطوير أعمالي هاجس عندي دائم . فأنا لا احب الماء الراكدة لأني اعتبر أن من لا يتجدد يتبدد ومن لا يتطور يتدهور. لذلك أسعى وافكر دائما بتطوير نفسي ومهاراتي سواء ثقافيا أو تربوياً أو اجتماعيا
لذلك فأنا أسست لصالون ادبي يعنى ليس فقط بالشعر والأدب بل بتطوير ودعم مواهب جديدة في فنون الرسم والنحت والأدب ولكن موقعه في الجنوب والأوضاع الأمنية المقلقة ووفاة والدتي فترتب علي التريث قليلا قبل افتتاحه . كما اني
أسعى إلى افتتاح معهد تعليمي في بيروت من أجل إجراء دورات تدريبية تعنى بتحسين اللغة الفرنسية للتلاميذ والجامعيبن الذين يعانون من ضعف في اللغة .أما من ناحية كيف أوافق بين الإبداع والمنزل فإن
المسؤولية تحمّلتها وأنا في سن السادسة عشرة من عمري عندما بدأت مهنة التعليم وكنت في نفس الوقت أمارس هواياتي كطفلة أي ان تنظيم الأدوار والمهام عملية اعتيادية عندي .
كما أني في فترة المراهقة تولّيت إدارة شؤون المنزل من طهي وتنظيف وغيرها وكنت في نفس الوقت معلمة .
كما أني كنت بدأت التعليم في نفس السنة التي بدأت دراستي الجامعية . وفي الغربة أيضا تحملت مسؤولية نفسي .. كل ذلك سردته لأقول لك بأن من السهل على من اعتادت تحمل المسؤولية التوفيق بين المنزل والعمل وهي على العكس أكثر قدرة على ذلك .
كثيرات من الجارات يقلن لي : نعجب كيف توافقين بين كل هذه المهام ونحن غير عاملات ولا نحسن فعل شيء وليس لدينا الوقت “
الأمر باختصار هو إدارة الوقت وتنظيم يومنا حسب الأولويات.
أما بالنسبة ما إذا كانت تربية الأولاد عائقا أو عاملا مؤخرا فلا اجد ذلك سببا لأني نشرت وطبعت اول ديوان لي بالفرنسية : souvenirs et soupirs
وكان ولداي جاد ومحمد في سن الخامسة والسادسة كانوا صغارا جدا .
وكانت ابنتي جويل في سن الحادية عشرة عندما نشرت ديواني الأول باللغة العربية ” أوراق متناثرة على ضفاف قلب”
شعور الأمومة ورعاية الأسرة يضيف نضجًا وعمقا وتفهما أكثر للمعاناة ويغني التجربة الشعرية في مكنونة الشاعرة ويحسها على اللجوء إلى الكتابة والإبداع لتسمع صوتها بنفسها في وقت تكون فيه وحيدة وبعيدة عن احضان أهلها . كما أنها تدرك وتستوعب تضحيات أهلها فتعبر عن عواطفها الجياشة اتجاههم.
لكن أقول لك أنّه ربما
حضوري في الأمسيات الشعرية والمنتديات الثقافية تأخر قليلا إلا بعدما كبر الأولاد
لكن الإبداع لم يتوقف أبدا .
حاورتها من لبنان / جميلة بندر
عضو ملتقى الشعراء العرب
محررة في مجلة أزهار الحرف .
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي