الاغتراب الوجودي في نص (يلدز) للشاعرعدنان جمعة/بغداد .
بقلم: سلوی علي
القصیدة:
(( يلدز ))
أماسي الصيف المتأخرة، بأزقة اسطنبول المنحنية، القمر الذي يمر على وجه حبيبتي، هو نفسه الذي يأتيني في كل ليلة، أنه الإيمان بأن الأرض تدور حول منزل يلدز، عينيها الدافئتين، يداها الباردتين تضغطان على حنجرتي، أنتَ الشيطان الذي لا يكذب أبداً، أتخطى حالة المجون، إنها ذاتي، الحياة التي أنتمي أليها في الجانب الأخر، أتجاهل نفسي، أحمل حنينا مجهولاً، أقترب من نافذتها الضيقة في ذلك الليل البارد، ترافقني نجوم هائلة، والمساء يضحك، يلدز بفستانها الزهري تضحك أيضا، تنشر ثيابها في السطح الأعلى ونحن متعانقان، الريح ترتجف ونهداها الصغيران ينصتان، ترقص هي ببطء، تؤلمني تلك اللحظات، بأعماقي حسرات، أتأملُ الأمس على بحر (مرمرة )، كنا نشم رائحة البحر، نمازح نورس يترنح يغازل الأمواج، وتفاصيل أخرى صغيرة، بانتظار زورق لم يأت، عرفتُ أن الشمس والمطر أحزما حقائبي.
عدنان جمعة/بغداد
………
نص عميقة یعبر عن صراع الذات والوجود.
- الذات والآخر:
(أنتَ الشيطان الذي لا يكذب أبداً) یظهر لنا الشاعر تناقضا بين الحقيقة والوهم، حيث يجسد المحبوب (يلدز) ككائن (شبه إلهي) يحتار بين قداستها وشيطانيتها. - الانتماء والاغتراب:
(الحياة التي أنتمي إليها في الجانب الآخر”) تلمیح عن اغتراب الذات و الواقع، وكأن الحب هو المنفى الوحيد في هذا الكون. - اللحظة الهاربة:
التركيز على (اماسي الصيف المتأخرة) و(الليل البارد) هنا اختزل الشاعر الذكريات في لقطات حسية (رائحة البحر، ضحكة المساء). - الحنين كمفهوم وجودي:
(أحمل حنينًا مجهولا) حيث يكون الحنين تعبيرا عن فقدان المعنى الأصلي للوجود. - الجسد والروح:
- التناقض الحسّي: (يديها الباردتين تضغطان على حنجرتي) تجسد صراعا بين العنف والعطاء، بين الموت (الاختناق) والحياة (الدفء).
- الجسد كفلسفة: (نهداها الصغيران ينصتان) هنا حول الشاعر الی الجسد، وكأن الجسد يُصغي للعالم بدلاً من أن يُلمس.
الطبيعة كمرآة للذات: - الكون يدور حول (يلدز): هنا نری بوضوح الایمان المطلق للشاعر بأن الأرض تدور حول منزل يلدز
- الانزياحات المجنونة:
(ٲتخطى حالة المجون)و(الشيطان الذي لا يكذب) هنا ادخل الشاعر النص في حقل اللامعقول، حيث تذوب الحدود بين الواقع والخيال.
-الرحيل كمصير:
(عرفت أن الشمس والمطر أحزما حقائبي) تُختزل الحياة في رحلة قسریة بحيث الطبيعة نفسها تعلن نهاية العلاقة، وكأن الإنسان مجرد ضيف عابر في كون لا يرحم.
واخیرا اقول :
هذا النص يعيد تشكيل مفاهيم الحب والزمن والوجود عبر لغة شعرية تحمل طابعا وجوديا وسرياليا. (يلدز) في هذا النص ليست امرأة، بل هي فكرة الآخر الذي يُعطي معنى للوجود،فیظل الشاعر عاجزا عن امتلاكه، معلقا ما بين الحنين والضياع.الشاعر كتب هذه القصیدة بجرٲة عن الانهیار الداخلي ، مستخدما الشعر كفلسفة تعكس هشاشة الانسان امام الجمال والفناء.

خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي