الموقف المؤلم د. حسين ديب يونس

الجزء الرابع من قصة (جزاء المعروف/الموقف المؤلم). فجأة وقعت سلوى على الارض مغميا عليها …خرج مدير السجن مسرعا نحوها .وسرعان ما اتصل بالاسعاف لتنقل لإحدى المستشفيات القريبة ..
فيما الوالد حاول مرافقة ابنته سلوى لكن مدير السجن ابى ذلك …
خرج الوالد ليلحق بسيارة الإسعاف بسيارته وهو على حالة من الغيظ والندم …الحيرة اخذت موضعها منه ..لم يعد يستطع التفكير والتمييز بين هذا وذاك….
فيما زوجته اتصلت باخته جهينة متحدثة معها عن خروج زوجها منذ منتصف الليل..
جهينة :لا تقلقي يا زوجة اخي ..من عادته ان يغيب لبضعة ايام واحيانا اسابيع عن المنزل ..انت تعرفين جيدا بان اخي مدير شركة تجارية كبرى ..ولديه مسؤوليات كبرى ..
زوجة الاب:اعرف ذلك ..لكن لا ادري قلبي غير مطمئن هذه المرة .. اشعر بان امرا ما سوف يحصل ..صدقيني يا جهينة انا خائفة جداً ..
جهينة :لا داعي لكل هذا يا زوجة اخي…اطمءني كل شيء سوف يكون على ما يرام …
وصلت سيارة الإسعاف للمستشفى وانزلت سلوى لتدخل غرفة الطوارئ…فيما وصل والدها ونزل مسرعا
.منع الوالد من دخول المستشفى بعد ان وضع عددا من الحرس حول سلوى ..
جلس الوالد في قاعة الضيوف في المستشفى واضعا يديه على وجهه بحالة من القلق والضياع والتوتر الشديد .
بعد مضي اسبوع من دخول سلوى المستشفى نقلت لغرفة خاصة ..لكنها بقيت تعاني من الم في معدتها ..كان صراخها بعلو في المستشفى إثر الوجع الشديد…
وحدها كانت في الغرفة والحرس يحيطون بها خوفا من الهرب…
الجلسة اجلت لبعد شهر (جلسة النطق بالحكم).واخيرا ادخلت سلوى غرفة العمليات لاستئصال المرض من معدتها ….
لم يعد والد سلوى للمنزل منذ شهرين ..كانت زوجته تحاول الاتصال به عبر الهاتف حتى اخته جهينة لكنه كان يقفل الهاتف في وجهيهما…الفار بدا يلعب في صدر هاتين المراتين ..ترى ما ذا حصل مع والد سلوى ؟؟
سؤال اثار خوف وقلق هاتين المراتين..كيف لا .. فإن كشف امرهما فالسجن حتما سيكون مصيرهما .. وما معنى ان يغلق الزوج الهاتف بوجه زوجته واخته ؟؟لاول مرة يقوم بذلك …!!!
الحيرة اخذت موضعها من قلبيهما..ولكن …؟؟
لا داعي للقلق والتوتر.فعمة سلوى (جهينة ) اعدت لكل امر حسابه ..هي تعرف جيدا كيف تحيك خيوط المؤامرة..لم تترك سلوى ابنة اخيها لوحدها . بل اتصلت بصديقاتها في الجامعة ودعتهن لحفلة عشاء ثم اعطت لكل منهن مبلغا من المال امام زوجة اخيها شرط ان يشهدن زورا وبهتانا إن لزم الأمر لذلك ضد صديقتهن سلوى …
فلم كل هذا الخوف إذن ..؟؟؟
ولم كل هذا الحقد والكراهية لسلوى المسكينة من عمتها جهينة …؟؟؟؟
حاولت العمة جهينة قبل وفاة والدة سلوى ..طلب يد سلوى لابنها البكر فريد ..لكن الوالدة رفضت ذلك ..كانت سلوى ما تزال في الخامسة عشر من عمرها …
لم تكن العمة تحب ابنة اخيها سلوى حتى تزوجها من ابنها فريد . بل كانت تهدف إلى الاستيلاء على ميراث اخيها بعد وفاته . فسلوى هي الابنة الوحيدة لأخيها..وهي تستحق الميراث من شركة تجارية لاموال وذهب حتى القصر ايضا …
فجهينة إنسانة طماعة تحب المال والفخفخة والتباهي امام من حولها ولا يهمها ان كان من خلال او حرام..فقط ما يهمها ان نحقق احلامها ورغباتها..ولم رفضت سلوى ايضا طلب عمتها ثارت ثاءرتها بوجه سلوى وارادت الانتقام منها بشتى الطرق والوسائل…وكان لوفاة والدة سلوى فرصة ذهبية للعمة جهينة ..ولم اختيار المراة (فهيمة)زوجة اخيها عن عبث بل هدفت إلى اركاع سلوى بالقوة واذلالها..
فهيمة (زوجة والد سلوى)إنسانة مسكينة لا تعرف من الدنيا اي شيء ..فليس لها قرار او موقف..فهي امية لا تعرف القراءة ولا حتى الكتابة سوى الحديث عبر الهاتف بعد ان دربتها جهينة على ذلك …تفعل كل ما يطلب منها دون تفكير بعاقبة الامور …هي لم تكن صديقة لحهينة في الحقيقة ..بل امراة متسولة تعرفت عليها جهينة في إحدى شوارع القرية ..ورات فيها ما تحلم به ..لكن في النهاية من يزرع الشر حتما سوف يحصد الشر والندم الشديد…
دخلت كلا من هيفاء ونادية وجميلة غرفة سلوى في المستشفى بعد ان سمح لهن الحرس بذلك ..وهن يحملن باقة ورود…اقتربن من صديقتهن سلوى مصافحات…
كانت سلوى على حالة من الصمت ..لم تعد تطق ان تسمع او ترى احدا ..
جلسن الصديقات ونطقت هيفاء مرددة :حمدا لله على سلامتك صديقتي الغالية ..
نظرت سلوى نحو هيفاء بصمت ..وعادت جميلة تردد :نحن اتينا لتطلب السماح منك يا عزيزتي ..فهلا تخدثتي معنا .. ؟؟
نادية :ارجوك يا سلوى ..نتوسل اليك ان لا تبقي صامتة ..اتينا لامر مهم يخصك انت بالذات ..
هيفاء :حسنا ..ساتحدث بنفسي.
سلوى عزيزتي ..الحقيقة ان كل ما جرى معك من اتهام لسرقة سوار زوجة ابيك .. كنا نعرف ذلك حتى الخطة التي رسمتها عمتك جهينة ..اجل هل تذكرين حينما اتصلت بك قبل فضيحة السوار بيوم بان تاتي إلي لامر طاريء ..وتظاهرت يومها بانني بحاجة لنقلي للمستشفى ..فاسرعت بعد ان نسيت جزدانك في المنزل …
تلك ام تكن سوى خطة رسمتها عمتك بالاتفاق مع زوجة ابيك من اجل ايقاعك في الفخ ..وقد نجحت الخطة ودفعت الثمن غاليا …
ارجوك يا صديقتي ان تسامحيننا ..فنحن نشعر بالندم الشديد وضماءرنا تعذبنا …ارجوك نتوسل اليك..
بقيت سلوى صامتة ..والدموع قد ملات وجهها ..
نادية :اللعنة علينا ..اجل شهدنا شهادة زور من اجل حفنة من المال …نحن نعرفك جيدا يا سلوى بانك كنت المثال الاعلى بالاخلاق وحسن المعاملة والصدق والإخلاص والامانة ..نعرفك جيدا بانك لم تطمعي لاي شيء في هذه الدنيا …لكن الطمع اعمى قلوبنا وعقولنا وجعلنا نقف مع الظالم ضدك….
دخل احد جنود الخرس الغرفة مرددا : انتهت الزيارة ..
خرجن من الغرفة وهن تنظرن نحو سلوى بعين الندم والخسرة..
اقترب الجندي من سلوى مرددا :مسكينة حقا …البراءة بادية على وجههك…لا تقلقي . الحقيقة انكشفت في النهاية وساكون شاهدا على براءتك…لقد سمعت كل شيء من صديقاتك …
آجل الخير فيما وقع …لعل مرضك هذا من رحمة الله تعالى..والا كان سيصدر الحكم بحقك بالسجن لمدة عشرة سنوات …دون اي دليل وبرهان على براءتك…فيا سبحان الله….
حاولت عمة سلوى الاتصال بهيفاء ..لكن دون جدوى ..كان هاتفها مغلقا..ثم حاولت الاتصال بنادية فردت عليها الأخيرة:الو. .اهلا سيدة جهينة ..
جهينة ،،(عمة سلوى):اين انت الآن ؟؟
نادية :في طريقي للمنزل ..
جهينة:اريد منك ان تاتي الى منزلي بسرعة ..
نادية : الآن..؟؟؟
جهينة:اجل ..لو سمحت…هناك امر طاريء يجب ان اخبرك به ..
نادية :حسنا ..فقط مسافة الطريق ..
اتصلت نادية بكل من صديقتيها هيفاء وجميلة واخبرتهما عن اتصال جهينة لها …
يتبع ..
دكتور حسين ديب يونس
لبنان ..
كاتب واكاديمي
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي