الأحد, يونيو 29, 2025
  • أسرة التحرير
  • مجلة أزهار الحرف
  • مكتبة PDF
  • الإدارة
azharalharf – مجلة أزهار الحرف
  • الرئيسية
  • أخبار
  • أدب
    • النقد
    • التراجم
    • القصة
    • شعر
    • الزجل
  • الفن التشكيلي
  • اخترنا لك
  • تنمية بشرية
  • حوارات
  • فلسفة
  • مقالات
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار
  • أدب
    • النقد
    • التراجم
    • القصة
    • شعر
    • الزجل
  • الفن التشكيلي
  • اخترنا لك
  • تنمية بشرية
  • حوارات
  • فلسفة
  • مقالات
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
azharalharf – مجلة أزهار الحرف
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أسرة التحرير
البداية أدب

الكاتبة الجزائرية جيهان زينب ناعم لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

ناصر رمضان عبد الحميد by ناصر رمضان عبد الحميد
يونيو 28, 2025
in أدب, حوارات
الكاتبة الجزائرية جيهان زينب ناعم لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

جيهان زينب ناعم… كاتبة وباحثة جزائرية تنتمي إلى جيل جديد من المبدعات اللاتي جمعن بين المعرفة والتجربة، وبين الحس التربوي والابتكار الفكري. وُلدت سنة 2001، لكنها تجاوزت بعطائها حدود العمر لتصنع لنفسها حضورًا لافتًا في الساحة الأكاديمية والثقافية الجزائرية والعربية. تحمل شهادة الماستر في الأدب العربي،في التعريف بجانب… شهادة ماستر في الادب العربي، صاحبة براءة اختراع لمشروع تربوي يخص التعليم المبكر وتُعدّ من الأصوات الشابة التي راهنت على التربية كمدخل لبناء الإنسان، وعلى الفكر كجسر للتجديد. في سيرتها، يلتقي العلم بالحدس، ويتداخل التنظير مع الوعي، في توليفة فكرية وإنسانية تؤسس لرؤية أصيلة نحو الطفولة، التنشئة، والهوية المعاصرة.

ومن هنا كان لمجلة “أزهار الحرف” معها هذا الحوار، للغوص في أعماق تجربتها، والوقوف على ملامح مشروعها الفكري والإنساني.
حاورتها جميلة بندر.
—————————

1. من طفولةٍ تراقب العالم بعيون متأملة، إلى باحثة في قضايا الطفولة والتنشئة… كيف بدأت الحكاية؟ وهل كانت البداية شخصية أم أكاديمية؟

-يمكن القول إن انشغالي بقضايا الطفولة لم يكن وليد اللحظة الأكاديمية، بل هو امتداد لتجربة شخصية مبكرة، تشكّلت فيها نواة الوعي الطفولي المتأمل، وساهمت في بناء تصور داخلي خاص حول الطفل وعلاقته بالعالم المحيط.
لقد نشأتُ على ملاحظة الفجوة القائمة بين احتياجات الطفل الوجدانية والمعرفية، وبين الممارسات التربوية التقليدية التي غالبًا ما تفتقر إلى الحسّ الإنساني العميق، أو تُمارَس بمعزل عن فهم سيكولوجية الطفل وسياقه الثقافي والاجتماعي.
هذه الملاحظات الأولية، وإن كانت آنذاك فطرية وغير ممنهجة، فقد شكّلت قاعدة وجدانية ومعرفية دفعتني لاحقًا، خلال المسار الجامعي، إلى تأطير هذا الانشغال في قالب بحثي علمي، انطلقتُ فيه من تخصص الأدب العربي، لأصل إلى تقاطعاته مع علوم التربية، والهوية اللغوية، والتنمية النفسية والاجتماعية للطفل.
ومن هنا، كانت البداية مركّبة:
شخصية في خلفيتها،
وأكاديمية في بنائها المنهجي،
تبلورت عبر مشاريع بحثية، تأملات ميدانية، وإصدارات حاولت فيها أن أزاوج بين النظرية والممارسة، وبين البُعد الوجداني والبُعد التحليلي، لتأسيس خطاب تربوي يواكب الطفل من الداخل، لا من الخارج فقط.

2. رغم صغر سنك، حجزتِ لنفسك مكانة بين الأكاديميين والمبدعين. كيف استطعتِ الموازنة بين النضج العلمي والتجديد الإبداعي؟ وهل تشعرين أن عمرك كان عائقًا أم دافعًا؟

-في الواقع، لم أكن أنظر إلى “العمر” كشرط للحضور أو شرط للإقناع، بل كنت أؤمن بأن قيمة العمل لا تُقاس بعدد السنوات، بل بمدى أصالته، وصدق رؤيته، وحدّة أسئلته.
السير في موازاة العقل الأكاديمي الصارم والحس الإبداعي المفتوح لم يكن سهلًا، لكنه كان ممكنًا حين جعلتُ كليهما يخدمان رسالة واحدة: إعادة التفكير في الإنسان، من خلال الطفولة، والتنشئة، والهوية.
لقد اجتهدت في أن:
أُقدّم خطابًا علميًا موثوقًا، مؤسسًا على المرجعيات الحديثة،
دون أن أفقد صوتي الشخصي ورؤيتي التجديدية التي تعبّر عن جيلي، وتُحاور الواقع بروح نقدية مسؤولة.
أما عن سني، فلم يكن عائقًا بقدر ما كان محفّزًا.
ففي كل مرة صادفت فيها نظرة تشكيك أو تقليل بسبب سني، كان ذلك دافعًا مضاعفًا لأُثبت أن الجدارة لا تُؤجل بانتظار العمر، بل تُصنع بالاجتهاد والتماسك المعرفي.
لقد اخترت أن أكون “شابة بعُمق مشروع، لا مجرد شابة بوهج حضور”، وأن أُراهن على الكفاءة لا على التبرير، وعلى التراكم لا على الاستثناء.

.3. في كتابك “آفاق الطفولة المبكرة”، قمتِ بدمج النظرية بالميدان، والبحث بالواقع. ما الذي دفعكِ لتناول هذه المرحلة تحديدًا؟ وهل وجدْتِ صدى علميًا ومجتمعيًا لهذا العمل؟

-اختياري لتناول مرحلة الطفولة المبكرة لم يكن اعتباطيًا، بل نابع من إيمان راسخ بأن هذه المرحلة تمثّل البنية التحتية لشخصية الإنسان وسلامه النفسي والاجتماعي والمعرفي.
إنها مرحلة تتشكل فيها اللغة، الهوية، أنماط الارتباط، وتصورات الذات والآخر… وبالتالي، فهي ليست “بداية فقط”، بل نقطة ارتكاز حاسمة في هندسة الإنسان.
ما دفعني أكثر هو أنني، من خلال ملاحظاتي الميدانية وقراءاتي النظرية، لاحظت وجود فجوة حقيقية بين التصورات النظرية حول الطفولة المبكرة، وبين الممارسات التربوية السائدة، سواء داخل الأسرة أو المؤسسات التعليمية الأولية.
وقد بدا لي أن الكثير من الطروحات تُعيد إنتاج نماذج تقليدية، دون مساءلة عميقة أو تجديد في فهم احتياجات الطفل في ضوء التحوّلات المجتمعية والتكنولوجية الراهنة.
من هنا، جاء هذا الكتاب كـ محاولة لجسر الهوّة بين التنظير والتطبيق، وبين البُعد الأكاديمي والممارسة التربوية الواقعية،
من خلال:
تأصيل علمي لمفاهيم الرعاية والنماء في مرحلة ما قبل المدرسة،
وتحليل ميداني لواقع التنشئة في السياق الجزائري.
أما عن الصدى، فقد لاقى الكتاب اهتمامًا مشجعًا من الباحثين والممارسين على حدّ سواء، ووردتني ردود فعل إيجابية من قرّاء في مجالات التربية، علم النفس، والعمل الاجتماعي، ممن رأوا فيه مادة تربوية مرجعية تجمع بين الجدة والجدية.
وقد سُجّلت إشارات لهذا العمل في بعض المقالات الصحفية والمنصات الثقافية العربية، كما تم اعتماده في مكتبات إلكترونية متخصصة، ما يعكس تجاوبًا علميًا ومجتمعيًا متزايدًا مع الموضوع.

4.سلسلة “تنشئة الطفل: فن ومهارة” تمثل طرحًا متفردًا في مجال التنمية التربوية. ما الرسالة الأعمق التي أردتِ إيصالها من خلالها؟ وكيف تنظرين إلى دور المربي اليوم؟

-سلسلة “تنشئة الطفل: فن ومهارة” لم تأتِ كإضافة كمية في سوق المؤلفات التربوية، بل كـ مشروع معرفي متكامل يسعى إلى إعادة صياغة علاقتنا بالتنشئة من منظور إنساني، وجداني، وتفاعلي.
الرسالة الأعمق التي حاولت السلسلة إيصالها هي أن التربية ليست وصفة جاهزة، بل هي فنٌّ يتطلب وعيًا، ومهارة تُصقل بالتجربة، ومرونة تستجيب لتحولات الطفل والمجتمع.
أردتُ من خلال هذه السلسلة أن:
أُعيد الاعتبار للطفل بوصفه كائنًا فاعلًا في عملية التنشئة، لا متلقيًا سلبيًا فقط،
وأبرز أن المربي – سواء كان والدًا، معلمًا، أو موجّهًا – هو شريك في بناء الوعي، لا مجرد ناقل للسلوك.
لقد جاءت السلسلة لتُجيب عن سؤال جوهري:
كيف نربّي إنسانًا في زمن معقّد؟
زمن تتشابك فيه المؤثرات التكنولوجية، النفسية، الثقافية والاجتماعية،
وتتطلب منا تربية عميقة في معناها، مرنة في أساليبها، وصادقة في حضورها.
أما دور المربي اليوم، فأراه تجاوز المفهوم التقليدي للسلطة أو التعليم المباشر،
وبات يقوم على ثلاثية:
الحضور الواعي،
الاحتواء العاطفي،
والمرافقة الفكرية المستمرة.
المربي لم يعُد مجرد مبلّغ للمعلومة، بل هو مُصمّم لمسار النمو، يُنصت، يتأمل، ويُصاحب الطفل في بناء ذاته، دون أن يُلغيه أو يُعيد إنتاجه في قوالب جاهزة.
فنّ التربية اليوم لا يكمن في إدارة الطفل، بل في فهمه…
وفي خلق مساحات يشعر فيها أنه يُرى، يُفهم، ويُنمّى كذات حرة متفردة.

5. مصطلح “التنشئة التكنولوجية” مصطلح جديد وملفت. كيف جاءت الفكرة؟ وهل تعتقدين أن التقنية باتت جزءًا لا ينفصل عن بناء وعي الطفل؟

-ظهر مصطلح “التنشئة التكنولوجية” في كتاباتي كاستجابة معرفية وتربوية لحالة التحوّل البنيوي في بيئة الطفل الإدراكية والنفسية، التي أصبحت مشبعة بالوسائط الرقمية منذ سنواته الأولى.
لم تعُد التقنية مجرد أداة خارجية، بل تحوّلت إلى “بيئة تنشئة قائمة بذاتها”، تؤثّر في اللغة، الإدراك، التفاعل، والتمثلات الرمزية لدى الطفل.
فمن خلال ملاحظتي الميدانية وتفاعلي مع الأسر والمؤسسات، لاحظتُ غياب خطاب تربوي متكامل يؤطّر العلاقة بين الطفل والتكنولوجيا من الداخل، لا من منطق المنع أو السماح فقط.
وهنا تولدت الحاجة إلى تأطير المفهوم نظريًا، تحت عنوان “التنشئة التكنولوجية”، باعتباره مسارًا تربويًا متدرجًا، يُعلّم الطفل كيف يعيش التكنولوجيا بوعي، لا فقط كيف يستخدمها.
في جوهر المفهوم:
“التنشئة التكنولوجية” لا تعني تطبيع الطفل على الاستهلاك الرقمي، بل تعني:
تربية على الوعي داخل البيئة الرقمية،
تدريب على السلوك الآمن والمسؤول،
وغرس لمهارات نقدية تؤهله للتمييز بين الحقيقة والافتراضية.
نعم، أؤمن تمامًا بأن التقنية باتت اليوم عنصرًا بنيويًا في تشكيل وعي الطفل،
لا يمكن عزله عنها، لكن يمكن مرافقته داخلها بطريقة تضمن توازنه النفسي، وتنمّي استقلاليته بدل أن تلتهمها الشاشة.
الطفل المعاصر لا يعيش بين عالمين: رقمي وواقعي… بل يعيش داخلهما معًا،
ومهمتنا كمربين ليست فقط أن “نحميه من الشاشة”، بل أن نُنمّي وعيه داخلها،
كي لا يُصبح مجرد مستهلك سلبي، بل فاعلًا ناضجًا في فضاء رقمي يُعيد تشكيل مجتمعه.

6.حصولك على براءة اختراع لمشروعك في هذا المجال خطوة نوعية. هل لك أن تطلعينا على تفاصيل هذا المشروع؟ وكيف تَرَين علاقة البحث العلمي بريادة الأعمال في العالم العربي؟

-براءة الاختراع التي حصلتُ عليها تمثّل تتويجًا لمسار بحثي وإنساني اشتغلتُ فيه على تقاطع محورين أساسيين:
الوعي النفسي في التنشئة، والتحوّل التكنولوجي في البيئة المعاصرة للطفل.
مشروعي – وهو عبارة عن مؤسسة ناشئة ذات طابع ابتكاري تربوي – يهدف إلى تصميم محتوى رقمي وتفاعلي يُسهم في تعزيز مهارات الوعي الذاتي والذكاء العاطفي لدى الطفل،
عبر بيئة تكنولوجية آمنة، متدرجة، وذات بعد تربوي أصيل.
يرتكز المشروع على ثلاث دعائم أساسية:
1. مضامين رقمية تفاعلية تُنمّي إدراك الطفل لذاته، مشاعره، وحدوده.
2. أنشطة ومواقف تعليمية تربط المهارات الحياتية بالوعي الرقمي.
3. مرافقة للأهل والمربين عبر أدوات إرشادية، تضمن أن تبقى التقنية وسيلة، لا مربيًا بديلًا.
هذا المشروع هو محاولة لسدّ فراغ واضح بين المنتج الرقمي التجاري وبين الاحتياجات النفسية والتربوية الحقيقية للطفل العربي، في سياق محلي يحتاج إلى محتوى أصيل وغير مستورد.
أما عن علاقة البحث العلمي بريادة الأعمال، فأعتقد أن الفجوة بينهما في العالم العربي هي واحدة من العقبات الهيكلية الكبرى.
فالعديد من الأفكار البحثية تبقى حبيسة الأوراق الجامعية، لغياب جسور حقيقية نحو الفعل الاقتصادي والتطبيقي.
رؤيتي هي التالية:
الريادة في المجال التربوي لا تُقاس بعدد التطبيقات، بل بمدى قدرة المشروع على إحداث تغيير فعلي في السلوك والوعي.
ولهذا، أرى أن تحويل البحث العلمي إلى منتج مجتمعي هو من أعلى أشكال الاستثمار في المستقبل، حين يُبنى على احتياج حقيقي، وينطلق من عمق معرفي لا من فراغ تسويقي.

7.نراكِ حاضرة بقوة في الساحة الثقافية والإعلامية، بمقالات ومشاركات لافتة. هل تجدين الكتابة الصحفية والتأملية امتدادًا لبحثك، أم ميدانًا موازِيًا له؟

-في رؤيتي، لا توجد حدود صلبة بين البحث الأكاديمي والكتابة الحرة، بل أراهما مسارين متكاملين يتقاطعان في لحظة الوعي، ويغذي كل منهما الآخر بأسلوب مختلف.
الكتابة الصحفية والتأملية بالنسبة لي ليست انقطاعًا عن البحث، بل هي ترجمة إنسانية وموسّعة لأسئلته، بلغة أقرب للقارئ العام.
هي مساحة أستثمر فيها أدوات التحليل، لكن عبر خطاب مُبسّط، لا ينفصل عن العمق، ويهدف إلى توسيع أثر المعرفة خارج أسوار الجامعة.
وأجد أن هذه الكتابات تتيح لي:
إيصال مفاهيم التنشئة، والوعي، والطفولة، بأسلوب حيّ وتفاعلي،
ومواكبة القضايا التربوية الراهنة كما يعيشها الناس، لا كما تُكتب في المقالات العلمية فقط.
كما أنها تمنحني مساحة لتفعيل النزعة التأملية والوجودية التي أؤمن بضرورتها في الكتابة التربوية،
لأن التربية ليست فقط معادلات ونظريات، بل هي فعل إنساني ينبض بالأسئلة، ويحتاج إلى صوت داخلي يُنصت أكثر مما يُقرِّر.
لهذا، لا أضع فاصلًا قيميًا أو معرفيًا بين المنهجي والتأملي،
بل أراهما ضروريين معًا لصياغة مشروع فكري متكامل، يحمل بعدًا علميًا… وروحًا إنسانية.

8.تميل كتاباتك في بعض جوانبها إلى النزعة الوجودية والروحية. من أين تستمدين هذه الرؤية؟ وهل تعتبرينها حاجة شخصية أم مسؤولية فكرية؟

-هذه النزعة لم تكن اختيارًا منهجيًا بقدر ما كانت ضرورة شعورية وتربوية نضجت مع الوقت.
لقد وجدتُ أن الاشتغال على الطفولة والتنشئة لا يكتمل ما لم نُقارب الإنسان ككائن وجودي يعيش المعنى قبل أن يتعلمه، ويتأثر بالصمت كما بالكلام، ويحتاج إلى من يُرافق روحه لا فقط سلوكه.
النزعة الوجودية والروحية في كتابتي تنبع من قناعة أن:
التربية ليست ميكانيكية،
والطفل ليس مجرد عقل يُدرَّب،
بل هو كائن شعوري-وجداني، يحتاج إلى حضور، إلى تأمل، وإلى مرآة داخلية يُبصر بها ذاته والعالم من حوله.
استمدّ هذه الرؤية من عدة منابع:
من تجربتي الشخصية كقارئة مبكّرة في الفلسفة والوجود الإنساني،
ومن تأثري بأدبيات المفكرين الذين مزجوا بين العلم والروح، كجبران خليل جبران، وأدباء المدرسة الوجودية ذات البعد الإنساني،
وكذلك من معايشتي اليومية لأطفال وأمهات ومربين يسألون أسئلة كبرى بأصوات بسيطة، ويبحثون عن إجابات لا في الكتب فحسب، بل في نظرة صادقة أو لحظة إصغاء.
لهذا، أرى أن هذه النزعة تمثّل في آنٍ واحد حاجة شخصية ومسؤولية فكرية:
حاجة لأن أكتب من داخلي لا من خلف تنظير بارد،
ومسؤولية لأنني أؤمن أن الخطاب التربوي المعاصر بحاجة إلى نَفَس وجودي يُعيد له بُعده الإنساني، ويخرجه من أسر الصيغ الجافة.
حين نفهم الطفل ككائن وجودي، نصير أكثر حذرًا في الكلمات التي نقولها له… وأكثر وعيًا باللحظات التي نغيب فيها عنه.
التربية ليست سلطة… بل صحبة وجودية تتقاطع فيها المعرفة، الرحمة، والحضور.

9.الصوت أيضًا كان لكِ رفيقًا في التعبير. حدّثينا عن تجربتك في التعليق الصوتي والدبلجة، وما الذي جذبك إلى هذا الفن التربوي الإنساني؟

-الصوت، بالنسبة لي، لم يكن مجرد وسيلة أداء، بل امتدادًا شعوريًا وفكريًا لحضوري التربوي.
منذ بداياتي، كنت أؤمن أن للكلمة أثرًا، ولكن للصوت بُعدًا آخر… إنه المساحة التي تعبر فيها المشاعر قبل أن تُصاغ الجمل،
والمجال الذي يمكن من خلاله أن تصل الفكرة إلى الطفل – أو المستمع عمومًا – لا عبر المعنى فقط، بل عبر الإحساس به.
انجذابي إلى التعليق الصوتي والدبلجة نشأ من يقيني بأن الطفل، في مراحله الأولى، يتفاعل مع نبرة الصوت، إيقاعه، ودفئه، أكثر مما يتفاعل مع المضمون المجرد.
الصوت قادر على أن يُربّي، أن يُطمئن، أن يُعلّم، وأن يُحاور الطفل في عمقه،
خاصة حين يكون هذا الصوت واعيًا، مُوجَّهًا، ومُحترمًا لقدرة الطفل على التلقي والانفعال.
مارست هذا الفن بمرجعية تربوية، حيث حرصت على أن لا يكون الأداء الصوتي مجرد تقليد،
بل وسيلة تشكّل الوعي، وتنمّي اللغة، وتُعزز الحس الجمالي والأخلاقي لدى الطفل.
سواءً من خلال حكايات، شخصيات، أو مقاطع إرشادية، كنت أضع دائمًا نصب عيني سؤالًا واحدًا:
> “هل هذا الصوت يضيف شيئًا للطفل… أم يملأ فراغًا فقط؟”
لذلك، أرى أن التعليق الصوتي التربوي ليس فنًا أدائيًا فقط، بل هو فعل تواصلي إنساني،
يستدعي وعيًا بالطفل، بلغة نموّه، وبتأثير كل نغمة على عالمه الداخلي.
الصوت التربوي لا يُلقّن… بل يُرافق.
هو اليد الخفية التي تُمسك بخيال الطفل لتمضي به إلى آفاق أوسع من الكلمات.

10.بصفتكِ امرأة شابة جزائرية، كيف تقيمين حضور المرأة المثقفة والمبدعة في الجزائر؟ وهل ترين أن الفضاء الثقافي العربي منصف لها؟

-الحضور الثقافي للمرأة الجزائرية – لا سيما الشابة – يشهد في السنوات الأخيرة تناميًا نوعيًا لا كميًا فقط، حيث لم تعد المشاركة مقتصرة على التواجد الرمزي أو المناسباتي، بل باتت الكثير من النساء يُنتجن المعرفة، ويُؤسسن خطابًا فكريًا وأدبيًا له خصوصيته وتجذّره.
لكن هذا الحضور، رغم تزايده، لا يزال يُواجه تحديات مزدوجة:
من جهة، البنية المجتمعية التقليدية التي لا تزال في بعض جوانبها تُحمّل المرأة المثقفة أعباء التبرير والشرعية الثقافية المسبقة،
ومن جهة أخرى، التمثلات الإعلامية النمطية التي تروّج لصورة المرأة في أطر ضيقة، بعيدًا عن عمقها المعرفي أو إسهامها الفعلي في الإنتاج الثقافي.
أما في الفضاء الثقافي العربي الأشمل، فلا يمكن القول بوجود “إنصاف” كامل،
بل هناك بعض المنصات التي تحتفي بالمرأة كظاهرة استثنائية، لا كفاعلٍ طبيعي ومستحق في الحقل الثقافي.
وقد تكون هذه النظرة في حد ذاتها شكلًا من أشكال “الإقصاء الناعم”، حين تُعامل الكاتبة أو المفكرة بوصفها حالة خارجة عن المألوف لا جزءًا منه.
من وجهة نظري:
الإنصاف لا يتحقق بتخصيص الجوائز، بل باعتراف المنظومة الثقافية بأن الوعي ليس محكومًا بالجندر،
وأن قيمة الإبداع تُقاس بعمقه، لا بجنس صاحبه.
ورغم كل ذلك، أؤمن أن المرأة المثقفة في الجزائر والعالم العربي تمتلك اليوم رصيدًا معرفيًا ووجدانيًا يؤهلها لصناعة أثر حقيقي،
متى ما وجدت منصات عادلة، ومجتمعًا يُصغي لها بوصفها صوتًا معرفيًا، لا فقط تمثيلًا رمزيًا.

11.في ظل هذا التنوع الذي يميّز تجربتكِ بين الكتابة، التربية، الصوت، والابتكار… ما هو الخيط الناظم الذي يجمع كل هذه الاهتمامات؟ وما الحلم الذي يرافقكِ في الظل؟

-رغم تنوع مجالات اشتغالي ظاهريًا – بين التربية والكتابة والصوت والابتكار – إلا أنني دائمًا ما شعرت أنني أمارس الشيء نفسه بأدوات مختلفة:
كلّ ما أفعله ينبع من سؤال واحد يتكرر في داخلي: كيف نُعيد للإنسان صوته الأول؟ صوته الداخلي؟
سواء عبّرتُ عنه بقلم، بصوت، بفكرة تربوية، أو بمشروع ابتكاري، فإنني أنطلق دومًا من رغبة صادقة في فهم الإنسان من الداخل، ومرافقته نحو نسخته الأصدق.
والخيط الناظم بين هذه المسارات هو:
> “الوعي كقيمة تربوية ووجودية.”
أنا لا أكتب لمجرّد الكتابة، ولا أشتغل على التربية كوظيفة، ولا أؤدي بالصوت لأجل الأداء، بل أسعى لأن أكون، عبر كل هذه المسارات، وسيطًا بين الإنسان وصوته الغائب، بين الطفل ووعيه، بين المربّي وضميره التربوي.
أما الحلم الذي يرافقني في الظل، فهو أن أُسهم – ولو بشكل جزئي – في تأسيس جيل عربي جديد، لا يُكرّر نفسه، ولا ينمو في القوالب الجاهزة، بل يصنع وعيه، ويسائل العالم، ويتصالح مع ذاته.
حلم أن أُحدث أثرًا تربويًا وفكريًا لا يُقاس بالانتشار، بل بعمق ما يوقظه في الآخر.
وأن أستمر في بناء مساحاتٍ تُشبهني، وتُشبه الطفل الذي أراهن عليه، داخل الإنسان… لا فقط خارجه.
ما أفعله ليس تنوعًا… بل تجلّيات متعددة لسؤال واحد:
كيف يمكن للفكرة أن تتحوّل إلى رفقة؟
وللصوت أن يصير حضنًا؟
وللتربية أن تعني “أن نحبّ بوعي”؟

12.ما أبرز التحديات التي واجهتكِ في هذا الطريق؟ وهل كانت هناك لحظات شكّ أو تردّد؟ وكيف تغلّبتِ عليها؟
طريق الاشتغال على قضايا الطفولة والتنشئة – بهذا العمق الإنساني والطرح المعرفي – لم يكن طريقًا معبّدًا.
منذ البدايات، واجهتني ثلاثة تحديات رئيسية:
1. سؤال الشرعية العلمية في عمر مبكّر، حيث كثيرًا ما كان يُنظر إلى إنجازات الشاب/ة بعين من الشك أو التقليل، لا سيما في الأوساط الأكاديمية التي تشترط التجربة الزمنية أكثر من قيمة الطرح.
2. التحرّك في مساحات متقاطعة بين التنظير والميدان، وهو ما تطلّب جهدًا مضاعفًا للحفاظ على التوازن بين الدقة الأكاديمية، والاتصال الواقعي القريب من الناس.
3. إدارة الذات بين الأدوار المختلفة (كاتبة، باحثة، صوت، مبتكرة)، مع الحفاظ على الاتساق الداخلي وعدم الانزلاق نحو الاستهلاك أو التكرار.
نعم، كانت هناك لحظات شكّ، لا في قيمة الفكرة، ولكن في قدرتي على إيصالها وسط عالم سريع، يُعلي من الظهور أكثر مما يُنصت للجوهر.
في بعض المراحل، تساءلت:
> “هل ما أكتبه يصل حقًا؟ أم أن الصمت أعمق من كل هذا الضجيج؟”
لكن ما أنقذني في كل مرة هو الإحساس بأن المسار لا يُقاس بالنتائج السريعة، بل بالصدق في النية والاستمرار.
كنت أعود دائمًا إلى يقيني بأن الفكرة التي تُكتب بمحبة، لا تذهب هباءً.
وأن أثري، حتى إن لم يُقَسّ بالأرقام، فإنه يُقاس بنُضج قارئ واحد فقط تغيّر شيئًا في وعيه.
التحديات لا تختفي… لكنها تكفّ عن إخافتنا عندما نرى في كل عثرة فرصة لإعادة التمركز لا التراجع.
والإيمان بالمشروع، حين يكون أصيلًا، يصبح حبل نجاة داخلي لا ينقطع… مهما ارتبكت الخطوات.

13.أخيرًا، ما رأيكِ في الملتقيات الشعرية والأدبية التي تُعقد في الوطن العربي؟ وبوجه خاص، كيف تقيمين تجربة ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد، كمنصة للحوار والتلاقح الثقافي؟

-الملتقيات الأدبية والشعرية في الوطن العربي تمثّل مساحات حيوية لا غنى عنها، لأنها تحفظ للمشهد الثقافي نبضه الإنساني، وتحميه من العزلة والجمود.
وفي زمن التشتت الرقمي، أصبحت هذه اللقاءات ضرورة وجدانية ومعرفية، تعيد للمبدعين لحظة الإنصات الحقيقي، خارج صخب المنصات العابرة.
أقدّر كثيرًا الجهود التي تُبذل لإقامة هذه الفضاءات، لأنها لا تجمع النصوص فقط، بل تجمع الذوات، والرؤى، والانشغالات المختلفة، ما يخلق بيئة للتلاقح الثقافي واللغوي والفلسفي بين المشاركين.
أما بالنسبة لـ ملتقى الشعراء العرب، الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد، فأراه نموذجًا جادًا لمنصة ثقافية عربية:
تستقطب الأصوات الأصيلة والجديدة على حد سواء،
وتؤمن بأن الشعر ليس ترفًا لغويًا، بل خطاب وعي وذوق وموقف،
وتُتيح للمشاركين ليس فقط عرض نتاجاتهم، بل أيضًا التحاور حولها، وهو ما نفتقده في كثير من المنصات التي تكتفي بالعرض دون تفاعل.
ما يميّز هذا الملتقى في رأيي، هو:
المرونة والانفتاح الفكري،
الحرص على التنوع الجغرافي والتجريبي،
والجدّية في البناء الثقافي، بعيدًا عن النخبوية أو الاصطفاف. الملتقيات الحقيقية لا تُقاس بعدد المشاركين، بل بكمّ النور الذي تتركه في الوعي الجمعي.
و”ملتقى الشعراء العرب” – كما تابعته – يُعيد للأدب العربي معناه التفاعلي والملتزم، ويجعل من القصيدة جسرًا لا جدارًا… ومن الشعر مساحة للحوار لا للتباهِي.

حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف

مشاركةTweetPin
المنشور التالي
السفارة الأردنية بالمغرب تحتفي بالشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة وكتابها 25عاما من الشعر الأردني الفصيح

السفارة الأردنية بالمغرب تحتفي بالشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة وكتابها 25عاما من الشعر الأردني الفصيح

آخر ما نشرنا

السفارة الأردنية بالمغرب تحتفي بالشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة وكتابها 25عاما من الشعر الأردني الفصيح
أخبار

السفارة الأردنية بالمغرب تحتفي بالشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة وكتابها 25عاما من الشعر الأردني الفصيح

يونيو 29, 2025
5

أقامت السفارة الأردنية في المملكة المغربية، حفل استقبال رسمي بمقرها في العاصمة الرباط، احتفاء بإشهار الكتاب التوثيقي “25 عاماً من...

اقرأ المزيد
الكاتبة الجزائرية جيهان زينب ناعم لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

الكاتبة الجزائرية جيهان زينب ناعم لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

يونيو 28, 2025
28
كهنة الثقافة وآلهة الفكر د. منى حلمي

كهنة الثقافة وآلهة الفكر د. منى حلمي

يونيو 28, 2025
4
النفق /نقية هاني

النفق /نقية هاني

يونيو 28, 2025
26
الإستمرار /زينة الجانودي

الإستمرار /زينة الجانودي

يونيو 28, 2025
19
  • الأكثر شعبية
  • تعليقات
  • الأخيرة

ليل القناديل /مريم كدر

يناير 15, 2024
ومضات /رنا سمير علم

رنا سمير علم /قصور الروح

أغسطس 11, 2022

ومضة /رنا سمير علم

أغسطس 11, 2022

الفنانة ليلى العطار وحوار مع أسرتهالمجلة أزهار الحرف /حوار مي خالد

أغسطس 23, 2023

ومضة

ومضات

زمن الشعر

عطش

السفارة الأردنية بالمغرب تحتفي بالشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة وكتابها 25عاما من الشعر الأردني الفصيح

السفارة الأردنية بالمغرب تحتفي بالشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة وكتابها 25عاما من الشعر الأردني الفصيح

يونيو 29, 2025
الكاتبة الجزائرية جيهان زينب ناعم لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

الكاتبة الجزائرية جيهان زينب ناعم لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

يونيو 28, 2025
كهنة الثقافة وآلهة الفكر د. منى حلمي

كهنة الثقافة وآلهة الفكر د. منى حلمي

يونيو 28, 2025
النفق /نقية هاني

النفق /نقية هاني

يونيو 28, 2025

الأكثر مشاهدة خلال شهر

شعر

هل لفتت انتباهك ؟ماريا حجارين

يونيو 10, 2025
228

اقرأ المزيد

رغم فوات الأوان /ماريا حجارين

يونيو 16, 2025
215
ميثولوجيا الجنوب: قراءة تأمّليّة في “مكيال اللبن” ل تيسير حيدر  بقلم الباحثة: ليندا حجازي

ميثولوجيا الجنوب: قراءة تأمّليّة في “مكيال اللبن” ل تيسير حيدر بقلم الباحثة: ليندا حجازي

يونيو 20, 2025
171
خذلان ناعم في زمن متحضر /منار السماك

خذلان ناعم في زمن متحضر /منار السماك

يونيو 23, 2025
131
شاعرة المحبة والسلام الأستاذة  نيناليس عفان من الجزائر Nina lys Affane femme de lettres d’Algerie. __  Poème: Paix السلام

شاعرة المحبة والسلام الأستاذة نيناليس عفان من الجزائر Nina lys Affane femme de lettres d’Algerie. __ Poème: Paix السلام

يونيو 26, 2025
91
جميع الحقوق محفوظة @2022
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أسرة التحرير