الأديبة نازك الخنيزي
شاعرة وناشطة اجتماعية، مؤسِّسة وراعية منتدى المروج الثقافي.
وعضو في جمعية العطاء وجمعية الأمل للسرطان. أصدرت أربعة دواوين شعرية: “هنا وجدت الحب”، “الفردوس الأزرق”، “رنة الخلخال”، و”نديمي والربيع”، إضافةً إلى ديوان مشترك (رسائل على مشارف الهمس) مع الشاعر العراقي د. علي لعيبي.
هي عضو في ملتقى الشعراء العرب وتترأس ملف الخليج، وعضوة في مجلة أزهار الحرف.
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها جميلة بندر.
1. كيف أثرت تجربتك الشخصية في مجال الشعر على تأسيس منتدى المروج، وما هي الأهداف الرئيسية التي تَسعين لتحقيقها من خلال هذا المنتدى؟
التأثير المباشر لتجربتي في الشعر على المنتدى، هو بناء قاعدة أدبية نسائية راسخة، ونشر وخلق جو من التعارف والتفاعل المثمر بين نساء المجتمع المهتمات بالأدب والشعر والفن والصحة، في ندوات تفتح الآفاق وتحفظ الهوية بالإضافة إلى اكتشاف بعض الأقلام الواعدة، وتوثيق عُرى الإخاء وفتح نافذة تُشبع رغبة الحوار في اللقاءات المفتوحة البعيدة عن الهيمنة بأشكالها.2. ما هي التحديات التي واجهتكِ كناشطة اجتماعية أثناء عملك مع جمعية العطاء وجمعية الأمل للسرطان، وكيف أثرت هذه التجارب على أعمالك الأدبية؟
يعد العمل التطوعي هو القطاع الثالث في الدولة، فالعمل في النشاط الاجتماعي يعتبر واجب، لاعتماد الجمعيات على التبرعات والاستثمارات لتقديم خدماتها، بالإضافة إلى أنها تحظى بدعم من الدولة لتستطيع تحقيق الأهداف المرجوة والخطط التنموية. ومن أكبر التحديات التي نواجهها في العمل الاجتماعي، التوازن بين الحياة الشخصية والتطوعية.
لكوني عضوة في هذه المؤسسة جعلت ريع ديواني الأول (هنا وجدت الحب) إلى جمعية الأمل للسرطان
الديوان الثاني (الفردوس الأزرق) جعلت ريعه إلى جمعية العطاء فكان توقيع الكتاب عندهم.3. هل يمكنكِ أن تشاركينا كيف تطور مشروعك الأدبي من ديوان لآخر، وما الذي يميز كل ديوان عن الآخر من حيث الموضوعات والأسلوب؟
نشأت وترعرعت في بيئة أدبية، فأصبحت عاشقة للقلم، فكتبت الكثير من الخواطر القصيرة ثم أخذت تطول وتأخذ منحى مختلف، فكنت أخلو بقلمي دون انقطاع، ولم أظن حينها أنه سيكون له أثر أو استمرارية ولكن الكتابة عرفت قدري كما عرفتها. يقول بنجامين فرانكلين: (إمـا أن تكتـب شـيئا يسـتحق القـراءة، وإمـا أن تفعـل شـيئا يسـتحق الكتابـة)
بعد الزواج والمشاغل الأسرية والغربة تركت قلمي مركوناً لفترة طويلة، ثم عدتُ إليه بكل ثقلي وما أحلى الرجوع إليه ..
كنت أكتب وأبث ورقي آمالي وآلامي، بعض النصوص أتركها ناقصة والبعض أكمله لاحقاً والكثير يكتمل في حينه.. ولكني لا أنفصل عنه أبداً، كانت العلاقة متصلة، بدأت بديواني الأول (هنا وجدت الحب). فازددتُ شغفاً بأشكال التعبير عن مجمل العواطف الانسانية والهواجس.. ولكل شاعر بصمة معينة والشعر هو الرعشة الروحية الصادقة.4. ما هي الموضوعات الرئيسة التي تناولها ديوانك "هنا وجدت الحب"؟ وكيف تميزت رؤيتك الشعرية في هذا الديوان؟
هنا وجدت الحب يحتوي على ٣١ نصاً متنوعاً معظمها يدور حول حب الأم والوطن.
فقلتُ عن الأم : أماه لأجلك سأصلي كي لا يذبل ورد الشوق ..
و في حب مدينتي (قطيف يا مدينة يغفو على جبينك المستحيل..) هذه القصيدة لحنها وغناها الفنان شكري عاشور.
هذا الديوان ازدحمت فيه الصور والمشاعر من تجارب انسانية بإحساس صادق في اللحظات الخاطفة.
وقالت الشاعرة الأديبة الصديقة ليالي الفرج في قراءة لها بعنوان “تجليات الحب والفردوس”:
هنا وجدتَ الحُبَّ هو الإصدار الشعريّ الأول للشاعرة، الصادر عن قصر السبيل، في 2015، وهو كما جاء في شكله المتدفق على نحو تركيبة تتخذ من منتصف كلّ صفحة فيه منصّةً يحتشد حولها البياض الذي يتألق كخيوط نور تأخذ المتلقي نحو معين لا تقلّ عذوبته عن حجم الصدق الذي تحمله طاقة تعبيرية لا يسعها إلا الانتقال إلى كينونة الاتصال الذي تترجمه براعةٌ لإنسان..
في نص: “ندائي لها”،
أمّاه ..
يا نبضَ الحياةِ وسرّها
أناديك،
فيعاودني الحنين..
هذا التعالق وجوديّ لدى الشاعرة، فإنّ نصَّي: «رحيق الأرض»، «رنين التبر» في الوطن، مساوقان لنصّ: «زهرة الكون أنتِ» في الأمّ.. هذا التماهي هو حالة فطرية تُلْحظُ في المكوّن الإبداعي”. 5. ديوان "الفردوس الأزرق" يحمل عنواناً مثيراً للاهتمام. ما هي الرمزية أو المعاني التي يعكسها هذا العنوان في قصائد الديوان؟
هذا الديوان حضي باحتفاء يوم تدشينه من قبل جمعية العطاء، كما كتب عنه د. علي لعيبي:
“ما زلنا نتتبع مسار الشاعرة نازك الخنيزي، والتي تضمنت بشكل مبسط المزيد من الافكار والرؤى والتأملات التي حملتها نيابة عن الحب. هناك خصوبة في الاسلوب وجزالة في المعاني وهذا يعود للبيئة التي جعلت من أحاسيسها تنطلق من تاريخ وتراث كبير. فالعشق العذري مكانه هناك عند صحراء بني عامر حيث قصتهما المشهورة من خلال الحب الذي جعل من قيس مجنونا وليلى تحت التراب.
نرى هنا في هذا المنجز أن الشاعرة اهتمت بشكل كبير بموضوع الإيقاع والتركيب النسيجي للنصوص بحيث ظهر لنا رصينا راقيا.”
وقالت الأديبة ليالي الفرج : “هذا المقطع من أول نصّ في «الفردوس الأزرق» كان عنوانه: «كتابُ الحُبِّ»، وكان الضوء والأشواق والمشاعر خشبة إبداع تألق على مسرحها النصّ، وتناوب المساء والضوء والمجرة والعشق مداراً لنصّ: “صلاة الياسمين”، الذي يتوتر فيه النصّ إلى أن يقول:
تضعُ فصولَ الهمسِ
في إناءٍ من ندى
يعانق آخرَ سطورِ البوحِ ..
ولا ينتهي النصّ إلا بثورة حين يقول:
على أذرع المآذن
وعلى كفوف الغيم
تداعب المطرَ
لتخبرَ القادمين
عن مواسمِ الدهشةِ المؤجّلة
وثورةِ الحقول..
الحبّ ثورة لكنها العمود الرئيسي في الشعر والأدب والفن وعلم الجمال، والصورة واللغة جمال يستحقه الحُبُّ، وتحرّض على الإمساك بأسبابه الحياةُ.”6. كيف تعكس قصائد ديوان "رنة الخلخال" الجوانب الثقافية والاجتماعية للمجتمع الذي تنتمي إليه نازك الخنيزي؟
أعتبر هذا الديوان مجسداً للتراث واللحظات الحياتية المؤثرة التي نتخيلها أو نعيشها في واقعاً ملموساً أمامنا معتمدة على العاطفة والخيال الذي يجعل الشيء المعنوي في صورة حسي، فتلمع الحقائق وتضيء بالكلمات الشعرية التي تسكننا. 7. ما هي الخصائص الأسلوبية والشعرية التي يمكن ملاحظتها في ديوان "نديمي والربيع"؟ وكيف تجسدت علاقة الشاعرة بالطبيعة من خلال قصائد هذا الديوان؟
ضم حوالي 55 نصاً من القصائد الوجدانية اخترت فيها أعمق الحقائق، وقد استغرق مني قرابة العامين قبل خروجه إلى النور، من ضمن النصوص بين كفي السماء، جيب المطر، أعناق السنين، أوردة الحب …. وغيرهم. حين يتقن القلب النبض أصنع زوارقاً من ورق ورسائل من برق فأنثر السحر من الليل حتى مطلع الفجر بين ضفتي نديمي والربيع هناك همسٌ، ينبلج له الضوء“، وقد أهديته إلى رفيق دربي .8. كيف أثرت مشاركتكِ في جائزة القطيف للإنجاز على مسيرتك الأدبية، وما هي اللحظات التي تعتبرينها محورية في هذه التجربة؟
لكون الجائزة التي تحمل اسم مدينتي، الواحة الغناء انتمائي لها لا يوصف بكلمات، هي المدينة التي تغنيت بها ولها، بعاطفة لا يشوبها شك .
أعتبر مشاركتي فيها تجسيداً للمواقف واللحظات الحياتية المؤثرة حتى نستطيع أن نتخيلها أو نعيشها واقعا أمام أعيننا ما دمنا نكتب أو نخطب أو نرسم.9. ما هي أبرز المواضيع التي تركزين عليها في مخطوطاتكِ المقبلة، وكيف تعكس هذه المواضيع تطور رؤيتك الأدبية؟
الانفتاح على العالم والتعرف على ثقافات وحضارات متنوعة يؤثر في الرؤية والتنوع فيما نختار ونكتب.
كما أنه لا يمكن فصل المواضيع الأدبية بأي حال من الأحوال عن المجتمع الذي نعيش فيه أو ننتمي له، وغالباً ما يكون الموضوع أو النص وليد اللحظة فأرى في قلبي همس يتملك احساسي فأنسج من تلك الخيوط قلائد.
أي مولود جديد يكون ناتجاً من قلق وطقوس ذاتية يختلف فيها من كاتب لآخر وجميع هذا يظهر في شخصية الشاعر بين التحام ذاته ومشاعره.10. كيف تستفيد المرأة السعودية (الأديبة) بالتطور الذي حدث في المملكة العربية السعودية؟
في وقتنا الراهن، المرأة السعودية تخطو خطوات واسعة مشرّفة ومشرقة في مجالات العلم والثقافة والمعرفة تتناسب مع ثقافة المجتمع والمتغيرات، فهي تواصل السعي لتحقيق المزيد بطموح لا يتوقف متسلحة بأدوات النجاح التي نالتها، وهذا لا يتحقق إلا بالدعم والتيسير من الدولة التي كفلت لها اتساعاً ملموساً.11. هل الزواج والأولاد عائق في النجاح أم لا؟
لا أبداً، إذا كان الزوج داعماً ومسانداً، فهذا يساعد على تحقيق الطموح والوصول للمبتغى. وقد منحني الله زوجاً واعياً داعماً ومشجعاً فهو، مثال للزوج المتفهم. 12. ما هي رسالتكِ للمبدعات الشابات اللواتي يتطلعن إلى دخول عالم الشعر والعمل الاجتماعي، وكيف تنصحينهن بالتعامل مع التحديات التي قد يواجهنها؟
أنصحهم باتساع الأفكار وواقعتها والسمو بها، لتكون أفكاراً ثرية تليق بهم وتسهم في رفعتهم. جدلية العلاقة بين اللغة التي تحمل مشاعر الشاعر وإحساسه وجمال المعنى الشعري هي الرسالة الشعرية الأسمى والأبرز.. “إنما الشعر مرايا نُبصر الأكوان فيها” فالعلاقة بينهما تقف على نقطة مفصلية بين المفردات والأسلوب، حيث الناتج هو انصهار اللفظ والمعنى معاً لتكوين نسيج جديد يتربع على الهضبة. فإصابة المغزى بادراك معرفي وبلاغة المقصود يبين حنكة الشاعر في تقصي الرؤية وعمق التأمل في المدارات التي يأخذ منها الشاعر نقاط انطلاق.13. ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد؟
الملتقيات بصورة عامة تُثري المعرفة وتعزز الثقافة الأدبية والإبداعية من خلال مساهمات بحركة فاعلة بالاضطلاع على المنجزات الابداعية في مجالات مختلفة.
ملتقى الشعراء العرب، شهادتي فيه مجروحة حتى النخاع، وجدته فضاءً حراً وتربة خصبة للإبداع، فضلاً عن كونه ملتقى عربي تنمو في أرضه الثقافة العربية وتتلاقح الأفكار، كما أنها إحدى الثقافات الكبرى في التاريخ، ولكنها بجميع أطيافها تعيش فترة انتقالية ومرحلة تحول سريعة فهي ثقافة تعتمد على الابداع في أفق مفتوح..14. كونك مسؤولة ملف الخليج كيف تسعين على تفعيل هذا الملف؟
-وما هي أبرز المبادرات التي قمتِ بها في هذا المجال؟
-كيف تتعاملين مع تحديات تنسيق الفعاليات والمبادرات الشعرية في المنطقة؟
في البداية كخطوة مبدئية أحتاج النشر عن ملتقى الشعراء العرب للتعريف به ونشاطاته الأدبية … ثم ندعو بعض الشخصيات للمشاركة في لقاءات مع شعراء وأدباء ومثقفين .
مهمتي أن أُقدم الضيف المناسب والمنهج المناسب للمتلقي، وطالما هناك إنسان فهناك شعر ومتذوقٌ له . فلابد من التركيز على الثقافة التي هي الوسيلة الأمثل لتكوين الروابط المجتمعية، وهي التي تُثري جودة ونوعية الحياة .
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي