الرّحيل
كان يعتقد أنّ قلبي لم يزل صغيراً
لم يعرف أنّي كبرتُ في العام ألف عام
في الدّقيقة ألف دقيقة
و صرتُ بزمان غير الزّمان
اعتقدَ أنّ أفكاري باتت تنتظرُه تحت الشّرفات..
و أن الأماكن تحتفل بمروره بعد الغيابات
اعتقد أنّي ما زلت..
وأنا زال عني “ما زلت” و أزلت كلّ الوداعات
قريبٌ هو من صمت شفاهي
و بعيد كلّ البعد عن الكلام
صادفَ أن رأيتُه صدفةً في جواري
ما زلت أذكره
و ما زال يذكرني رغم الملام
حجّتي أنّه ما زال يحضُنني
و حجّتُه أنّي ما زلتُ أسكنه كأميرة الظّلام
كنتُ علِمت،
أنّه حين يرحل الرّبيع تتفرّق أوراق السّماء
تشترطُ الدّموع أن تبكي مع السّحب
يُقبل الشّروق بوجه يضربه الحياء
وأنا هنا
تتهاوى زغاريد الحكايا أمام ناظري
يلاطفني قدري و يراقص معصمي
يغازل المطر المبحوح زوايا الشّفق
قلبي قطعة حياة،
تطالع خرافات اللّيالي و تكوي جراح السّهر
كلّما أقبل ذاك الشّهر
كنتُ على شفتيه أجلس بوجل
أدلّل صفناته
أهذّب عباراته،
يا هذا،
يا أنت،
كان ليلاً طويلاً
قطعتُ نصفه بين يديك
و نصفه تأمّلاً في راحتَيك
كيف طال بي الوقت هكذا
كيف استطعتُ المكوث بين شفتيك كحمامة تصرخ أجنحتها في جنح اللّيل
تابعتُ جداولك و حملتُ معابِرك
قَبلتُ أن ينتهي زماني حتّى أسامحك
لم أعرف هل أنا عجوز سافرت عبر الأجيال!
أم أنا طفلة تلهث من طمع المكاسب!
حارت أقنعتي
تَعذَّب أنين الأماني في تراتيلك
كان عشقك كوضوء النّهار
و صمتك كألحان صلاة
عذّب ما شئت فكلّ ما عندي أتلفه صهيل جنونك
و كلّ ما عندك كان رحيلاً يداوي تفاصيلي ..
مايا يوسف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي