ليلة القدر ..
ا=======
.
.
.
كما الحلم تغفو بجفنِيَ صورتُها
وفؤادي يُحاول يُمسك ألوانها عند قوس الفراغ
وكل الجوارح لم تَنَمِ..
.
.
ومن الشوقِ قلتُ أحاولُ أستحضر الروح..
أستقدم الطيف في رمضان؛
وبخّرتُ بالشيح والرّتَمِ..
.
.
وقد كنت عبّأتُ مِخْلَاتِيَــا بالغلال
فموز على برتقال..
وجئت بصينية وكؤوس معبأة بالفواكه والنعَمِ..
.
.
وفي لحظةٍ، ليلة النصف جاءت..
وفي يدِهَا قصعة الكُسْكُسِيّ
ومالت عليّ بطَسْتٍ وكوز من الدّسَمِ..
.
.
.
فما أروع الحبّ
حتى الملائك حامت تظللنا بالجناح
وكنا كما في قرانا تزفّ العرائس بالنغَمِ..
.
.
وخرّ فؤادي لمقدمها.. صعقا…
بهرةٌ من ضياء..
وكمشة نور بخطوتها حينما تضرب الأرض بالقدم..
.
.
ظللتُ عكوفا على كفها..
راكعا عند حضرتها..
لكاني بجنة ربّي وحولي ملائكةٌ بالتهاليل والنعَمِ..
.
.
.
وقلتُ لها:
هل تعيريني ضفيرة شعر
لأكتب في ليلة القدرِ اسمك جانبَ اسمي على العرش باللوح والقلم..
.
.
فقصت ليَا خصلةً عند مفرقها..
ها أنا الان أمشي بها في المسارب..
وضاءةً في كفوفي كما البدر في الظلمِ..
.
.
ا===== أ. حمد حاجي =====
اللوحة: اللقاء
للفنان البولندي جاسيك مالشيفسكي عام 1902، تعبّر بحساسية استثنائية عن لحظة اللقاء بين الإنسان وحقيقته الأبدية. بأسلوبه الرمزي الشهير
***
في حضرة الظلال التي تنقلب نورًا
في تلك اللّحظة الّتي تساقط فيها الزمن كغبار منسيّ، كان الرجلُ البائسُ يجلس على حافّة الوجود، محنيًّا تحت وطأة سؤالٍ لا يملك له جوابًا. والمرأة؟ لم تكن سوى ظلٍّ قديم أو نورٍ منسيّ، جاءت لتضع يدها على عينيه. لكنّها لم تضعها لتحجبه عن الرّؤية، بل لتعيد إليه بصرًا أعمق، كي يُبصر ما لا يُرى.
كانت ليلةُ قَدْرٍ أخرى، ولكن ليست تلك الّتي نعرفها في الكتب المقدّسة، إنّما هي ليلة في قَدْر الروح، حيث تتلاقى الأرض بالسّماء في ومضة تشبه الحلم وتفوقه. هناك، حيث لا شيء إلّا الصدق، وحيث ينقلب الغياب حضورًا، كانت القصيدةُ تنسج نفسها بين الأصابع، كضوءٍ يتشكّل من لحم المعنى وروح الرّمز.
إنّ اللّوحة الّتي أرفقها الشاعر بالنصّ ليست لوحةَ رجل وامرأة، بل صورة الوجود حين يختبر نفسه. الرجل هو كلّ إنسان يقف على عتبة المعرفة، والمرأة هي الحضور الذي يُخفي وجهه كي لا يُفجع العابر بوهج الحقيقة دفعة واحدة. إنها لحظة التكشّف، حين يُرفع الغطاء عن العين لا لتُبصر، وإنّما لتُعمى عن كل ما هو زائف، وتبقى فقط على يقين ما هو خالص ونقيّ.
وفي القصيدة، لم يكن البخور بخورًا، ولا الكسكس طعامًا، ولا الضفيرة شعرًا. كلّ ذلك كان رمزًا لحقيقة أبديّة: أنّ لقاء الإنسان بالحقيقة أشبه بلقاء العاشق بالمعشوق، عناق بين الفناء والبقاء، بين الغياب والظهور. إنها قصيدة عن الولادة الجديدة، عن الخروج من ظلمة الجسد إلى نور المعنى.
وفي لحظة ما، حين انحنت عليه ومدّت يدها، كانت تقول له دون كلمات:
“أنا ظلك الذي فقدته، وأنا نورك الذي تبحث عنه، وأنا الطريق الذي ستمشيه وحدك.. وحين تصل، ستدرك أنّني كنتُ معك منذ البداية، لكنك لم ترَني.”
أيّها النقّاد، لقد فاتكم أنّ القصيدة لم تكن عن لقاءٍ عابر، وإنّما كانت عن اللّقاء الذي يؤسّس العالم من جديد. اللّقاء الذي يقصّ فيه الإنسان خصلة من روحه ليكتب بها اسمه في اللوح الأزليّ. هو لا يكتبها لأنّه يريد الخلود، ولكنّه يكتبها لأنّه أدرك أنّ كلّ لحظة تُكتب بالحبّ هي خلودٌ بحدّ ذاتها.
هذه القصيدة: صلاة، ومرآة، وجرحٌ يُفتح ليدخل منه النور.
فهل رأيتم هذا؟ أم أن اليد ما زالت على الأعين؟
شكرًا لكم جميعًا والشكر الأبديّ لصائغ الماس من روح اللّغة د. حمد…
د. ليندا حجازي

خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي