نبض مورق بالذكريات
“رسالة أدبية”
………..
السلام عليك يا أبتِ
في ذكرى رحيلك المباغت أبعث إليك برسالة أفضفض على سطورها بأنين أشواقي
على مائدة الغياب أقداح سعادتي فارغة يا أبي نضبت من الراحة والضحكات، وحتى الأماكن التي كنت تتوسدها أصبحت خالية ولم تبق إلا أطيافك تحتلها.
كم أتذكر لحظاتنا التي لا تخلو من المرح والشجار والابتسام فيقتحم البكاء أسوار عينيّ وتستسلم الدموع أمامه ويخر صمودها فتساقط بانهيار ترثي مشاعر الحنين لملاذي الآمن بين أضلاعك.
بعد انتقالك للرفيق الأعلى ذبلت روحي المزهرة بالتفاؤل وصار اليوم كله ديجور بلا قمر، واستحوذ اللون الأبيض على اسوداد خصلاتي وغارت النجوم المبتسمة من مساءاتي الخصبة بالسكون.
أصابني غيابك بتشنج في الحياة فانطويت أكثر من ذي قبل وصرت سجينة في قوقعة العزلة التي توغلت في دواخلي المتهالكة.
بتُ أرافق أوراقي المنصتة لي بكل شغف وقلمي الذي ينزف عليها بتعبيرات تدمي المشاعر ويصاحبنا هدوء وأغاني الفقد التي تحملها إليّ رياح حزينة لتشعل بداخلي أكثر لهيب الشوق.
أبي أشتاق لك شوق المؤمن للقاء الإله وشوق القلب للنبضات.. لو تدري كم أحب سماع حروف اسمي تخرج مبللة برضابك، ولو تدري أن نسيج روحي مهترئ من عطش تشوقي لتقبيل خطوط جبينك التي تحكي قصة كفاح.
أبتِ يا نبض مورق بالذكريات النابضة بالحياة! مهما شاغلتني الهموم وأرقتني انتكاسات الفصول وتوالت على كاهلي كافة الأتراح؛ أوقظ الذاكرة من رقدتها وأستدعي بعض اللقطات المحفزة للصمود المحفوظة بين الرفوف فتسري في النخاع أمصال ممزوجة برغبة العيش.
أبتِ يا ظل ممدود على جدار الذهن!
في ذكرى الغياب لهذا العام ستصلك حروفي باكرا..
فمذ توارى وجهك عن عيوني الواهنة نفدت مؤن الصبر مني.
ولما شرعت في الكتابة غرقت دموعي في بحار الأسى وناجيتك في الليل بكلمات مغلفة بتنهيدات أحرقت حشاشتي.
أبتِ ستظل في خافقي همسا يخط لي أملا يرتب صفحاتي المتبعثرة داخل مرآتي الشاحبة ويعيد الأنق على وجه أيامي..
إمضاء. ابنتك
بقلم. أسماء الشيباني