بلادٌ ما بها مطر
✍️ سعيد إبراهيم زعلوك
بلادٌ ما بها مطر،
ولا للريحِ فيها نغمة،
ولا ظلٌّ على الطرقاتِ يشبهُ الحنين.
كلُّ ما فيها
قلبٌ يابس،
وسماءٌ مغلقةٌ كزنزانةٍ لا نافذةَ لها.
بلادٌ
مرَّت عليها الغيماتُ
خائفاتٍ من أن تمطر،
فانكفأنَ إلى جهةٍ أخرى،
كأنّها استحت أن تروِي صحراءَ لا تُنبتُ شكرًا.
فيها
الناسُ يمشونَ بلا ظلّ،
كأنّهم اعتادوا ألّا يروا أنفسَهم،
وأن يستعيروا وجوهًا
من ذاكرةٍ فقدت ملامحها.
بلادٌ
تتكسرُ فيها الأشجارُ من فرطِ الصمت،
وتنزفُ النوافذُ من الحنينِ لوجهٍ لا يمرّ،
ويغفو فيها العيدُ
في درجٍ قديمٍ
تسكنهُ الفئرانُ والأدعية المنسية.
فيها
تشرقُ الشمسُ كأنها موظّفة،
تؤدّي واجبًا لا تؤمنُ به،
والقمرُ
يعتذرُ عن الحضورِ كثيرًا،
مذ خجلَ أن يُضيءَ فراغًا لا أحدَ يُبصره.
بلادٌ
إن نطقتْ،
باحتْ بطولِ خذلانها،
وإن بكتْ،
غرقتْ في صمتٍ
أشدُّ وجعًا من البكاء.
بلادٌ
ما بها مطر،
ولا سؤالٌ يُسائلُ الغيمَ:
لمَ انحنى فوقنا ولم يهطل؟
ولا صلاةٌ تفتحُ بابَ الرجاء،
ولا قلبٌ يُهيّئُ صدرهُ للعناق…
وأنا فيها،
أتحسسُ جرحي كلَّ صباح،
أعدّ أيامَ الغيابِ كما يعدّ الفقيرُ قروشه،
أنتظرُ غيمةً
تشبهُ ملامحَكَ،
تشبهُ يدكَ حين تمسحُ على رأسي…
أو حينَ تمطرُني بكلمة:
“اشتقتُ إليك”.