رنا سمير عَلَم
مواليد رميش / جنوب لبنان
عضو في ملتقى الشعراء العرب منذ ٢٠٢٢.
عضو هيئة التحرير في مجلة أزهار الحرف.
عضو في لجنة إعداد موسوعة القصة القصيرة في ملتقى الشعراء العرب منذ عام ٢٠٢٢.
شاركتْ مؤخراً في موسوعة قصائد في رحاب القدس الصادرة عن ملتقى الشعراء العرب كانون الثاني ٢٠٢٤.
من هنا كان لنا معها هذا الحوار لمجلة أزهار الحرف
حاورتها من لبنان /جميلة بندر
* * *
1.كيف تحافظين على التوازن بين الكتابة باللغتين العربية والفرنسية؟
الكتابة تأتي حسب الفكرة، لا أختارُ بأيّ لغةٍ أريدُ أن أكتب، تلبسُني الكلمات، أشعرُ بها، تأتي الفكرة، أضعُها على الورق.
لكنّني أجدُ سهولةً أكثر بكتابةِ اللغة الفرنسية. في اللغةِ العربية الفصحى أجدُ غنى وكميّة كبيرة من المفردات التي أستطيعُ استخدامها، وخاصة في الصور البيانية. أحبُّ اللغة العربية ولا أستطيعُ التعبيرَ بها كما باللغة الفرنسية. لكلّ لغّةٍ أسلوبٌ وقواعد مختلفة.
2. كيف يمكن وصف أسلوبك الأدبي في ديوانك “Au cœur de mes mots”؟
كتبتُ ما فاضَ بهِ قلبي على الورق. في البداية كنتُ أكتبُ الشعر لنفسي، لكن بتشجيع من الأصدقاء جمعتُ كتاباتي الأولى وأرسلتها لعدة دور نشر، وهكذا كان. لا أكتبُ سوى ما يجولُ في خاطري، أكتبُ إحساسي بأسلوبٍ بسيطٍ وسهل وبشفافيّة تامّة، لا أتصنّعُ بالكتابة بل أجدُ عبرها ما لا يلفظهُ لساني. غالبًا ما أحتفظُ بها لذاتي وأنشرُ القليل منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بي.
3. يمكن وصف ديوانك “مواسم الكلمات” الصادر عن دار البيان العربي؟
أكتبُ كثيرًا ومنذ صغري ولكن منذ ٢٠١٦ خصّصتُ مساحةً كبيرة من حياتي للكتابة. أحتاجُ للكتابة لأنّ فيها لا أضطرّ لألجُمَ نفسي عندما تتمادى الكلمات على عكس الكلام تماماً. الكتابةُ كالقراءةِ علاجٌ لروحي لو لم أكتبْ لصرتُ مجنونة. بالكتابة لا توجد أنانيّة، نضعُ بين أيدي القارئ، ما هو مِنّا وفينا، ما ينبعُ من الرّوح.
وفي “مواسم الكلمات ” كانت كلماتي نابعة من صميم قلبي ومن روحي، جمعتُها لتبقى بعد رحيلي، ليجِدُني أحبّتي عبر حروفي، لأنّ الجسدَ يرحلُ ويفنى بينما الكتبُ تبقى وروح الكاتب تبقى فيها خالدة. وبالمناسبة أشكرُ أهلي الذين كرّموني بهديةٍ قيّمة عبر تحمّل تكلفة نشر كِتابي وهم بذلك حقّقوا لي حلمي. أشكرهم وأقول له أحبّهم ولو يعلمون. لولاهم لما رأى كتابي النور ولكانت كتابتي ما زالت تتطايرُ كأوراق فصل الخريف.
4. كيف تديرين بين الكتابة بمختلف أنواعها مثل الومضة، الخاطرة، والقصة القصيرة؟
الكتابة جوهرةٌ علينا صقلها عبر القراءة، لاقتناء مفردات وصور جديدة. فيها غنى لتطوير الذات، وهي أيضاً عمليّة تمرين. كلّما قرأتُ وجدتُ المفردات تأتي عبر الكتابة تلقائياً. لكلّ فنّ أصولٌ، عادةً لا أختار. الموضوع يفرضُ نفسه وحسبما تأتي الأفكارُ أكتبُ. الومضة أصعب الكتابات لأنّ فيها غزارة وكثافة بالمعنى عبر كلماتٍ قليلة، لها قواعدها.
أنا عادة أكتبُ بشكلٍ تلقائي، لا يوجدُ كبسة زرّ للكتابة بل بحاجة لحضن وبيئة تُطعّمُ كتاباتنا، ولو أنّ الكاتبَ هو ابن بيئته.
5. كيف يمكن وصف تأثير فوزك بجائزة القصة القصيرة عن “بيروت” على مسارك وكيف تعكس مشاركاتك في مجموعات ثقافية منذ عام ٢٠١٩ على نضوجك الأدبي والثقافي ؟
كنتُ اكتبُ على الورق وأخجلُ من نشرِ ما لديّ لو أردتُ طباعتها الآن، فهي بعدد العشر كتَب وأكثر.
أرسلتْ لي أختي شروط المشاركة بمباراة عن موضوع بيروت، رفضتُ أوّلاً لأنّني لا أعتبرُ نفسي كاتبة تستحقُ النشر، ولكن بعد إصرارها كتبتُ. خرجتُ من سريري ووضعتُ على ورقة خرطوش أمامي، ما صدرَ عن فكري وخلدتُ الى النوم. وفي اليوم التالي أرسلتُ مشاركتي ونسيتُ. عند الاتصالِ بي فوجِئتُ لأن لجنةَ التحكيم كانتْ مؤلّفة من شخصيات لبنانية كبيرة وأساتذة لهم باع في عالم الأدب : لوركا سبيتي، بسّام برّاك، ود. نازك بدير ومايا الحاج…حصولي على الجائزة أعطاني ثقة بأنّ كتاباتي تستحقُ النشر ودفعَني لأكتبَ ولا أتوقّف. ومن ثمّ بدأتُ أعملُ على تطويرِ مفرداتي.
6. كيف يتجسد تأثير ملتقى الشعراء العرب والشاعر ناصر رمضان عبد الحميد في كتابتك وتطورك الأدبي؟
تعرّفتُ على الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد في أيلول ٢٠٢٢. أخذَ يقرأُ وينشرُ لي بضعة نصوصٍ ويُشجّعُني ومن ثمّ أضافني للملتقى ومن بعدها أصبحتُ محرّرة في مجلةِ أزهار الحرف. كان يُشجّعُني ويُبدي رأيه في ما أكتُب بموضوعيّة وهو شاعرٌ يعرفُ قيمةَ الكتابة في هذا الزمن الرديء. أشكره وأُثمّن وأقدّر عاليًا ما يقومُ بهِ فِي الملتقى وأشكره على حضوره وتشجيعه لي في زمن غياب الكلمة. آمنَ بحروفي وسلّط الضوءِ على الجمال الفنّي بشكلٍ عام عبر الندوات الأسبوعية.
في زمن تضجُّ فيه الفوضى في عالم الثقافة، وجدتُ في الملتقى فسحة أمل، وأصبح لي فيه علاقة صداقة تربطني بكُتّاب وفنانين لهم مكانة في قلبي.
7. كيف يسهم تفرغك كعضو في هيئة التحرير في مجلة أزهار الحرف في تطوير مهاراتك الأدبية وتوسيع دائرة اهتماماتك؟
كل ما نقومُ بهِ يُعلّمنا ويُضيف لحياتنا غنى. من خلال العمل للمجلة، أقرأُ ما كتبَ الزملاء، لا أشبعُ من كتاباتهم الغنيّة جدًا. وعبر التحرير توطّدت علاقتي بالشاعر ناصر رمضان عبد الحميد الذي منحني هذه الفرصة والشاعرة عبير عربيد التي تُشرِف على المجلة. هذا بحدّ ذاته يفتحُ لي آفاقاً معرفية وأدبية وثقافية واجتماعية. التحرير هو جسر عبور للآخرين لتطوير الذات.
8. كيف كانت تجربتك في المشاركة في موسوعة قصائد “في رحاب القدس” الصادرة عن ملتقى الشعراء العرب في كانون الثاني ٢٠٢٤؟
تأثّرتُ بالقضية الفلسطينية بحكم علاقة الجوار التي تربط قريتي رميش مع حدود فلسطين وعلاقة قُربى منذ زمنٍ بعيد، منذ أجدادي.
من منّا لا يتأثّر بما يحصل اليوم من قتلٍ وتدمير للإنسان والعالم يعمل ليصل إلى الكواكب ويخترع وسائل جديدة من التكنولوجيا، ونحن ما زلنا نُعاني الحروب التي تُعيدُنا إلى عصورٍ مرّت. كيف لنا أن نقف مكتوفي الأيدي؟ لم أجد وسيلة للتعبير سوى الكتابة. وعند إطلاق حملة المشاركة وجدتُ الفرصة لإبداء رأيي بما يحصل. وفي لحظات وضعتُ ما في قلبي من حزنٍ وغضبٍ ويأس على ورقةٍ، لعلّ حروفي تصلُ إلى الناس المظلومة. ربّما يجدون في الموسوعة بلسمًا لجراحهم. وبالمناسبة أشكر الملتقى برئيسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد، وأمينة السرّ الصديقة غادة الحُسيني، وكل من ساهمَ بالقلم، لإعلاء الكلمة الحقّ، في صرخات أدبيّة، في هذا العمل الضخم، الذي أعتبره إنجازاً كبيراً، في وقتٍ قصير.
9. كيف تحققين التوازن بين عضويتك في حركات دينية والمشاركة في منتديات ثقافية, وما هو دور الكتابة في مشاركاتك في عدة منتديات ثقافية في لبنان وخارجه؟
الدين والإيمان لي وحدي، بيني وبين خالقي ولو أنّني مؤمنة وأمارس طقوسي الدينية في محيطي العائلي. أكتبُ الصلوات وأعملُ على إعداد كتاب، آمل أن يُبصِر النّور. أعشقُ القراءة منذ الصغر وهذا ما جعلني أتابعُ عدة منتديات عبر الانترنت ومن ثم دعوني إليها. أنتمي لأندية لا تتعاطى بالشأن السياسي ولا الديني بل الثقافي وخاصة القراءة والكتابة والفنون. على سبيل المثال كنتُ أتابع ندوات ونشاطات نادي الكِتاب اللبناني عبر فايسبوك ومن ثمّ ضّمني الأستاذ يوسف طراد إليه، وأصبحت بعد فترة قليلة، عضوًا في الهيئة الإدارية فيه. أُدير مجموعة من وحي الصورة التي نكتبُ فيها أسبوعيّاً عن موضوعٍ مُعيّن. وجودي في النادي أضاف لي الكثير من الأفكار والقراءات خاصة باللغة العربية، لأنّ قراءاتي كانت بالأغلب باللغة الفرنسية ولو لم أتخلّى أبدًا عن قراءاتي للأدباء جبران خليل جبران ومي زيادة و…
10. كيف يؤثر ماضيك في جوقة الرعية وخبرتك كمرنمة على إلهامك في الكتابة؟
الكتابةُ فعل ُ صلاة لأنّها تحتاجُ إلى الشفافيّة والصدق والهدوء فيعلو ضجيج الفكر. نوقظُ ملائكةَ الكتابةِ فينا، ويرتفع الفكر، وبالترنيم أيضًا، بالإضافة إلى الموسيقى في كليهما. كما أحتاج للصلاة لتغذية الروح، كذلك أحتاج لبضعة أقلامٍ وأوراق مع صوت فيروز لأضع ما في الرّوح على الورق.
11. كيف كانت تجربتك في العمل التطوعي لمدة ١٤ عامًا في الصليب الأحمر اللبناني؟ وكيف يؤثر التطوع في جمعيات خيرية على رؤيتك للمجتمع؟
لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض من دون مساعدة أفراده لبعضهم البعض. كل المجتمعات ترتكز على العمل التطوعي حتى في الدول المتحضّرة. وعلينا العمل على ذلك في مجتمعاتنا العربية بشكلٍ عام.
كانت تجربة رائعة ومؤلمة في آن، لأنّ الجنوب كان في حينها في ظلّ الاحتلال. لكنّني أشتاق دائمًا لهذه الفترة من حياتي، تعلّمت فيها الصبر وتعرّفت إلى أشخاصٍ صاروا بمثابة أهل وأصدقاء.
***
اسمحي لي أن أشكرك أستاذة جميلة بدير، على هذا الحوار العفوي، على الأسئلة التي طرحتها، وأتمنى لكِ كل التوفيق.
وأشكر رئيس وأعضاء الملتقى وأتمنى لهم المزيد من الكتابة والإبداع من أجل نهضة مجتمعاتنا العربية في كلّ مكان.
حاورتها من لبنان
جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي