وفاء الخطيب كاتبة وأديبة سورية برزت في الساحة الأدبية من خلال أعمالها التي تتنوع بين القصة القصيرة، الشعر، والحوار مع أبرز المفكرين العرب. حاصلة على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق، وتعيش حالياً في دبي، حيث نالت الإقامة الذهبية ضمن فئة الكُتّاب بترشيح من هيئة الثقافة في دبي، تقديراً لإسهاماتها الأدبية. لديها ستة إصدارات منشورة وإصدارات قيد الإنجاز، إضافة إلى مقالات وحوارات نُشرت في سوريا، الإمارات، ولبنان.
تميزت وفاء بقدرتها على التفاعل العميق مع قضايا المجتمع والفكر العربي من خلال كتاباتها، وبتقديم رؤى تتناول الحاضر والموروث الثقافي. عُرفت بتعاونها مع مجلة الرافد كمحررة ومدققة لغوية، وكُلفت بمهمة مراسلة للمجلة من سوريا، حيث أجرت لقاءات مع قامات فكرية مثل د. الطيب تيزيني، د. محمد شحرور، والشاعر أدونيس. حصلت على المرتبة الأولى في جائزة “المزرعة السورية للإبداع الأدبي” عن قصتها القصيرة وشم الذاكرة عام 2008.
إنتاج وفاء الخطيب الأدبي يعكس روحاً إبداعية ملتزمة ومتفاعلة مع هموم الفكر والمجتمع، ما يجعلها صوتاً مميزاً في الأدب العربي الحديث، يجمع بين البصيرة القانونية والموهبة الأدبية.
ومن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها جميلة بندر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1.نشأتِ في محافظة السويداء ودرستِ الحقوق في جامعة دمشق. كيف أثّرت البيئة السورية في نشأتكِ وتعليمكِ على رؤيتكِ الأدبية؟ وهل هناك لحظات معينة من طفولتكِ أو شبابكِ ساهمت في صياغة هويتكِ ككاتبة؟
2.كيف تجمعين بين حياتكِ الشخصية كأم وزوجة وبين التزاماتكِ المهنية والأدبية؟ هل تجدين صعوبة في تحقيق التوازن بين العائلة والعمل الإبداعي؟
3.من المعروف أن الكتابة تتطلب عالماً داخلياً خاصاً، فهل تتبعين طقوساً معينة أو تجدين الإلهام في أماكن أو أوقات معينة تساعدكِ في كتابة أعمالكِ؟
4.باعتباركِ كاتبة مقيمة في الإمارات، كيف ساعدكِ هذا الانتقال في تكوين شبكة ثقافية وأدبية مختلفة عن تلك التي كانت في سوريا؟ وما هو تأثير الإمارات على تطوركِ الأدبي والشخصي؟
5.حصلتِ على المرتبة الأولى في جائزة “المزرعة السورية للإبداع الأدبي” عام 2008 عن قصتكِ وشم الذاكرة. كيف تفاعل جمهور الأدب مع هذه القصة، وما الذي أضافته هذه الجائزة لمسيرتكِ الأدبية؟
6.حصدتِ الإقامة الذهبية للكتّاب في الإمارات العربية المتحدة بترشيح من هيئة الثقافة في دبي. ما الذي تمثله لكِ هذه الجائزة، وكيف تنظرين إلى دورها في دعم الأدب والأدباء؟
7.من بين جميع إصداراتكِ، أي عمل تعتبرينه الأقرب إلى قلبكِ، ولماذا؟ هل هناك قصة خاصة أو تجربة معينة رافقت نشر هذا العمل؟
8.كيف جاءتكِ فكرة كتاب خطوة نحو أدونيس، الذي يضم حوارات مع الشاعر أدونيس؟ وما هي أبرز المحطات التي مررتِ بها خلال إعداد هذا الكتاب؟
9.تعاونتِ مع شخصيات فكرية مرموقة مثل د. الطيب تيزيني والشاعر أدونيس، وغيرهما. ما الذي تضيفه هذه الحوارات إلى تجربتكِ الأدبية، وكيف أثّرت هذه اللقاءات على شخصيتكِ ككاتبة؟
10.أصدرتِ مؤخراً كتاب عودة إنانا إلى أوروك، ما هي القضايا والأفكار التي حاولتِ معالجتها في هذا العمل؟ وكيف كان استقباله من قبل النقاد والجمهور؟
11.يعتبر كتابكِ محمد شحرور: مارتن لوثر الشرق واحداً من إصداراتكِ الأكثر إثارة للاهتمام. كيف تصفين حواراتكِ مع د. محمد شحرور، وما هو الانطباع الذي تركته في نفسكِ؟
12.في إصداراتكِ مثل لها وإنانا في دمشق، هناك ميل واضح للشعر. ما الذي جذبكِ إلى عالم الشعر، وكيف تختلف تجربتكِ في كتابة الشعر عن كتابة القصة أو الحوار؟
13.كُلفتِ بمهمة مراسلة لمجلة الرافد من سوريا وأجريتِ لقاءات مع شخصيات فكرية وثقافية. كيف أثّر هذا العمل الصحفي على شخصيتكِ الأدبية، وكيف تتعاملين مع تحدياته؟
14.كيف تقيّمين الحركة الأدبية النسائية في العالم العربي اليوم؟ وهل واجهتِ صعوبات كونكِ كاتبة في بيئة ثقافية قد تكون أحياناً تحدّيًا للمرأة؟
15.أثناء كتابتكِ عن الشخصيات الفكرية مثل د. الطيب تيزيني ود. محمد شحرور، هل شعرتِ بمسؤولية إضافية تجاه توثيق أفكارهم؟ وكيف توازنين بين رؤيتكِ الخاصة واحترام رؤية هذه الشخصيات؟
16.ما هي رسالتكِ من خلال أعمالكِ الأدبية، وما هو الإرث الذي تأملين تركه للأجيال القادمة؟
17.بصفتكِ كاتبة لها تجربة طويلة وإصدارات عديدة، ما هو الكتاب أو العمل الذي تشعرين أنه يحتاج إلى تطوير أو إعادة نظر، ولماذا؟
18.ما الذي تعملين عليه حالياً؟ وهل بإمكاننا توقع إصدار جديد قريباً يحمل أفكاراً جديدة أو رؤية مختلفة؟
19.ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد ؟
***
ج1
في سبعينيات القرن المنصرم كانت الحالة الثقافية لا زالت مزدهرة في سوريا، وكذلك كانت في منزلنا حيث اقتنى أخوتي الأكبر مني سنا كتبا أدبية وفكرية ودوريات هامة، إلا أن الحالة الاجتماعية المقيدة بالأعراف والتقاليد لم تكن في سوريا كما في بقية الدول العربية محايثة للانفتاح الفكري السائد آنذاك للأسف، في تلك الفترة كانت أسرتنا تمر بظروف صعبة.
هذه المفارقات، بالإضافة إلى دراستي في كلية الحقوق دفعتني لأن أدخل مبكرا حلبات التشابكات حولي، فاستنجدت بالكتاب صديقا دائما.
ج2
-لا شك أن التزام الكاتبة بأسرتها يَحِدُّ من تعاطيها الثقافي، لكن وكما هو حال أمومة المرأة يتولد في قلب هذا الانشغال تحدٍ خفيّ يدفع المرأة لمضاعفة جهودها لأجل ولادة أعمال إبداعية لها.
بالمناسبة التزام المرأة بأسرتها ومحبتها لأطفالها أبعد اسمها عبر التاريخ من قوائم المبدعين والمخترعين في العالم، وإن هذا العائق الأسري يرافق المرأة منذ نعومة أظفارها في بيت ذويها، فنساء كثيرات زُجرْن وامتنع عليهن الاهتمام بالثقافة، فتأخر نتاجهن. بالنسبة إليّ فقد أخّرت الظروف إصداراتي إلى حدٍ ما.
ج3
-لا أتّبع أية طقوس للكتابة بل أكتب الفكرة أو العبارة التي تدور في ذهني على ورقة أو في الموبايل أو إنني أرددها كي لا أنساها اذا لم أجد ما أدونها عليه.
ج4
-الإمارات العربية المتحدة دولة رائدة في مجالات عديدة، وقد عدّلت بمؤسساتها المعرفية الضخمة والمتعددة ميزان الثقافة العربية الذي مال مؤخرا لصالح التشدد الأيديولوجي في دول كانت ترفع شعار العلمانية والحرية الفكرية للأسف، اليوم أصبحت دولة الإمارات موئلا هاما وراعيا معطاء لجميع المواهب.
ج5
-وشم الذاكرة قصة قصيرة كتبتها عن تجربة شخصية وجدانية، وإن الجائزة الأولى التي حصلت عليها حفزتني على الاستمرار والاهتمام بالكتابة أكثر، إذ كنت مقلة في ذلك ولم أبدأ بالكتابة مبكرا، تم الاحتفاء بهذة القصة ونشرت في أكثر من مكان.
ج6
-كُلِّفتُ بالعمل في مجلة الرافد التابعة لمديرية ثقافة الشارقة كمحررة ومدققة لغوية، وحين اضطررت للعودة إلى سوريا عينت كمراسلة للمجلة في سوريا، حيث قمت بنشر عدة كتب وأعمال أدبية في صحف ومجلات عديدة، مُنِحتُ عليها فيما بعد الإقامة الذهبية في دبي،
أنا فخورة جدا بهذا التكريم من دولة أثبتت جدارتها على الصعيدين العربي والدولي واستقطبت كثيرا من المواهب بتوجهاتها الحضارية المميزة والرائدة.
ج7
-كوني مهتمة بمسألة المرأة فإن العمل الأحب إلى قلبي هو ديواني الأخير ” إنانا في دمشق” الذي يتناول عودة المرأة لتلعب دورها الطبيعي الهام الذي كانت تلعبه قبل الانقلاب الذكوري حين استحوذ الرجل على مقدرات المرأة عقلا وجسدا وروحا، عودة دشنها نضال النساء منذ قرن ونيف، وتكملها بجدارة نساء معاصرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أتاحت للمرأة الوقوف على واقعها المزري وعلى سبل خلاصها من حياة العبودية التي فرضت عليها طويلا.
وقد اخترتُ إنانا إلهة الجمال والحكمة لدى السومريين حيث عاصرت طفولة البشرية، من حيث انعدام الحواجز بين الجنسين كما بين السماء والأرض.
تعود إنانا في هذا الديوان إلى بلدها الأصلي أوروك كي تبدأ مشوارها من مدينة دمشق التاريخية
ج8
-بالنسبة إلى كتابي “خطوة نحو أدونيس” هو مجموعة حوارات كُلِّفْتٌ بها من قبل مجلة الرافد.
وفي عام 2008 قابلت أدونيس في دمشق ثم قابلته عدة مرات في بلدته قصاببن التابعة لمحافظة اللاذقية على الساحل السوري، حيث اختار لي من إصداراته الجديدة آنذاك كتبا لتكون محاور لحواراتنا، تكررت مقابلاتي معه في لبنان والإمارات، كما كلمته عدة مرات عبر التلفون حيث مقر إقامته في باريس،
حين جمعتُ حواراتي معه في كتاب كانت الثورة السورية في بدايتها وقد انقسم المثقفون حولها للأسف.
وقد قيّم أدونيس الثورة بشكل مخالف لتقييم الطيب تيزيني الذي احترمَ هذا الاختلاف وكتب مقدمة لكتابي هذا الذي أعتز به كثيرا، لأنني قرأت أثناء إعداده كتبا عديدة لأدونيس وغيره.
ج9
-إن حواراتي مع شخصيات فكرية فاعلة في المشهد الثقافي السوري أغنت تجربتي وأتاحت لي فرصة الوقوف على مدى تأثير المشاريع الفكرية لهؤلاء على الشارع الثقافي والاجتماعي، من جهة أخرى أتاحت لي تلك الحوارات فرصة أكتشاف الفراغات الصماء الممتدة على مساحة مشروع كل منهم على حدة، واكتشاف تلك الفراغات الكبيرة الممتدة على مساحات مشروعاتهم مجتمعين، هذه المشاريع الهامة لم تجد للأسف من يرعاها ويجمعها في مركز دراسات يليق بالجهود الكبيرة لهؤلاء المثقفين، كي ترفد وتوجه الحركة الفكرية، الأمر الذي حفّزني لجدولة نقاط تخص كلا منهم وأخرى مشتركة فيما بينهم كي أبلور ما استطعت المشهد الفكري السوري قبل وبعد الربيع العربي.
ج10
-في ديواني “إنانا في دمشق” حاولت تقديم ورود الأنوثة من حدائق الإنسانية التي وهبتْها لنا الطبيعة، قبل أن تغزوها أفكار ذكورية وتراثية متشددة تسببت في تجهيل أجيالنا، حين تم تشييء المرأة واختزالها في صورة امرأة مريبة “باندورة” التي توهّمها الرجال مشيطنة، فساقوها إلى حروبهم الطاحنة محمّلة بصندوق الشرور الذي لم ينقطعوا عن تحديث صناعة أسلحته، حروب ستتسعّر بالتأكيد في غياب عاطفة المرأة الأمومية الصافية التي عمّت نفحاتها اللطيفة فجر حياة الإنسان الهانئة المسالمة، حيث كانت المساواة بين الرجل والمرأة في أبهى صورها،
هذا التعاطي لمسناه في زمن جدتنا “إنانا” المضيء الذي نفخر به راجين عودة المرأة لتولي دورها صحبة حفيداتها عبر صحوتهن النسائية المبشرة بالخير للجميع، ذلك بعد تعرض المرأة لاستعمار ذكوريّ هو الأسوأ.
ها هي إنانا العصرية تنطلق من أوروك السومرية في أولى رحلاتها إلى دمشق القديمة التي انعطفت بالتاريخ مرارا، في مسار رحلتها الطويل.
لقد لاقى الكتاب قبولا مشجعا من أطراف عديدة ولسوف أقوم بتوقيعه في معرض أبو ظبي القادم للكتاب
ج11
-كتاب “محمد شحرور مارتن لوثر الشرق”
ابتدأ بحواري معه في دمشق عام 2007 حول كتابه ” الكتاب والقرآن قراءة معاصرة” الذي أحدث ضجة غير منتهية منذ صدوره في تسعينيات القرن المنصرم، كما تطرقت مقابلتي معه إلى كتب أخرى كانت صدرت له في ذلك الوقت.
نُشر الحوار في مجلة فكر اللبنانية، بعد ذلك قدّم لي شحرور مجموعة كتب صدرت له، منها كتابه القيّم “القصص القرآني قراءة معاصرة” وكتاب ” نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي” وفيه تناول قوانين الأحوال الشخصية التي كنتُ اطلعت عليها أثناء دراستي الجامعية في كلية الحقوق، وهكذا
قمت بالتحضير لحوارات متعددة مع شحرور بشكل مباشر وكذلك عبر الهاتف والنت حين انتقل إلى أبو ظبي بعد الثورة السورية، ثم بدأت بتجميع تلك الحوارات تهيئة لكتاب اقترحت عليه عنوانه “شحرور مارتن لوثر الشرق” وقد سُعِد بذلك العنوان.
شحرور جدير بهذه التسمية لأنه حاول تجديد الخطاب الديني الاسلامي من داخل الإسلام حين دعى إلى قراءة الكتب المقدسة قراءة معاصرة تتناسب مع مداركنا الحالية ومع وسائل المعرفة المتاحة التي تتطور بتسارع كبير،
من هذا المبدأ صرّح قائلا لا تقرأوني بعد خمسين عاما لأن مدارك الإنسان ووسائل معرفتة ستكون متطورة عما هي عليه الآن.
طرح شحرور نظريته تلك مماهيا بين العلم والدين بطريقة لم يسبقه إليها أحد على ما أظن، وقد استعان بكافة فروع العلوم كاللغة والتاريخ والفيزياء والرياضيات والعلوم الأركيولوجية والبيولوجية والدينية وغيرها..
وهو وإن كان أتباعه أقل عددا من أتباع مارتن لوثر نظرا لظروف منطقتنا الأكثر تعقيدا من ظروف ألمانيا زمن لوثر، إلا أن مريدي شحرور الكثر تبنوا مشروعه وساروا على نهجه، ونستطيع القول إنه أحدث ثورة فكرية داخل الخطاب الديني، وإن الزمن هو من يتكفّل بالتقييم النهائي لتجربته.
ج12
-تستطيع اللغة الشعرية برشاقة تعابيرها وجرس كلماتها وومضات تلميحاتها النفوذ إلى قلب المعنى والبوح، بما لا يستطيع السرد النثري بوحه، ودواويني “إنانا في دمشق” و “عودة إنانا إلى أوروك” و “لها” تصب جميعها في حالة هذا البوح، لا سيما البوح الأنثوي الشفيف الذي يتكثّفُ أحيانا حين تشتدُّ وحشتُه ليتحوَّل إلى صرخات يتردد صداها في الزمان والمكان، كما في الذات الإنسانية، للمطالبة بتغيير الموازين لصالح جمال وشاعرية طبيعتنا.
ج13
-لقد اغتنت تجربتي في الكتابة أثناء عملي كمراسلة لمجلة الرافد في سوريا لجهة اطلاعي المتعمق على تجربة شخصيات أدبية ومعرفية مرموقة عرفت بمشاريعها الفكرية الرائدة وبفعالياتها الجماهيرية المؤثرة محليا وعربيا، كما أتيحت لي فرصة توجيه الأسئلة حول المشاكل المجتمعية التي لم يتطرق إليها أحد أو تلك المثيرة للجدل من حيث تناولها من زوايا مختلفة وأحيانا متخالفة تبعا لمرجعية وآراء كل منهم، ولقد شكلت مسألة التراث والمرأة والموقف منهما محاور تلك الأسئلة الصعبة.
وفي هذا الإطار قمت بإعداد عدة حوارات مع فنانين سوريين، إلى جانب ملفات حول تاريخ عدة محافظات سورية نفتخر بها جميعا على الرغم من جراحات الحرب التي أتمنى أن تحط رحالها قريبا.
ج14
-لقد ازدهرت الحركة الأدبية النسائية في العالم العربي مؤخرا بشكل لافت وفاعل ومشجع، حيث لمعتْ أسماءٌ عديدة أثبتت جدارتها بقوة على الصعيدين الأدبي والفكري، ما يبشِّر بمستقبل واعد للجميع خالٍ من التفرقة بين الجنسين، تلك التفرقة التي كرستْها الأعراف والتقاليد والقوانين الجائرة بحق المرأة، وبالتالي بحق مجتمعاتنا التي تأخرتْ عن ركب الحضارة،
بالنسبة إليّ حاولتُ ما استطعتُ التغلب على المعوقات الاجتماعية التي واجهتْ مسيرتي في الكتابة والتي أخّرتْ صدور نتاجي.
ج15
-لا شك أن حوارات مطولة مع قامات فكرية وفنية كبيرة تستلزم قراءات وإحاطة شاملة ومعمقة بنتاجهم ونتاج غيرهم، ممن يتوافقون أو يتخالفون معهم فكرا ومرجعية، وقد استغرقتْ تحضيراتي لمحاورة الذين تسنّى لي مقابلتهم سنواتٌ عديدة، حافظتُ خلالها على مسافة واحدة من الجميع، لأن من واجبي أن أنقل للمتلقي وجهة نظر من أحاورُه، لكن من وظيفة الصحفي أيضا أن تكون أسئلتُه محفِّزةً ولافتة لنظره أو لنظر المتلقي إلى فجوات يرى أن بالإمكان تلافيها.
هذا التعاطي أمدَّني بحسٍ نقديٍّ وبالقدرة على تكثيف وإثراء كتاباتي الأدبية.
ج16
-أكون في بعض الأحيان مع مدرسة الفن للفن، لأن حياتنا الروحية تتطلب جمال هذا التسامي، لكن للفن والأدب أيضا وظيفةً نبيلة وفاعلة وضرورية، من أجل تقويم اعوجاج الحياة بنا، نظرا للقاعدة الشعبية العريضة التي بإمكان الفن أن يكون مؤثرا وفاعلا فيها، لذا فإن الكتّابَ يستثمرون الأدب لكي يمرّروا أفكارهم المتعلقة بالوطن والتراث والمرأة والطفل والمستضعفين،
هذا الأدب الهادف هو ما أودُّ أن أخلِّفَه ورائي للجيل الجديد.
ج17
-غالبا ما يرغب الكاتب بتعديل نتاجه، مع علمه بأن كتابه المنشورَ أصبح مُلكا للقارئ.
بالنسبة إليّ وكوني امرأة تعيش في دولة عربية، فقد حاولتُ ما استطعتُ اختصار ما أرغبُ البوح به من مشاعر ووقائع كي لا أثيرَ ضجة لم أكنْ مهيّأة لها.
أشعر الآن أن هامشاً من الحرية أصبحتُ أمتلكُه بسبب تغيّر الظروف، وبسبب التقدم في العمر الذي هو -للأسف- الوقتُ الملائم للمرأة كي تدلي فيه برأيها، الذي يكون في بعض جوانبه قد بَهتَ، إلا قلة من النساء اللاتي يحتفظْن بحلمِهن طازجا دائم الحضور، لهذا أرغبُ لو تتاح لي الفرصة بتعديل معظم كتبي.
ج18
-أعمل حاليا على كتابة رواية تناقش فكرة الاغتراب في الأسرة والوطن، بسبب القيود المربكة وغير المنتهية التي تفرضها الطبقات السياسية والدينية والاجتماعية المتحكمة بالمستضعفين لا سيما النساء والأطفال الممنوعين من الاعتراض،
وذلك على أمل التحرر من تلك العقلية بعد نشر التوعية وقصص النجاح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما تناقش الرواية آمال وآلام الاغتراب عن الوطن.
ج19
-الملتقيات الشعرية
واحة ثقافية وسوق عكاظيّ مصغر، لابداعات أدباء يتنافسون ويغتنون بتجارب بعضهم البعض، فيرتفع مستوى الذائقة الفنية والفكرية لديهم وللجميع، وكثيرا ما سلّطتْ هذه المنتديات الضوء على أقلام واعدة ما كان لتجربتها أن ترى النور لولا دعوة تلك المنتديات لها.
وهنا أوجه شكري العميق لملتقى الشعراء العرب متمثلا برئيسه الأديب الكبير والمرموق ناصر رمضان عبد الحميد ورئيس التحرير المعطاء لمجلة أزهار الحرف الذي يضطلع بمهام ثقافية جسيمة وفاعلة في نشر الأدب والفكر في ربوع بلادنا العربية المتعطشة للمعرفة كي تخرج من مأزق تخلفها.
والشكر موصول للصحفية والمترجمة القديرة جميلة بندر عضو ملتقى الشعراء العرب والمحررة في مجلة أزهار الحرف على أسئلتها العميقة والشاملة.
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي