
من رواية “الرجل الوحش”
الزّائر البعيد
… وقطرة الندى ارتسمها أبد… لوّنت إغفاءة وجفنين… ورحلة في رذاذ وأرجوان.. على بساط حلم…تمتشق يداه حبال النجوم… تتسلّق تلال الدّجى …علّها تلمح الصبح…علّها تلمح الزائر… فتستريح…علّها تستشعر حفيف ثوبه.. في طيّات الريح..علّها في لهاث الأفق..تتحسّس لهاثه.. علها في وقع الفجر تجد خطواته..علّها تستنطق المدى عنه… علها في خدر العطر تشتمّ وجهه ..علّها…علّها… الا أن الأثير يدلهمّ..والمسافات تحلك..وسياط المطر تتنادى…والفجر حبيس..والزّائر ناء…وهالة تمتشق حديد النّافذة…تمتشق تدحرج الرّعود في قلبها…تمتشق غضب البرق..وتبكي..قرب النّافذة تبكي…تناديه…تتوسّل الطبيعة..تلعنها…تتوسل الله..تسترحمه…تصفعها ريح…يجلدها وقت…يغرزها حنين…تتوجها عاصفة ثكلى…يجرفها إعصار…تتشبّث بالحديد…تقوى العاصفة..الإعصار يجن…والزائر بعيد…الليل يتدفّق…والزّائر بعيد..الجسد يتشلّع ..والأفكار…زوابع تحرّق الانتظار..زوابع وطبيعة حقود…ويمضي الوقت من دون لقاء…العمر يرنو لبرهة…ولبرهة يعشق قلب…لبرهة يولد حلم…لبرهة يتوسّل تراب…والبرهة ابتُلِعتْ..هُشّمَت…مع العاصفة تشرّدت…أحالها المطر رقصة…غجريّة الرّقصة…سابحة في شلال…لبرهة تنوجع النفوس…
تنجرف في تيّار الحزن… تتخبّط…ولبرهة يولد المرء… ويحيا…ويعلو…ولبرهة ينكسر.. والبر هة يحميها القدر… وبر هة هالة في صقيعه…بابها مقفل.. والبرد أدمى وجهها…وجرّح يديها.. والسيل يعلو…ويعلو… يصل الشرفة.. يجتاح النافذة وهالة…السيل يخنقها.. ويداها تعبتا… السيل غمر البيت… ويداها تعبتا.. لن تفلتهما.. فلربّما أتى،، لن تفلتهما،..سيأتي…وأفلتت يديها……
نعمت وديع الحاموش
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي