
⸻
يوم المرأة العالمي: رحلة الكفاح نحو المساواة
لماذا نحتفل؟
يوم المرأة العالمي ليس مجرد تاريخٍ في التقويم، بل هو تيارٌ يجري عبر التاريخ، حاملًا معه قصصًا من النضال والتحدي. إنه اعترافٌ بأن التقدم لا يتحقق إلا بتحرير نصف المجتمع من القيود التي تعيقه، وتمكينه من بناء المستقبل الذي يستحقه. في كل عام، يذكّرنا هذا اليوم بأن العدالة ليست امتيازًا يُمنح، بل حقٌّ يُنتزعُ بإرادة جماعية.
من الثورات إلى الحقوق: جذور تاريخية
بدأت الشرارة الأولى عام 1908 عندما خرجت عاملات النسيج في نيويورك مطالبات بتقليل ساعات العمل، لكن اللحظة الفاصلة جاءت في 8 مارس 1917، حين نزلت النساء الروسيات إلى الشوارع تحت شعار “الخبز والسلام”، ما أجبر القيصر على منحهن حق الانتخاب. وبحلول 1977، اعتمدت الأمم المتحدة هذا اليوم رمزًا عالميًا يذكّر بأن المساواة ليست رفاهية، بل ضرورة إنسانية.
نساء غيّرن التاريخ
عبر العصور، كان للنضال النسوي وجوهٌ بارزة:
• مالالا يوسفزاي: تحدّت الرصاص قائلةً: “قلم واحد وكتاب واحد ومعلم واحد يمكن أن يغيّروا العالم”.
• فرجينيا وولف: كسرت قيود المجتمع مؤكدةً أن “الإبداع يحتاج إلى مساحة خاصة”.
• وانجاري ماثاي: غرست 30 مليون شجرة، وغرست معها الوعي بأن البيئة قضية نسوية أيضًا.
التحديات اليوم: معركة ضد العوائق الخفية
رغم التقدم، لا تزال النساء يواجهن عقبات تُعيق مسيرتهن:
• العنف الجندري: تعاني 35% من النساء عالميًا من عنف جسدي أو جنسي (منظمة الصحة العالمية)، وترتفع النسبة إلى 40% في المنطقة العربية.
• الفجوة الاقتصادية: تكسب النساء 77 سنتًا مقابل كل دولارٍ للرجل (منظمة العمل الدولية)، وتصل الفجوة إلى 32% في العالم العربي.
• التمثيل السياسي المحدود: تشغل النساء 26.5% فقط من المقاعد البرلمانية عالميًا (هيئة الأمم المتحدة للمرأة).
نماذج تُلهم التغيير: من رواندا إلى السعودية
بعض الدول اتخذت خطوات حقيقية نحو تمكين المرأة:
• رواندا: تتصدر العالم في تمثيل النساء برلمانيًا بنسبة 61%.
• آيسلندا: فرضت قانونًا يُلزم الشركات بالمساواة في الأجور.
• النيجر: أطلقت حملات لمحو أمية النساء في القرى النائية.
• السعودية:
• قيادة المرأة (2018): أكثر من مليون سيدة حصلن على رخصة قيادة.
• أول قاضية (2021): خطوة نحو ترسيخ المساواة في القضاء.
• الرياضة النسائية: مشاركة أول لاعبة سعودية في الأولمبياد (طوكيو 2020).
• ارتفاع نسبة التوظيف: من 19% (2016) إلى 37% (2023).
كيف نسرّع الخطى؟ خارطة طريق نحو العدالة
لتحقيق المساواة، لا بد من:
- التعليم: كل عام دراسي إضافي للفتاة يزيد دخلها 20% (البنك الدولي).
- التمكين الاقتصادي: إزالة القيود قد يُضيف 12 تريليون دولار للناتج العالمي (ماكينزي).
- إصلاح القوانين: مراجعة وإلغاء 104 تشريعات تمييزية في 56 دولة (البنك الدولي).
- تحالف الذكور: مثل حملة “HeForShe” التي أطلقتها إيما واتسون: “المساواة تحرر الرجل أيضًا من الذكورية السامة!”.
الخاتمة: العدالة… نبض المجتمع
يوم المرأة العالمي ليس نهاية الطريق، بل جسرٌ نحو المستقبل. كل انتصار خطوة إلى الأمام، وكل تراجع تذكير بأن الحقوق تُنتزع بالنضال المستمر. وكما قالت نوال السعداوي:
“لا يمكن لمجتمع أن يكون حرًا عندما تُضطهد نصفه النساء.”
اليوم، يمكنك أن تكون جزءًا من التغيير:
• ادعم مبادرات تمكين المرأة.
• تحدث ضد التمييز في محيطك.
• انشر قصص النساء الملهمات.
تذكّر:
“لن أكون حرةً ما دامت امرأةٌ أخرى غير حرة… حتى لو اختلفت قيودها!” — أودري لورد.
الخاتمة الأخيرة:
المساواة ليست شعارًا، بل حركة يجب أن تنبض في قلب المجتمع… فهل نسمح لها بالخفقان؟
⸻
✍🏻 نازك الخنيزي
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي