مصر… عروس العروبة
ليلى بيز المشغرية
مصرُ…
يا نبضَ هذا القلب،
يا وهجَ فجرٍ لا ينام،
يا تاجَ مجدٍ من زرقةِ النيلِ
يعلو جبينَ الزمان.
أنتِ القصيدةَ حين تُتلى على ضوءِ الكرامة،
والحُلمَ حين ينهض من رمادِ الخوف.
يا أرضَ مَن علَّمتِ الشمسَ أسرارَ الشروق،
وفتحتِ للضوءِ أبوابَه كي يُقيمَ في العيون.
فيكِ تتشابكُ المآذنُ والكنائس،
كأنَّ الدعاءَ يخرجُ من قلبٍ واحدٍ،
صوتًا واحدًا،
يتّحدُ في سماءٍ واحدة،
فتصيرينَ صلاةً ممتدّةً من الروحِ إلى الأبد.
يا سيّدةَ الجهاتِ الأربع،
يا أمَّ الحضاراتِ العريقة،
كتبتِ اسمَكِ على وجهِ التاريخ
بمدادٍ من صبرٍ ونار،
وشيّدتِ من آهاتِ الشهداءِ
قُبّةً للكرامة.
لم تنحنِ لكِ الرياح،
بل مرّتْ على جدائلِكِ فانحنت،
فأنتِ النخلةُ العالية،
الأمُّ التي إذا عطشتِ الأرضُ
أرضعتْها من نيلِها.
من بين أوراقِ ربيعِكِ
خرجَ وجهٌ يُشبهُ الفجر،
وصوتٌ يجيءُ من البحر،
عبدُ الناصر…
ابنُكِ الذي صاغَ الحُلمَ عَلَمًا،
ونقشَ في الذاكرةِ معنى العروبة،
فصارَ صوتُه خفقًا في كلِّ قلبٍ عربيٍّ،
ورنينًا من ماضٍ يعودُ بلا انتهاء.
مصرُ…
يا مَن إذا حَزِنَت الأوطانُ
جاءتْ إلى صدرِكِ تستريح،
ويا مَن إذا تاهَ العاشقون
عادوا إلى نيلِكِ ليغتسلوا بالحنين.
ستبقينَ الأغنيةَ التي لا تُمحى،
والحُلمَ الذي كلّما أُجهِضَ عاد،
ينبضُ في رحمِ الغد.
وكلّما ناداكِ ابنٌ من أبنائِكِ
أجبتِ بصوتٍ يُشبهُ الفجرَ
حينَ يولدُ من العتمة:
أنا هنا…
أنا العروبة.