وَجعٌ يتوهّج
(مرثيّةٌ لأخي الذي رحل، وانتظارٌ لأخي الذي اختُطف قسرًا منذ أعوامٍ طويلة)
ترسم هذه القصيدة وجعًا لا يُمحى،
صمتًا يصرخ بصدى الأرواح المعلّقة،
ونِداءً لا ينطفئ في القلب، رغم كل السنين.
من بوحِ الفقدِ
إلى الذين لا يعودون،
إلى الذين ننتظرهم،
إلى روحٍ ما زالت تُطرِّز قلبي كلَّ مساء…
تلك السهوبُ الهائمةُ في الشَّفَق،
تَمتدُّ كأنّها ذاكرةٌ فَقَدت ظِلالَ الأسماء،
تَمشي الريحُ فيها عاريةً،
تَحمِل أنينَ الأغصانِ التي نسِيَت المطر،
وتَرقصُ بينَ طيّاتِ الغَيمِ نَشوةَ التيهِ.
هناك…
يَنزِفُ اللونُ من قلبِ زهرةٍ لم تُولَد،
ويَهمِسُ الليلُ:
كُلُّ مَن مرَّ هُنا، نَسي شيئًا، ولم يَعُد.
وَحدَها الرمالُ تَحفَظُ آثارَ مَن غابوا،
نِصفَ حُلم،
وشيئًا يُشبهُ ضِحكةً انكَسَرَتْ على أَطرافِ الوقت.
كلُّ زَفرةٍ وجعٌ،
والوَجعُ مِشكاةٌ تُضيءُ بالألم.
كم مرّةٍ نادَتِ الأرضُ أسماءهم؟
كم مرّةٍ بَسَطَتْ لهم السماءُ ظِلَّها، فلم يلتفِتوا؟
الفَراغُ هنا ليسَ صمتًا،
بل صوتُ مَن لا يَعودون.
أعيدُ ترتيبَ وجعي،
وأرثيه،
أعيدُ ترتيبَ وجعي وأنتظِرُه،
ولا أنتهي.
بدرية دورسن