
للسفير أشرف عقل بقلم ناصر رمضان عبد الحميد
تطورات الأزمة اللبنانية 1975–1982
للسفير أشرف عقل
دراسة تحليلية في أبعاد الصراع الداخلي والإقليمي
بقلم /ناصر رمضان عبد الحميد
مقدمة عامة
يُعد لبنان من الدول العربية ذات التكوين الاجتماعي والثقافي الفريد، حيث تداخلت الطوائف والأديان والمذاهب المختلفة ضمن نسيج وطني واحد. ومنذ إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920، بُني النظام السياسي اللبناني على قاعدة المحاصصة الطائفية، مما أضعف قدرته على التماسك الداخلي وأدى إلى أزمات متكررة.
شهد لبنان خلال خمسينيات وستينيات القرن العشرين ازدهارًا اقتصاديًا وثقافيًا لافتًا، عُرف بفترة “سويسرا الشرق”، لكن هذا الازدهار كان يخفي خلفه تصدعات طائفية واجتماعية عميقة. ومع تصاعد الصراع العربي-الإسرائيلي بعد نكسة 1967، وظهور المقاومة الفلسطينية كقوة عسكرية وسياسية داخل الأراضي اللبنانية عقب اتفاق القاهرة عام 1969، زادت حدة الانقسامات، وتفاقمت الأوضاع الأمنية.
بلغت التوترات ذروتها بانفجار الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، حيث تحول الخلاف السياسي والاجتماعي إلى صراع دموي طويل الأمد أدخل لبنان في دوامة من الاحتراب الداخلي والتدخلات الإقليمية والدولية.
وجاء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 ليزيد المشهد تعقيدًا، مما مهد لفصل جديد من تاريخ لبنان السياسي.
وفي هذا السياق، يأتي كتاب السفير أشرف عقل، الذي كان في الأصل بحثًا أكاديميًا أعده بمناسبة تخرجه من المعهد الدبلوماسي المصري عام 1982، تحت إشراف السفير أشرف شعبان الزنط، ومناقشة السفير الدكتور أحمد عثمان وكيل وزارة الخارجية، والدكتور محمد عز الدين عبد المنعم السكرتير الأول آنذاك.
وقد رأى الكاتب إعادة نشره بعد مرور أربعين عامًا، لما لموضوعه من أهمية بالغة لفهم أعمق لطبيعة الأزمة اللبنانية وجذورها وأبعادها المختلفة، خصوصًا في ظل تطورات الأوضاع العربية الراهنة.
محتويات الكتاب
الفصل الأول: الأزمة اللبنانية تاريخياً
ويضم عدة مباحث :
المبحث الأول:
في طبيعة الأزمة اللبنانية.
تستعرض هذه الدراسة نشأة الأزمة اللبنانية منذ تأسيس لبنان الكبير عام 1920، مرورًا بفترة الاستقلال في الأربعينيات، وتنامي النزاعات الطائفية خلال الخمسينيات والستينيات، مع التركيز على التوترات المتزايدة التي مهّدت لانفجار الحرب الأهلية.
المبحث الثاني: البعد الطائفي والطبقي للأزمة اللبنانية
يحلل هذا المبحث النظام الطائفي اللبناني وأثره في تكريس الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية. فالطائفية لم تكن مجرد ظاهرة دينية، بل ترافقت مع تمييز طبقي واجتماعي عمّق مشاعر الظلم وأضعف الهوية الوطنية.
المبحث الثالث: بدايات الأزمة وتطورها
يناقش هذا الجزء بدايات الأزمة من حوادث متفرقة تحولت تدريجيًا إلى حرب أهلية شاملة. كما يتناول التدخلات الخارجية التي غذّت الصراع، من خلال دعم دول إقليمية وعالمية لأطراف مختلفة، مما أدى إلى فقدان السيطرة على مجريات الأحداث داخليًا.
الفصل الثاني: الحرب الأهلية اللبنانية (1975–1982)
ويضم عدة مباحث :
المبحث الأول: بداية الحرب الأهلية وأحداثها الأولى
عرض للأحداث الدامية الأولى للحرب، مثل “بوسطة عين الرمانة”، والاشتباكات التي تلتها، مع تفكك الأجهزة الأمنية الرسمية، وتكريس سلطة المليشيات المسلحة.
المبحث الثاني: الاتجاهات الرئيسية في تحليل الأزمة اللبنانية
تحليل للرؤى المختلفة التي فسرت الحرب الأهلية: بين من رآها صراعًا طائفيًا بحتًا، ومن رآها نتيجة ظلم اجتماعي وطبقي، ومن ركز على دور العامل الخارجي الإقليمي والدولي في إذكاء الصراع.
المبحث الثالث: المواقف اللبنانية خلال الحرب
يستعرض هذا المبحث مواقف الأحزاب السياسية اللبنانية الكبرى، مثل الكتائب، والحزب التقدمي الاشتراكي، وحركة أمل، والتنظيمات اليسارية، إضافة إلى موقف المؤسسات الدينية والمجتمع المدني.
المبحث الرابع: الموقف الفلسطيني من الأزمة اللبنانية
تحليل لدور منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الفلسطينية الأخرى، وتأثيرها على مسار الحرب، وعلاقتها المعقدة مع الأطراف اللبنانية المختلفة، خصوصًا القوى المسيحية.
الفصل الثالث: المواقف المختلفة من الأزمة
ويضم عدة مباحث:
المبحث الأول: المواقف العربية من الأزمة اللبنانية
عرض لدور الدول العربية، لاسيما سوريا ومصر والسعودية، في محاولة وقف الحرب أو التأثير على مجرياتها، عبر الوساطات السياسية أو التدخلات العسكرية.
المبحث الثاني: المواقف الدولية من الحرب الأهلية اللبنانية
تحليل لمواقف القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى فرنسا وغيرها، وموقف الأمم المتحدة، وتأثير ذلك على توازنات الحرب.
الفصل الرابع: الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978
ويضم عدة مباحث:
المبحث الأول: الامتدادات التاريخية لأزمة الجنوب اللبناني
دراسة لتاريخ الاشتباكات في الجنوب اللبناني منذ خمسينيات القرن الماضي، وظهور المقاومة الفلسطينية، وانعكاس ذلك على العلاقات اللبنانية-الإسرائيلية.
المبحث الثاني: أزمة الصواريخ السورية
مناقشة أزمة نشر صواريخ سام السورية في سهل البقاع اللبناني عام 1981، وتهديدها لتفوق إسرائيل الجوي، وما ترتب عليه من مواجهات سياسية وعسكرية حادة.
الفصل الخامس: الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982
ويضم عدة مباحث :
المبحث الأول: أهداف إسرائيل من الغزو
تحليل للأهداف المعلنة وغير المعلنة لإسرائيل من اجتياحها للبنان: القضاء على المقاومة الفلسطينية، تغيير التركيبة السياسية اللبنانية، وتأمين حدودها الشمالية.
المبحث الثاني: موقف مصر والولايات المتحدة الأمريكية
دراسة لموقف مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وموقف إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان من الغزو الإسرائيلي، ومساعي احتواء الأزمة ضمن اتفاقيات لاحقة.
المبحث الثالث: انتخابات بشير الجميل ومستقبل التسوية
تحليل لانتخاب بشير الجميل رئيسًا للجمهورية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وما مثله من محاولة لإعادة تشكيل النظام اللبناني بما يخدم مصالح إسرائيل، وتأثير اغتياله على المسار السياسي اللبناني.
في النهاية :
لقد شكلت الفترة الممتدة من عام 1975 حتى عام 1982 واحدة من أكثر المراحل دموية وتعقيدًا في تاريخ لبنان الحديث. الحرب الأهلية التي اندلعت نتيجة تداخل العوامل الطائفية والاجتماعية والسياسية والإقليمية كشفت هشاشة البنية اللبنانية، وأسفرت عن تدخلات عربية ودولية عميقة.
ويأتي هذا الكتاب ليقدم دراسة تحليلية دقيقة لتلك المرحلة، معتمدًا على قراءة موضوعية للأحداث، واستعراض مواقف الأطراف المحلية والإقليمية والدولية.
لقد أعاد السفير أشرف عقل تقديم هذا العمل بعد مرور أربعين عامًا، ليكون بمثابة مرآة لفهم أعمق للأزمة اللبنانية وجذورها. ولعل التأمل في تفاصيل هذه المرحلة يتيح لنا استخلاص الدروس والعبر، بما يعزز آمال الشعوب العربية في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا.
ويظل لبنان، رغم المحن، رمزًا للثقافة والتنوع، ولن تغيب آمال شعبه في السلام والوحدة عن الوجدان العربي.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي