الشاعرة السورية لجين اسماعيل لمجلة،،أزهار الحرف،، :
“حين حاول الرماد إطفائي ،أضأتُ عمري بشعاعٍ من لجين القمر”
*حاورها الإعلامي سعدالله بركات
مبكرا ،شغفت بالأدب ،فتماهت معه ثقافة وإبداعا ، أخذها الشعر إلى بوح شفيف ،كما نفس صبية طالعة طامحة ، “ولئن تدخل ملكوت الشعر عند (لجين) فهذا يعني أن عليك أن تتزود بالكثير من الأجنحة كي تستطيع اللحاق بخيالها والتحليق في فضاءاتها” حسب الشاعر سيف الدين الراعي وما كتب تقديما لديوانها الأول..
و الشعر عند (لجين) هو أشبه بخيوطٍ غير مرئيةٍ تحدثنا بها عما لحفها من ويلات الأيام إلا أن إرادتها ، وحين ألمّت بها محنة ، وجدت الشعر متنفّسا ،بل بلسما و تصليبا
لإرادة باتت “أقوى فتعالت عما أثخنته الجراح”.
لجين ياسر اسماعيل ،القابضة على جمر الألم ،تطلّ علينا بنكهة ربوع الدريكيش ومصايفها ، وفي نوع آخر من بوح المبدعين …
*أهلا بك شاعرة صاعدة واعدة …
**أهلا بك أستاذ سعد الله ، وأشكرك من الصميم على استضافتي في هذا الحوار الأدبي ، آملة أن يكون شيقاً ومفيدا لجميع القراء والمتابعين .
س١. لجين اسماعيل كيف تقدمين نفسك للقراء ؟
ج١ : أنا قطعةُ حنينٍ ممزوجةٌ بالشغف ،..حين حاول الرماد إطفائي أضأتُ عمري بشعاع من لجين القمر، لجين اسماعيل ،مولعة بالشعر و بالأدب بكل تجلياته ..وها أنا ألجه من شتى أبوابه ..
س ف: في الجواب مايشي بتجاوزك تحديا ما ، من خلال البوح الشعري ، ولعلي مافهمت خطأ ؟!!
ج. نعم تعرّضت في صباي لمحنة مرضية خطيرة ولتداعياتها الاجتماعية ، فكان الشعر متنفسي ، تسرية وتعزيزا لأمل وإرادة ، فلتكن إجابتي عبر قصيدة ختمت بها ديواني ،بعنوان “التمرد الأخير”..فقد كان تحديا فظيعا يضع المرأة الشرقية تحت قيود الظلم والرضى بالتقاليد والعادات ، إلا أني كسرت تلك القيود وحررّت قلبي ،فقلت في قصيدتي :
ّ” أقول لك..
وأنت على قيد الرحيل
سأترك قلبك
يخرج بأمان
لا عراك..لا حراك
في خريف الاقحوان
خذ الورق..وعمري
واتركني ألوب
بأحزاني وآهاتها
في صحراء وحدتي
أعلنت التمرد الأخير”
س٢ : حكايتك مع الشعر ، متى بدأت وما مصادر إلهامك؟ وما أول قصيدة لك؟
ج ٢ : بدأت حكايتي مع الشعر منذ طفولتي ، فهي بالفطرة موجودة كتبت عن الأم والمعلم وطرطوس..
وفي سن المراهقة جذبني قدامى شعراء الغزل ، والوقوف على الأطلال، فقرأت لجميل بثينة وعنترة العبسي ، ومجنون ليلى وكتبت حينها :
” رويداً صُبَّ يا قدري
عذاباً بكأس أحبابي
شراباً في حلقهم مُرا
عذابي بحبك الدامي ”
وأما مصدر إلهامي فأولاً: الحب باختلاف أعماره .
وثانيا :الليل وجنوده(قمرٌ ونجوم)
س٣ : يبدو اهتمامك بما يسمى القصيدة النثرية بينما ثمة نقاد ومتذوقون لا يعدّونها شعرا؟ بم تردين؟
ج٣ : نعم كنت في بداياتي الأدبية أميل إلى قصيدة النثر، وهي متراصة بالصور وموجزة أحيانا ، وممكن أن تحتوي انسيابات موزونة ، ولكن قصيدة النثر. ليست مستحدثة كما يظن البعض؛ فقد كتب عنها أدونيس مقالاً بعنوان(في قصيدة النثر ) وذلك في العدد الرابع عشر من مجلة (الشعر) اللبنانية في عام ١٩٦٠ كما كتب قصيدة النثر كلا من الماغوط ومظفر النواب وغيرهما الكثير…
ومما كتبت من قصيدة النثر:
“لعنة الهروب حلّت على روحي
صارت للمسافات بيننا أرجل
كسرتها كلها…
وعدت لقلبي مسرعة
ورأيتك…
رأيتك تغادر قلبي
ويحزن الياسمين
ويبكي اللافندر”
س٤ : شُغفتِ بدايةً بالملتقيات الأدبية ما خلاصتك منها؟
ج٤ : لا نستطيع الإنكار أن الكثير من الملتقيات الثقافية، كان لها دورٌ فعالٌ في توجيه الشباب الصاعد واحتضان مواهبهم و بوصلتها..إلا أنها سلاح ذو حدين.
س٥ : بعضهم يأخذ على الملتقيات الأديبة أنها (شللية) مارأيك؟ وأي من الملتقيات وجدت نفسك فيه أكثر؟
ج٥ : حين يكون هدف الملتقيات هو فقط جمع أكبر عدد من المتابعين واللايكات، دون الولوج إلى خبايا النصوص وتدقيقها، حينها تصبح (شللية) لذلك نلاحظ اختفاء فجائيا لهذه الملتقيات غالبا.
وأما أين وجدت نفسي، فالحياة على تطور دائم وكذلك الإنسان لا بد أن يواكب عجلة التطور ولذلك لا يمكن للإنسان المدرك أن يبقى في مكانه ،وها انا دخلت من باب كفرية ومشيت دربي في الملتقى السوري للثقافة ومنه اعتليت موجة التحضر إلى أن رسيت الآن على شط عشتار فوجدت جوقة زاهية من المبدعين والشعراء.
س٦ : ثمة من يعتبر الومضة الشعرية استسهالاً بما تردين؟
ج٦ : الومضة في رأيي، هي أكثر الأنواع الأدبية دقة، فهي قصيرة جدا وبوح مكثف نثرا على نحو قولي :” تشابكت نحلتان بشغف فتساقط لون عينيك عسلا”
أو شعرا :
“ونومٌ داعبَ الأجفان حتى
طواه الموت في طلب شديد”
س٧ : حوارك مع مجلة ،،كفرية ،، جاء شاملاً ، لكن لم نلحظ أثراً فيه لنتاجك، ما الغرض من الحوارات الأدبية برأيك ؟
ج٧ : حواري مع كفرية كان للتعريف عن لجين الإنسانة أكثر من كونها شاعرة.. وقد كانت نصوصي في كفرية تتكلم لغتها المتفردة حينذاك..
وأما الغرض من الحوارات فهو غالبا الإضاءة على الكاتب أو الشاعر للتعريف به وبنتاجه الإبداعي ، بما يفيد الناشئة وأصحاب المواهب .
س٨ : لم ألحظ كتابات نقدية حول نتاجك أو ديوانك الأول ، هل تعزين ذلك لحالة غير صحية في النقد؟
ج٨ : إن ديواني الأول لم يُشهر بعد..أي أن أغلب القراء والناقدين لم يروه ،وبالتالي لا يستطيعون الكتابة عنه.
وها أنا أحضّر لتوقيعه ومن ثم أهلا بكل النقد والآراء.
س٩ : هل ديوانك المقبل سيكون بعنوان امرأة تخطف الشمس أم تخطف القلوب؟
ج٩ : أملي بالله كبير أن تدخل قصائدي إلى شغاف القلوب كنسمة تدغدغ الوتين ،
فتسرق القلوب بجاذبيتها ومن يسرق القلوب يصبح الكون بشمسه وقمره ومجراته بل وبأسره طوعاً لهُ.
س١٠ : تقولين : ” الحبّ مصدر إلهامك ..ولا شيء بعد الغزل يستحق الشعر؛ أليسَ ثمة غيره يحرك الإبداع؟ على نحو ما نقرأ لك على موقد الشوق وغيرها؟
ج ١٠: يا أستاذي كل مافي الكون نسبي فأنا أحبّ قصيدة الغزل، وأوليها كل عاطفتي، فأحيك القصيدة بخيوط الحبّ والشوق والحنين لتبدو بأبهى حلةٍ ،كعروسٍ يتطلع إليها كل العاشقين ومن هنا قلت أنه لاشيء يستحق الشعر بعد الغزل ، بينما هناك شعراء قوميون وسياسيون واجتماعيون لا يتطرقون إلى الغزل إلاّ فيما ندر ، وهم محقون بعض الشيء..إلا أنني أعيش في عالمي الخاص فأقول :
“تذوب بقلبي كقطعة سكر
فأنت دوائي..وأنت جنوني
أعدْتَ بغنجك كل بهائي
دويا يهز شراع سكوني
ويصبح عمري بحلٍّ جديدٍ
كزهرٍ تفرّد لوناً …… بلونِ”
س١١ : ماذا عن مشاركتك في الديوان المشترك؟ وهل لنا باقتباسٍ من القصيدة؟
ج١١ : كانت مشاركتي في الديوان المشترك الذي يحمل عنوان (شموع وحروف) دار المتن – بغداد 2023 ، نقلة نوعية كبيرة في مسيرتي الأدبية ، فهو يضم نخبة من أهم الشعراء الشباب في سورية ، وذلك بلفتة من القائمين على ،،دار المتن العراقية،، لتعزيز المواهب الشابة وتوظيفها بالشكل الصحيح وكانت قصيدتي بعنوان يا أهل الغرام :
“أيا نبضةَ القلبِ هُبّي حنيناً
لماضٍ جميلٍ وذكرى سلامي
ومن شهد ثغرك لا ما أرتويتُ
فمن شفتيك يسيلُ مُدامي
وراقصتُ عند وداعكَ روحي
لكي لا يبانُ عليَّ انهزامي”
س١٢ : باختصار مفيد ما قولك فيما يلي : الحياة- الماضي – الغد – الحب -قريتك – الشعر – الألم – الحلم ؟
ج ١٢ : ارى هذا السؤال بقمة الروعة، فهو يستنطق الومضة النائمة بين خلجاني
سأرفدك بإجابتي على شكل ومضات.”
“الحياة : تعانقني بملذاتها الفانية بشهيِّ القُبل.
الماضي : أعانقهُ بوابلٍ من الحنين فالزجاج الذي لا نداريه..يجرحنا.
الغد : ستنتصر فيه ذرات اللجين وتشرق شمسيَ من فضة .
الحب : معشوقي الذي أضعتهُ في قميص الأحلام
قريتي : وسادتي الهادئة بعد مشوار أنهكه الشوق
الشعر : بلسمٌ لآلامي المثقلة بالشغف
الألم : ترياق الحياة
الحلم : غيمة نزّودها بالرغبة لتسافر إلى ناصية الشمس.”
**أود وأنا وفي ختام هذا المسك ، أن اشكرك جزيلا ، كاتبا وإعلاميا موقرا
لما زفرته حروفك من عطرٍ تمادى وتهادى على خصلات شعر القصيدة والحوار، وأن اعبر عن سعادتي في إطلالتي الأولى عبر صفحات ،، أزهار الحرف ،، على هذا البستان الزاهي إبداعا وقيما أدارة ومبدعين وقراء وهديتي لهم ولهن هذه الومضة : ” فتحت الحياة عيناها وانهال نورك… نعمتي ” ..
*لجين
**حاورها الكاتب الإعلامي سعدالله بركات
..
:
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي