بين الرؤيا والرمز: قراءة في تمجيد المحبوبة حتى القداسة
قراءة نقدية لقصيدة “أرى الله في عينيكِ” للشاعر العراقي / المصيفي الركابي
بقلم: ليلى بيز المشغرية
يختلف الحب من شخص لآخر فقد يصل عند أحدهم حد التقديس وحد الحد وحد الجنون
وفي القصيدة التي بين أيدينا للشاعر / المصيفي الركابي
لسنا أمام محبوبة عادية، بل أمام كائن يتجاوز الجسد ليغدو رؤية، ورمزًا، ومقدّسًا. فالشاعر يفتتح نصه بـ “أرى الله في عينيكِ”، وهذه ليست جملة عابرة، بل تصريح وجداني صوفي، يُسقط على المحبوبة قداسة لا تُمنح إلا للأنبياء أو الوطن أو المطلقات الكبرى.
تمضي القصيدة في توالد رمزي عميق، حيث تُستدعى أماكن مشبعة بالمعنى الجمعي والوجداني: العراق، مكة، القدس، البراق. هنا لا تكتفي المرأة بأن تكون وطنًا، بل تصير جغرافيا مشتهاة لليقين الروحي والانتماء.
المحبوبة، إذًا، في هذا النص، ليست فقط صورة، بل مرآة للمعاني العليا. هي امرأة تمكث بين الأحداق كالرؤى، كما وصفها الشاعر، فتبدو “لذيذة كما الرحيق المختوم”، “حلوة كنجمة الصبح” — تعبيرات تنبض بعاطفة شفافة لا تفتقد للخيال، بل تستند إليه.
-الصور الشعرية
الصور في القصيدة تنوس بين التجلي الإلهي والحضور الجسدي الرقيق.
نقرأ فيها:
“أرى الله في عينيك” ومضة روحية تختصر تجربة العشق الخالص.
“أرى العراق، مكة، القدس، البراق” دلالات ترمز إلى الانتماء والقداسة.
“كنجمة الصبح”، “كما الرحيق المختوم” صور تحلّق في فضاء الجمال الصافي والمحبوبة الطفولية النورانية.
تُعبّر هذه الصور عن حنين نقي، وارتواء غير مكتمل. كأنّ كل هذا البهاء ما هو إلا مرآة للشوق المستمر.
-اللغة والأسلوب
اللغة متدفّقة، واضحة، ومُشبعة بحرارة داخلية، وعاطفة دافئة.
النص ينتمي إلى الشعر الحر أو النثر الشعري، وهذا يمنحه حرية في التنفس، وفي المقابل يتطلب حساسية موسيقية ليظل متماسكًا — وهو ما نجده حاضرًا في توازن الجمل وتكرار الإيقاع الهادئ.
القصيدة تسير بانسياب وجداني دون تصعيد درامي، لكنها تنجح في الحفاظ على نسق شعوري متماسك، يُشبه التراتيل أو صلوات العشّاق.
-البنية الفنية والخاتمة
البنية ترتفع من العين إلى الله، ومن الحبيبة إلى الوطن، ومن الذات إلى المعنى، في تصعيد شفيف، دون مبالغة أو افتعال.
“يأخذني إليكِ ظمأ الأشياق”
جاءت مؤثرة، تحمل صدى القصيدة من أولها، وتكثّف التوق، وتجعل من الحنين بطلًا خلف الستار.
في النهاية..
“أرى الله في عينيكِ” ليست قصيدة عن الحب فقط، بل عن المرأة الرمز، والمرأة الوطن، والمرأة النور.
إنها نصّ مشبع بروح الصوفي العاشق، ونفس الحائر الباحث، ومكاشفة شاعر يرى في أنوثة عينيها ملاذًا وخلاصًا، ورؤية لا تحتمل التفسير، بل فقط الانغماس.
هي قصيدة تمجّد المحبوبة لا كجسد، بل كأيقونة للهوية والانتماء والقداسة.
القصيدة :
ارى
الله في عينيكٍ
وارى العراق
ارى..مكة والحجيج
وارى
القدس .. وحائط المبكى
و .. البراق
ياامرأة..كالرؤى
ماكثة
بين الاحداق
لذيذة
كما الرحيق المختوم
حلوة
كنجمة الصبح
تتلألأ في ثنايا الافاق
يارواء..الروح
يأخدني اليك
ظمأ ..الاشياق
