على مشارف الأمل
للشاعرة غادة الحسيني.
يأتي ديوان «على مشارف الأمل» (2025، بيروت) للشاعرة اللبنانية غادة الحسيني ليشكّل إضافةً أنيقةً في المشهد الشعريّ اللبنانيّ والعربيّ، في زمن شعراء التواصل الاجتماعيّ.
غادة شاعرةٌ تهمسُ وكأنّها تُصلي، تكتبُ بحبر الدموع القلبيّة وبمرارة الفقد فالرجاء.
للشاعرة غادة الحسيني لغة وجدانيّة، غنيّة بالرموز الوطنية والعاطفيّة والإنسانيّة،
مبنيّة على حبّ الوطن وبيروت، والوفاء للزوج والحبيب ولو غاب.
أمّا الجدة فتكتبُ لحفيدها “كَيان ” بأوراق الربيع لتُزهر وروداً في عمره الصغير.
غادة الأنثى إحدى شاعرات لبنان، تبحث عن معنى الوجود، عن حبيبٍ غادر وعن عمرٍ مَرَّ بمرارة الموت.
لها رؤية خاصة بالتعبير عن كل تجربة إنسانيّة مرّت بها، ففتحت لها باب الحِبر على مصراعيه.
تكتب بإحساسٍ متفرّد وتجمع زاد الأمل فيُمطر حبّاً وراحة للقارىء، على الرغم من الحزن.
تزرع الحرف ذهاباً وإياباً في ربيع القصيدة بصدق المشاعر.
تتخذ الشاعرة من بيروت رمزاً للوطن، ليس الجغرافيا بل الكائن الذي يختزن الألم والخلود.
تُتقن شاعرتنا كيف تكتب تاريخ الأدب العربي بتوظيف أسماء رموزه الكِبار.
تتنوّع القصائد بين الشعر الحرّ وقصيدة النثر بالإضافة إلى الومضات في نهاية الديوان، ما يمنح النصّ تنوّعاً إيقاعياً يشكّل وحدةً موسيقيّة داخلية، قائمة على التكرار والتموّج اللفظي.
لغة الحسيني شفافة ومجازية، تمنح كل قصيدة موسيقى داخلية تتماوج فيها شبكةٌ من الصور الرمزية والحسية فتبعث الحياة داخل النص : الضوء، البحر، المطر، النافذة، العيون…
تُحوّل الحبّ إلى كونٍ تكتملُ به القصيدة.
وفي حضرة الغياب تُلامس فلسفة التأمل بلغةٍ هادئة تُحوّل الحزن إلى جمال لغويّ فيصمت الكون ويحضر طيفه (زوجها رشيد).
في حبر غادة تتجلّى المرأة، تلك الأنثى، في صورة العاشقة لتُبدع ولا “تشيخ” تلك الأنثويّة الشابة الحرّة.
وفي قصائد الطفل “كيان ” رؤية وجودية ناضجة ترى في حفيدها بذرة الخلاص وولادة جديدة لحياة تجعل من رماد الألم أملاً ورجاء ومن الحزن سطراً من سطور الحياة ومن بيروت جرحًا يحمل وجع الوطن.
تنفعل غادة لكنّها لا تتصنّع، لأنّها كما هي في الحياة، صادقة صاحبة وجهٍ واحد وقلم واحد تُطرّز الدهشة وتمزج الصور الشعرية لتُقارب العاطفة بلون الحبر.
فبذلك تترنّح الشاعرة بين الظلّ والضوء فتُرسّخ صوتاً شعرياً نسائياً عاطفيّاً واعياً يعكس مرحلةً انتقالية عميقةً لتجود بلغةٍ عربية أنثويّةٍ، تبحث عن الضوء في زمن الخراب وعن النهوض من تحت الرماد كطائر الفينيق.
تكتب غادة الحسيني بوجعٍ عميق فتجعل من قصيدتها جسراً بين الذات والوطن، بين العشق والفقد، بين الموت والحياة.
«سنحيا، لكننا سنحيا،
لأن قلوبنا ترفض أن تموت قبل أوانها.»
هنيئاً لنا ولكِ بهذا الديوان الذي أسعدتني قراءته كثيراً وشكراً لكِ على هذه الهدية القيمة وعلى هذا الجمال الأدبي الراقي.
أتمنى لك المزيد من الكتابة والإبداع.
محبتي وتقديري لكِ
رنا علم
٨/١٠/٢٠٢٥